قال الشيخ سليمان بن ناصر العلوان في كتابه القول الرشيد في حقيقة التوحيد
(( فصل ))
اعلم أن المذاهب المخالفة لمذاهب السلف
في باب الأسماء والصفات : كالمعتزلة ، والجهمية ، والأشاعرة ، والماتريدية ، والإباضية
، والمفوضة كثيرة جدا ، وأكثر هذه المذاهب الضالة شيوعا مذهب الأشاعرة ، وكثير من
كتب التفسير والحديث والأصول تمتلىء به .
وكثير من أتباع هذا المذهب يسمون أنفسهم أهل السنة والجماعة فكثيرا ما يرد في
عبارات بعض علماء الأشاعرة : (( اتفق أهل السنة )) ، و (( هذا مذهب أهل السنة
والجماعة )) ، ويعنون بذلك مذهب الأشاعرة
.
والأشاعرة ليسوا في عداد أهل السنة
الجماعة ، لا في باب الأسماء الصفات ، ولا في كثير من أبواب العقيدة ، إنما هم في
عداد أهل الفرقة والضلالة ، وفيهم أيضاً ، أو في أكثرهم : إرجاء ، وجبر، وشيء من
التجهم .فإنهم يوافقون الجهمية في كثير من أصولهم .
ومن زعم أن الأشاعرة من أهل السنة و
الجماعة ؛ فهو إما جاهل بمذهب السلف وحقيقتة . فهذا يجب عليه أن لاَ يقف ما ليس له
به علم ، فإن الكلام بلا علم جهل وضلال . وإما صاحب هوى ، وباطل ، يجادل بالباطل
ليدحض به الحق .
وكيف
يكونون من أهل السنة والجماعة ومصدر التلقي عندهم في باب الأسماء والصفات ، وكثير
من أبواب العقيدة هو : العقل ؟! وقد صرح كثير من أئمتهم أنه إذا تعارض النقل
والعقل ؛ يقدم العقل . وهذا معلوم لمن عنده معرفة بمذهب القوم . مع أن التعارض بين
النقل والعقل لا يمكن على المذهب الصحيح فإن العقل الصحيح يوافق السمع الصحيح ولا
يخالفه ، وإن جاء ما يوهم ذلك : فلفساد العقل أو لعدم صحة النقل .
وكثير
من أهل البدع يبتدعون بدعا ، ويدعون أن العقل دل عليها . كما يفعل ذلك الأشاعرة
وغيرهم .
فلذلك
ينبغي التنبه إلى أن العقل لا يستقل وحده أبدا بإثبات أصل من أصول العقيدة أو
الأحكام .
وقد
ضل كثير من أهل الكلام الفلاسفة والأشاعرة وغيرهم في تأسيس دينهم على العقليات
التي تتجلى لهم دون ميزان شرعي ، وما ضل من ضل إلا بتقديم العقل على النقل .
والأشاعرة
أيضا لا يثبتون لله إلا سبع صفات : الحياة ، والعلم ، والكلام ، والقدرة ،
والإرادة ، والسمع ، والبصر . ومنهم من يثبت صفة اليد لله تعالى ، وأكثرهم على
نفيها . وما أثبته الأشاعرة من هذه الصفات السبع حجة على ما نفوه . فلا يأتون
بدليل يدل على نفي ما عدا السبع إلا كان دليلا يستدل به على نفي السبع ، ولا يأتون
بدليل يدل على إثبات الصفات السبع إلا كان دليلا على إثبات ما عداها .
وإثبات
الأشاعرة لسبع صفات ، ونفي ما عداها : من أقوى الأدلة ، وأكبر البراهين على ضلالهم
، وفساد عقولهم ، وتناقضهم ، واضطرابهم .
فإذا
بطل قولهم ، واستبان تناقضهم في إثبات سبع صفات دون ما عداها ، لم يبق إلا إثبات
جميع ما وصف الله به نفسه ، أو وصفه به رسوله محمد - r - مما صحت به الأحاديث ، كما عليه سلف الأمة وأئمتها ، وترك
السفسطة والتحريف والتأويل الفاسد .
والأشاعرة
وغيرهم من أهل البدع : يدعون النصوص الصريحة التي توجب العلم ، ويعارضونها بترهات
وشبه تورث الشك ، وهي في غاية من الضعف والاضطراب .
فسبحان
من أضلهم ، وأعمى قلوبهم ، فلا يفقهون الحق ، ولا يعونه : }كَذَلِكَ
يَجْعَلُ اللّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ {الأنعام125
.
وبُعْدُ
مذهب الأشاعرة عن مذهب السلف أمر لا يخفى على طالب علم ، فضلا عن عالم عرف حال
القوم . وخطورة مذهبهم على العقيدة السلفية فوق ما يخطر ببال الكثير . وقد بينت
شيئا كثيرا من خطورتهم على العقيدة في مصنف مستقل يسر الله إتمامه يتضمن تنبيه أهل
الإيمان على خطورة تعليقات وتحقيقات واختصارات بعض المعاصرين على كتب السلف ،
فإنهم اتخذوا الاختصارات وغيرها سلما لبث بدعهم وضلالهم : إما في صلب الكتاب ، كما
يفعل ذلك الصابوني : الذي اتخذ اختصار الكتب سبيلا لنشر مذهب الخلف في كتب السلف .
وقد أتيت على بنيان اختصاراته وكتبه من القواعد ، وبينت ما فيها من الأوابد في
كتابنا المشار إليه آنفا . وإما في الحواشي مع استعمال المخادعة في بث البدعة .
فتجدهم يعزون القول المبتدع إلى بعض المتقدمين من المتكلمين ، أو غيرهم ممن قوله
يوافق مذهبهم حتى لا ينكشف أمرهم . وكل هذا سوف استخرجه – إن شاء الله – من كتبهم
وتعليقاتهم على كتب السلف ، فإن تنقية العقيدة وكتب السلف من تلاعب الخلف ، -
ونعني بالخلف : أهل البدع – أمر مهم تشتد إليه الحاجة في هذا الزمان ، وهو من أفضل
الجهاد في سبيل الله ، إذ الوقوف في نحور أهل البدع ، وكشف عوراتهم ، وبيان
طرائقهم ومكايدهم ومناهجهم : جهاد من أفضل الجهاد .
نسأل
الله الإخلاص في القول والعمل ونعوذ به من أهل الغل والحسد والافتراء .