بسم الله الرحمن الرحيم ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد ..
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله ، أما بعد ..
فهذا تلخيص لـ [ كتاب الصيام
] .. من الشرح الممتع على زاد المستقنع ، لشيخنا العلّامة : محمد بن صالح
العثيمين رحمه الله ، وقد اقتصرتُ فيه على ترجيحات الشيخ ، وعملتُ على
ترقيم مسائله ؛ ليسهل للقارئ الرجوع إليها ، وقد اشتمل على [ مائة وإحدى عشرة ] مسألة ، وأتبعتُ كل مسألة بدليلها مع ذكر تخريجه.
[ كتاب الصيام ] ..
[ ١ ] الصيام في الشرع : هو التعبد لله سبحانه وتعالى بالإمساك عن الأكل والشرب ، وسائر المفطرات ، من طلوع الفجر إلى غروب الشمس.
[ ٢ ] وحكمه : الوجوب بالنص والإجماع.
[ ٣ ] ويجب الصوم بأحد أمرين : الأول :
رؤية هلال رمضان ، ولا يجب الصوم بمقتضى الحساب ، فلو قرر علماء الحساب
المتابعون لمنازل القمر أن الليلة من رمضان ، ولكن لم يُرَ الهلال ، فإنه
لا يصام ؛ لأن الشرع علق هذا الحكم بأمر محسوس وهو الرؤية . والرؤية تعم ما
إذا رأيناه بالعين المجردة أو بالوسائل المقربة ؛ لأن الكل رؤية . والثاني
: إتمام شعبان ثلاثين يومًا ؛ لأن الشهر الهلالي لا يمكن أن يزيد عن
ثلاثين يومًا ، ولا يمكن أن ينقص عن تسعة وعشرين يومًا .
[ ٤ ] وإن حال دون رؤية الهلال غيم ( سحاب
) أو قتر ( تراب ) وغيرهما مما يمنع رؤيته ، حرم صومه ؛ لقول النبي صلى
الله عليه وسلم : ” الشهر تسع وعشرون ليلة ، فلا تصوموا حتى تروه ، فإن
غُمّ عليكم فأكملوا العدة ثلاثين ” أخرجه البخاري (1907) ولكن إذا رأى
الإمام وجوب صوم هذا اليومف ، وأمر الناس بصومه ، فإنه لا يُنابذ ، ويحصل
عدم منابذته بألا يظهر الإنسان فطره ، وإنما يفطر سرًا ، وهذه المسألة لم
يثبت فيها دخول الشهر ، أما لو حكم ولي الأمر بدخول الشهر فالصوم واجب .
[ ٥ ] وإذا رأى الهلال أهل بلد لزمهم صومه
، فلا يجب إلا على من رآه ، أو كان في حكمهم بأن توافقت مطالع الهلال ،
فإن لم تتفق فلا يجب الصوم ؛ لقوله تعالى : { فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ
الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ } ، والذين لا يوافقون من شاهده في المطالع لا يقال
أنهم شاهدوه لا حقيقة ولا حكمًا . وكما أنه يختلف المسلمون في الإفطار
والإمساك اليومي ، فيجب أن يختلفوا كذلك في الإمساك والإفطار الشهري ، وهذا
قياس جلي .
