بسم الله الرحمن
الرحيم
ذكر العلماء لكلمة
الإخلاص شروطا سبعة ، لا تصح اٍلا اٍذا اجتمعت ، و استكملها
العبد ، و التزمها بدون مناقضة لشيء منها ،و ليس المراد من ذلك
عد ألفاظها و حفظها ، فكم من حافظ لألفاظها يجري فيها كالسهم ، و
تراه كثيرا في ما يناقضها ، و هذه الشروط هي :ـ
ـ1ـ
العلم:ـ
و المراد به العلم
بمعناها نفيا و اٍثباتا ، و ما تستلزمه من عمل ، فاٍذا علم العبد
أن الله عز وجل هو المعبود وحده ، و أن عبادة غيره باطلة و عمل
بمقتضى ذلك العلم فهو عالم بمعناها ، و ضد العلم الجهل ، بحيث لا
يعلم وجوب اٍفراد الله بالعبادة ، بل يرى جواز عبادة غير الله مع
الله ، قال الله تعالى :ـ فاعلم أنه لا اٍله اٍلا الله
ـ سورة محمد الأية
19 ـ و قال تعالى :ـ اٍلا من شهد بالحق و هم يعلمون
ـ سورةالزخرف الأية
8 ـ أي من شهد بلا اٍله اٍلا الله ، و هم يعلمون بقلوبهم ما
نطقوا به بألسنتهم .ـ
ـ2ـ اليقين
:ـ
و هو أن ينطق
بالشهادة عن يقين يطمئن قلبه اٍليه ، دون تسرب شيء من الشكوك
التي يبذرها شياطين الجن و الإنس ، بل يقولها موقنا بمدلولها
يقينا جازما ، فلابد لمن أتى بها أن يوقن بقلبه و يعتقد صحة ما
يقوله من أحقية اٍلهية الله تعالى و بطلان اٍلهية من عداه ، و
أنه لا يجوز أن يصرف لغير الله شيء من أنواع التأله و التعبد ،
فاٍن شك في شهادته أو توقف في بطلان عبادة غير غير الله ، كأن
يقول : أجزم بألوهية الله و لكنني متردد ببطلان اٍلهية غيره ،
بطلت شهادته و لم تنفعه ، قال تعالى :ـ
اٍنما
المؤمنون الذين أمنوا بالله و رسوله ثم لم يرتابوا
سورة الحجرات
الأية 105
ـ3ـ
القبول:ـ
و القبول
يعني أن يقبل كل ما أقتضته هذه الكلمة بقلبه و لسانه ، فيصدق
الأخبار و يؤمن بكل ما جاء عن الله و رسوله صلى الله عليه و سلم
و يقبل ذلك كله ، و لا يرد منه شيئا و لا يجني على النصوص
بالتأويل الفاسد و التحريف الذي نهى الله عنه ، قال تعالى :ـ
قولوا أمنا
بالله و ما أنزل اٍلينا
و ضد القبول
: الرد فاٍن هناك من يعلم معنى الشهادة و يوقن بمدلولها و لكن
يردها كبرا و حسدا ، قال تعالى :ـ
فاٍنهم لا
يكذبونك و لكن الظالمين بأيات الله يجحدون
سورة الأنعام
الأية 22
و يدخل في
الرد و عدم القبول من يعترض على بعض الأحكام الشرعية أو الحدود
أو يكرهها ، قال تعالى:ـ
يا أيها
الذين أمنوا ادخلوا في السلم كافة
سورة البقرة
الأية 208
ـ4ـ الإنقياد
المنافي للشرك:ـ
و ذلك بأن
ينقاد لما دلت عليه كلمة الإخلاص ، و هو الإستسلام و الإذعان و
عدم التعقب لشيء من أجكام الله، قال الله تعالى
:ـ
و أنيبوا
الى ربكم و أسلموا له
سورة الزمر
الأية 54
و الإنقياد
أيضا لما جاء به النبي صلى الله عليه و سلم و الرضى به و العمل
به دون تعقب أو زيادة أو نقصان ، و اٍذا علم أحد معنى لا اٍله
اٍلا الله ، و أيقن بها ، و قبلها ، و لكنه لم ينقد ، و يذعن ، و
يستسلم و يعمل بمقتضى ما علم فاٍن ذلك لا ينفعه . و من عدم
