حـكــى أريـبٌ عــاقــــلُ //// لكل فضلٍ ناقــلُ
عــن سرب طيـرٍ ساربِ //// مـن الحمامِ الراعبِ
بكّــر يــومـاً ســحــــراً //// وسـار حـتــى أصحرا
فـي طـلبِ الــمـعـاشِ /// وهــو ربـيـطُ الــجـاشِ
فأبــصـروا عـلـى الــثرى //// حـباً مـُنـقـى نـُثـِّرا
فأحــمــــدوا الـصـبـاحــا //// وأستـيـقـنــوا الـنجاحا
فأسـرعـوا الـــــيــــهِ //// وأقـبـــلـوا عـلــيــهِ
حـتــى اذا مـــا أصــطـفوا //// حِــذائـهُ أسفـّــوا
فصــاح مـنـهـم حــازمُ //// لـنـصـحـهــم مـلازمُ
مهـلاً فـكــم مـن عـجـله /// أدنـت لـحـيٍ أجـلـه
تمــهلـوا لا تــــقـعــــوا /// وأنـصـتـوا لـي وأسمعوا
آلـيـتُـكـم بــالــــــربِ //// مــا نـثــرُ هــذا الـحــبِ
فــي هــذهِ الــفــلاتي //// الا لـخـطـبٍ عــاتــي
أنــي أرى حـبـــالاً //// قـد ضُـمِـنـّت وبــــالاً
وهـــذهِ الــشبــــــاكُ //// فــي ظـلــهـا هـلاكُ
فـكابــــدوا المــجـــاعــه //// وأنـتـظـــرونـي ساعـه
حـتــى أرى وأختــبــــر //// والفـوزُ حـظُ المـُصـطـبــر
فأعــرضـوا عـن قــولـــه /// وأستـضـحـكـوا مـن حوله
قـالوا وقــد خـطّ الــقــدر /// للسـمـع مـنـهـم والـبصر
ليـس عـلى الـحـق مـِِرى //// حــبٌ مـُعـّدٌ للــقـِرى
أُلـقـى فـي الـتـرابِِ //// للأجــرِ والـثـوابِ
مـا فـيـه مـن مـحــذورِ //// لـجـائـعٍ مــضـرورِ
أُغـدوا عــلى الــغــداءِ //// فـالـجــوعُ شــرُ داءِ
فســقطـوا جـمـيـعــاً //// للـقـطـــه سريـعــاً
ومـا دروا أن الــردى //// أكمـنُ فـي ذاك الـغدى
فـوقـعــوا في الشـبكة //// وأيـقـنــوا بالـهلــكة
ونـدمـوا ومـا الـنـــدم //// مـُجـــدٍٍ وقـد زلّ القدم
فأخـذوا فــي الخـبـطِ //// لـحلِّ ذاك الــربطِ
فالــتـوت الشــبـــاكُ //// والـتـقــت الأشــراكُ
فقـال ذاك الـنــاصــح //// مـا كُـل سعـي نـاجح
هـذا جـزاءُ مـن عصى //// نـصـيـحـهُ وأنـتـقـصى
للـحــرصِ طـعــمٌ مـُر //// وشـره شـمـِـــرُّ
وكــم غـدت أُمنــيـــة //// جــالـبــةً منـــيــّـة
فقــالت الــجــمــاعــه //// دع الـمـلام السـاعه
ان أقـبـل القنـاصُ ///// فـمـالنا مـنــاصُ
والفِـكـرُ في الـفــكـاكِ //// من ورطـةِ الهــلاكِ
أولــى من الـمـــلامِ //// وكـثــرة الكـلامِ
وما يـفـيــدُ الـمـــاحي //// فـي القـدرِ الـمُــتاحي
فأحتــل على الخــلاصِ //// كحـيـلةِ ابن الــعاصٍِ
فـقــام ذاك الـحــــازم //// طــوعـاً نصـوحِ لازم
فان أطـعتــم نُـصحـــي //// ظـفـرتمـــوا بالـنُـجحــي
وان عـصيــتــم أمــري //// خـاطرتمــــوا بالـعـُــمــري
فقــال كلٌّ هاتــي ///// فـكـــرك بالــنــجــــاتي
جـــميــعـنــا مُـــطيعـــوا //// وكُـــلـنا سمــيـعـوا
ولـيـس كــلَّ وقـتـــي //// يــزولُ عـقـلُ الـثـبـتـــي
فقـال لا تـحــركــــوا //// فتـســتـمـر الشـبــكو
وأتـفـقــوا فــي الـهـــمـة //// لهــذه الـمُـلِمـّــة
حتـى تطـيــروا بالشـبـــك //// وتــأمنــوا من الـدرك
ثُـم الخــلاصّ بـعــــدُ //// لكــم علــيّ وعــــدُ
فـقــبـلوا مــا قــاله //// وأمـتــثــلوا مـا قـالـــه
وأجتمــعــوا في الـحــركة /// وأرتفــعــوا بالـشــبكة
فـقــال سيـــروا عــجــلا //// سيــراً يفــوتُ الأجــلا
ولا تمـلّـــوا فالـمـــــلل //// يعــوقُ فالــخــطــبُ جــلل
فأمــّـهـم وراحـــــوا //// كــــأنهــــم ريـــــاحو
وأقــبــــل الـحــبـّـــالُ //// فــي مشــيــهِ يـخــتــالُ