[ ٦ ] ويصام برؤية عدل ، فبذلك يثبت الشهر
؛ لقول ابن عمر رضي الله عنهما : ” تراءى الناس الهلال فأخبرت النبي صلى
الله عليه وسلم أني رأيته فصام وأمر الناس بصيامه ” أخرجه أبو داود (2342)
وصححه ابن حبان (3447) والحاكم (423/1) والصيام بشهادة واحد مقتضى القياس ؛
لأن الناس يفطرون بأذان الواحد ويمسكون بأذان الواحد . والذي يُقبل من
الشهادة ما يترجح أنه حق وصدق ، ويُشترط مع العدالة أن يكون قوي البصر بحيث
يحتمل صدقه فيما ادعاه ، فإن كان ضعيف البصر لم تقبل شهادته وإن كان عدلًا
. وهلال شوال وغيره من الشهور لا يثبت إلا بشاهدين ؛ لقول النبي صلى الله
عليه وسلم : ” فإن شهد شاهدان فصوموا وأفطروا “ أخرجه أحمد (321/4)
والنسائي (133/4) والدارقطني (167/2)
[ ٧ ] وإن صام الناس بشهادة واحد ثلاثين
يومًا لزمهم الفطر ؛ لأن الفطر تابع للصوم ومبني عليه ، والصوم ثبت بدليل
شرعي وقد صاموا ثلاثين يومًا ، ولا يمكن أن يزيد الشهر على ثلاثين يومًا .
[ ٨ ] ومن صام برؤية بلد ، ثم سافر لبلد
آخر قد صاموا بعدهم بيوم ، وأتم هو ثلاثين يومًا ولم ير الهلال في تلك
البلد التي سافر إليها ، يصوم معهم ولو صام واحدًا وثلاثين يومًا ، وربما
يقاس ذلك على ما لو سافر إلى بلد يتأخر غروب الشمس فيه ، فإنه يفطر حسب
غروب الشمس في تلك البلد التي سافر إليها .
[ ٩ ] وشروط من يلزمه الصوم خمسة :
الشرط الأول : الإسلام ، فالكافر لا يلزمه الصوم حال كفره ، ولا يُلزم بقضائه بعد إسلامه ، ويُعاقب على تركه في الآخرة ، وعلى ترك جميع واجبات الدين .
والشرط الثاني : التكليف ، والمراد به : البلوغ والعقل .
والشرط الثالث : القدرة على الصيام ، والعاجز ينقسم إلى قسمين:
١- عجز طارئ ، وهو الذي يُرجى زوال عجزه ، وهو المذكور في قوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، فينتظر حتى يزول عجزه ثم يقضي .
٢- عجز دائم ، وهو الذي لا يُرجى زواله ، فيجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا سواء أطعمهم أو ملَّكلهم . ويُطعم كل ما يُسمى طعامًا من تمر أو بر أو رز أو غيره . وأما مقداره فيرجع فيه إلى العرف ، وما يحصل به الإطعام ، فإذا غدّى المساكين أو عشّاهم كفاه ذلك عن الفدية . وعدد المساكين على عدد الأيام ، فلا يجزئ أن يعطي المسكين الواحد من الطعام أكثر من فدية يوم واحد . أما عن وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه ، وإن شاء أخّر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه . ولا يُجزئ تقديم الإطعام . وإن أعسر المريض الذي لا يُرجى برؤه أو الكبير ، فإنها تسقط عنهما الكفارة ؛ لأنه لا واجب مع العجز .
والشرط الرابع : الإقامة ، فإن كان مسافرًا فلا يجب عليه الصوم ؛ لقوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، وقد أجمع العلماء أنه يجوز للمسافر الفطر . والأفضل للمسافر والمريض أن يفعلا الأيسر ، فإن كان في الصوم ضرر كان الصوم حرامًا لقوله تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } ، وإن كان الفطر والصيام سواء فالصيام أولى ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام ، وإذا كان يشق عليه الصيام فالفطر أولى ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن صام يوم شق على الناس الصيام في السفر : ” أولئك العصاة أولئك العصاة “ أخرجه مسلم (1114)
والشرط الخامس : الخلو من الموانع ، وهذا خاص بالنساء ، فالحائض والنفساء لا يلزمهما الصوم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم مُقررًا لذلك : ” أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تصم ” أخرجه البخاري (304) فلا يلزمهما الصوم إجماعًا ولا يصح منهما إجماعًا ، ويلزمهما قضاؤه إجماعًا .