الإنقياد التحاكم لشريعة الله عز و جل و استبدالها بالقوانين
الوضعية .ـ
ـ5ـ الصدق
:ـ
و هو الصدق
مع الله و ذلك بأن يكون صادقا في اٍيمانه صادقا في عقيدته ، و
متى كان ذلك فاٍنه سيكون مصدقا لما جاء من كتاب ربه ، و سنة نبيه
صلى الله عليه و سلم فالصدق أساس الأقوال ، و من الصدق أن يصدق
في دعوته ، و أن يبذل الجهد في طاعة الله ، و حفظ حدوده ، قال
تعالى :ـ
يا أيها
الذين أمنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين
سورة التوبة
الأية 115
و ضد الصدق
الكذب فاٍن كان العبد كاذبا في اٍيمانه لا يعد مؤمنا بل هو منافق
، و اٍن نطق بالشهادة بلسانه ، فاٍن هذه الشهادة لا تنجيه
.ـ
و مما ينافي
الصدق في الشهادة تكذيب ما جاء به الرسول صلى الله عليه و سلم أو
تكذيب بعض ما جاء به لأن الله سبحانه أمرنا بطاعته و تصديقه ، و
قرن ذلك بطاعته ـ سبحانه و تعالى ـ.ـ
ـ6ـ الإخلاص
:ـ
و هو تصفية
الإنسان عمله بصالح النية عن جميع شوائب الشرك ، و ذلك بأن تصدر
منه جميع الأقوال و الأفعال خالصة لوجه الله، و ابتغاء مرضاته ،
ليس فيها شائبة رياء أو سمعة ، أو قصد أو نفع ، أو غرض شخصي ، أو
الإندفاع للعمل لمحبة شخص أو مذهب أو حزب يستسلم له بغير هدى من
الله ، قال تعالى :ـ
ألا لله
الدين الخالص ـ سورة الزمر الأية 3 ـ
و قال تعالى
:ـ و ما
أمروا اٍلا ليعبدوا الله مخلصين له الدين ـ
سورة
االبينة الأية 5 ـ
و ضد الإخلاص الشرك و الرياء ابتغاء
غير و جه الله تعالى ، فاٍن فقد العبد أصل الإخلاص فاٍن الشهادة
لا تنفعه قال تعالى :ـ
و قدمنا الى
ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا
سورة الفرقان
الأية 33
و قال تعالى
:ـ
اٍن الله لا
يغفر أن يشرك به و يغفر ما دون ذلك لمن يشاء و من يشرك بالله فقد
افترى اثما عظيما
ـ
سورة النساء
الأية 48 ـ
ـ7ـ المحبة
:ـ
أي المحبة لهذه الكلمة العظيمة و
لما دلت عليه و اقتضته فيحب الله و رسوله صلى الله عليه و سلم ،
و يقدم محبتهما على كل محبة و يقوم بشروط المحبة و لوازمها ،
فيحب الله محبة مقرونة بالإجلال و التعظيم و الخوف و الرجاء ، و
من المحبة تقديم محبوبات الله على محبوبات النفس و شهواتها و
رغباتها ، و من المحبة أيضا أن يكره ما يكرهه الله ، فيكره الكفر
و الفسوق و العصيان ، و علامة هذه المحبة الإنقياد لشرع الله و
اتباع محمد صلى الله عليه و سلم في كل شيء ، قال تعالى :ـ
قل اٍن كنتم
تحبون الله فاتبعوني يحببكم الله و يغفر لكم ذنوبكم
ـ
سورة ال
عمران الأية 31 ـ
و ضد المحبة الكراهية لهذه الكلمة و
لما دلت عليه و ما اقتضته أو محبة غير الله مع الله . قال تعالى
:ـ
ذلك بأنهم
كرهوا ما أنزل الله فأحبط أعمالهم
ـ
سورة محمد
الأية 9ـ
و مما ينافي المحبة بغض الرسول صلى
الله عليه و سلم و موالاة أعداء الله و معاداة اولياء الله
المؤمنين
عن منشورات دار ابن خزيمة