يحـســبُ أن الـبـــركــة //// قـد وقـعــت في الشبكة
فأبصــر الــــحـــمــــاما //// قــد حـلّـــقـت أمـاما
وقــلـّــت الـحــبــالـــه //// وأوقـعـــت خـبـــالــه
فـعـّــض غـيــظُ الـكِــفـّـه //// عـلـى ذهـاب الـكَــفّـة
فــراح يـعــدو خــلـفـــهـا //// يــرجــوا اللـحــاق سـفـهـا
حـتــى اذا ما آيـسـا /// عـــاد وهــو مُبــتـئــسا
وأقـبــل الـحــمـــامُ //// كــــأنـــهُ غـمـــــامُ
عـلــى فــلاةِ الـقـــفــر /// مـن الأنـــامِ صـفـــر
فـقــالت الـحـمــامـــه //// بـُــشراكـم الـســـلامة
هــذا مـقــامُ الأمــــنِ //// مـن كـلِ خـوفٍ يـعــنــي
فـان أردتــم فقـعــوا //// لا يـعــتـريكم فزعــــوا
فــهـذي الـمــومــاتُ //// لنـــا بـــهـا الـنـــجاتُ
ولــي بـهــا خـلـيــلُ //// احســـانـه جـمــيـــلُ
يـنــعــمُ بالـفـكــــاكِ /// مـن ربــطــة الـشبــــاكِِ
فــأقبـــلوا اليـهــــا //// ووقـعـــوا علــيــــها
فـنـــادت الـحــمـامـــه //// أقـبـِــل أبا أُمـــامـــه
فــأقبـلت فــويــــــرة //// كـــأنــهــا نــويـــــرة
تـــقـولُ مـن يـنــــادي //// أبـي بــهذا الـــوادي
قـال لـها الــمـطــــوق //// أنـــا الـخــليـــلُ الشيــق
قـــولي لــه فـلـيــخـرجي //// وآذنـيـــه بالـمـجـــئ
فـــرجعــــت وأقـبــلا //// فــــأرٌ يـهــزُ الـجـــبــــلا
فــأبصــر الـمــطـــوقا //// فضـــمـّـه وأعـتـنــقــا
وقــال أهــلاً بالـفـتــى //// ومـرحبــا بـمن أتـــى
قـدمت خـيــر مـقــــدمِ //// عـلى الصـديــقِ الأقدمـي
فـأدخـل بـيـُـمـنٍ داري //// وشــرّفـن مــقـــداري
فـقـال كـيــف أنـعــمُ /// أم كـيــف يهنأ المـطـعــمُ
وأُســـرتـي فـي الأسـرِِ //// يشـكون كُـــل عُــسرِِ
فـقـال مُـــرنـي أئتـــمر //// عِـــداك نـحـسٌ مُــسـتـمر
قــال اقـرض الـحـبــالــه /// قرضــــاً بلا مـلالــــه
وحُـــلّ قيـــد أســـرهــم //// وفُــكـهـم مـــن أسرهم
قــالت أمــرتَ طــائعــاً //// وخــــادمــاً مُطـــاوعـــا
فـقـــرض الـشــبــاكا //// وقـطــع الأشراكــا
وخـلّـــص الـحــمـاما //// وقــد رأى الحِــمـــاما
فــأعلنـــوا بـحــمــده //// وأعــتــرفوا بـمــجـــده
فقـــال قـــرّوا عـيـنـــا //// ولا شكـــوتــم أيـنا
وقــدم الـحـبــوبــا //// للأكـــل والمشـــروبـــا
أضــافهــــم ثــلاثـــا /// مــن بعد ما أغــاثــــا
فقال ذاك الخــــل ُ /// الخيــرُ لا يــُمـــلُّ
فــُقــت أبــا أُمــامـــه //// جــوداً على أبــن مــامـــه
وجئت بالصداقــــه //// بالصــدق فــوق الطــاقـــه
األبســتـنــا رطاقـــا //// وزدتنــــا أطـــواقا
بـفــعــلك الـجـمـيــلِ //// وفـضـلك الــجزيـــلِ
مـثـلك مــــــن يـُــدخرُ //// لـــريبِ دهــرٍ يـُــحـــذرُ
وتـــرتـجـيــه الصحـــبُ //// ان عــمّ يومــاً خـطــبُ
فـــائــذن بالأنــصرافِ //// لـنــا بلا تـجـــافـــي
دام لك الانــعـــامُ //// مــا غـــرّد الحمـــامُ
ودُمــت مشـكـور الـنـعم ///// مـــا رنّ شاديٍ بـنــغم
فقـــال ذاك الـفـــارُ //// جفـــا الصديــقِ عــارُ
ولســتُ أرضـــى بـعـدكم /// لا ذقـتُ يـومـاً فقــدكم
ولا أرى خـلافــكــم //// أن رمـتــم أنصرافـكــــم
عـمــتـّـكم السلامـــة //// فـي الـبُـعد والاقــــامة
فــودعوا وأنصـــرفوا / /// والـدمــعُ مـنـهم يـــذرفوا
فــأعجـــب لهذا المـثــلِ //// الـمـُــغـــرد الـمـؤ ثَـــلِ
أوردتــــه لـيُــحتـــذى //// اذا عــرا الـخــلُ أذى