في هذا خلاف بين العلماء فمنهم من يقول : إنها آية من الفاتحة ، ويقرأ بها
جهراً في الصلاة الجهرية ، ويرى أنها لا تصح إلا بقراءة البسملة لأنها من
الفاتحة ومنهم من يقول : إنها ليست من الفاتحة ولكنها آية مستقلة من كتاب
الله وهذا القول هو الحق ودليل هذا : النص ، وسياق السورة .
أما النص :
فقد جاء في حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال :
( قال الله تعالى : قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين : إذا قال : ( الحمد
لله رب العالمين ) قال الله تعالى : حمدني عبدي ، وإذا قال : ( الرحمن
الرحيم ) قال الله تعالى : أثنى علي عبدي ، وإذا قال : ( مالك يوم الدين )
قال الله تعالى : مجدني عبدي ، وإذا قال ( إياك نعبد وإياك نستعين ) قال
الله تعالى : هذا بيني وبين عبدي نصفين ، وإذا قال : ( اهدنا الصراط
المستقيم ) قال الله تعالى : هذا لعبدي ولعبدي ما سأل ) ، وهذا كالنص على
أن البسملة ليست من الفاتحة ، وفي الصحيح عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال :
( صليت خلف النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر ، وعمر ، فكانوا لا يذكرون (
بسم الله الرحمن الرحيم ) في أول قراءة ولا في آخرها ) والمراد لا يجهرون
والتمييز بينها وبين الفاتحة في الجهر وعدمه يدل على أنها ليست منها .
أما من جهة السياق من حيث المعنى :
فالفاتحة سبع آيات بالاتفاق ، وإذا أردت أن توزع سبع الآيات على موضوع
السورة وجدت أن نصفها هو قوله تعالى : ( إياك نعبد وإياك نستعين ) وهي
الآية التي قال الله فيها : ( قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين ) لأن (
الحمد لله رب العالمين ) واحدة ( الرحمن الرحيم ) الثانية ( مالك يوم الدين
) الثالثة ، وكلها حق لله عز وجل ( إياك نعبد وإياك نستعين ) الرابعة يعني
الوسط وهي قسمان : قسم منها حق لله ، وقسم حق للعبد ( اهدنا الصراط
المستقيم ) للعبد ( صراط الذين أنعمت عليهم ) للعبد ( غير المغضوب عليهم
ولا الضالين ) للعبد .
فتكون ثلاث آيات لله عز وجل وهي الثلاث الأولى ، وثلاث آيات للعبد وهي
الثلاث الأخيرة وواحدة بين العبد وربه وهي الرابعة الوسطى .
فالصواب الذي لا شك فيه أن البسملة ليست من الفاتحة كما أن البسملة ليست من
بقية السور .
ابن عثيمين
ابن عثيمين