الشرط الأول : الإسلام ، فالكافر لا يلزمه الصوم حال كفره ، ولا يُلزم بقضائه بعد إسلامه ، ويُعاقب على تركه في الآخرة ، وعلى ترك جميع واجبات الدين .
والشرط الثاني : التكليف ، والمراد به : البلوغ والعقل .
والشرط الثالث : القدرة على الصيام ، والعاجز ينقسم إلى قسمين:
١- عجز طارئ ، وهو الذي يُرجى زوال عجزه ، وهو المذكور في قوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، فينتظر حتى يزول عجزه ثم يقضي .
٢- عجز دائم ، وهو الذي لا يُرجى زواله ، فيجب عليه الإطعام عن كل يوم مسكينًا سواء أطعمهم أو ملَّكلهم . ويُطعم كل ما يُسمى طعامًا من تمر أو بر أو رز أو غيره . وأما مقداره فيرجع فيه إلى العرف ، وما يحصل به الإطعام ، فإذا غدّى المساكين أو عشّاهم كفاه ذلك عن الفدية . وعدد المساكين على عدد الأيام ، فلا يجزئ أن يعطي المسكين الواحد من الطعام أكثر من فدية يوم واحد . أما عن وقت الإطعام فهو بالخيار إن شاء فدى عن كل يوم بيومه ، وإن شاء أخّر إلى آخر يوم لفعل أنس رضي الله عنه . ولا يُجزئ تقديم الإطعام . وإن أعسر المريض الذي لا يُرجى برؤه أو الكبير ، فإنها تسقط عنهما الكفارة ؛ لأنه لا واجب مع العجز .
والشرط الرابع : الإقامة ، فإن كان مسافرًا فلا يجب عليه الصوم ؛ لقوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } ، وقد أجمع العلماء أنه يجوز للمسافر الفطر . والأفضل للمسافر والمريض أن يفعلا الأيسر ، فإن كان في الصوم ضرر كان الصوم حرامًا لقوله تعالى : { وَلَا تَقْتُلُوا أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا } ، وإن كان الفطر والصيام سواء فالصيام أولى ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام ، وإذا كان يشق عليه الصيام فالفطر أولى ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم فيمن صام يوم شق على الناس الصيام في السفر : ” أولئك العصاة أولئك العصاة “ أخرجه مسلم (1114)
والشرط الخامس : الخلو من الموانع ، وهذا خاص بالنساء ، فالحائض والنفساء لا يلزمهما الصوم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم مُقررًا لذلك : ” أليس إذا حاضت لم تُصل ولم تصم ” أخرجه البخاري (304) فلا يلزمهما الصوم إجماعًا ولا يصح منهما إجماعًا ، ويلزمهما قضاؤه إجماعًا .
[ ١٠ ] ومن قام به سبب الوجوب أثناء نهار
رمضان كأن يسلم الكافر أو يبلغ الصغير أو يفيق المجنون ، فإنه يلزمهم
الإمساك دون القضاء ؛ لأنهم لا يلزمهم الإمساك في أول النهار لعدم شرط
التكليف وقد أتوا بما أُمروا به حين أمسكوا عند وجود شرط التكليف ، ومن أتى
بما أُمر به لم يُكلف بالإعادة . أما إذا زال مانع الوجوب في أثناء النهار
، كالحائض والنفساء إذا طهرتا ، والمسافر إذا قدم مفطرًا والمريض إذا برئ ،
فلا شك في وجوب القضاء ؛ لأنهم أفطروا في رمضان فلزمهم قضاء ما أفطروا .
ولا يلزمهم الإمساك ؛ لما روي عن عبدالله ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال :
” من أكل أول النهار فليأكل آخره “ أخرجه ابن أبي شيبة (54/3) والقاعدة :
أن من أفطر في رمضان لعذر يبيح الفطر ، ثم زال ذلك العذر أثناء النهار لم
يلزمه الإمساك بقية اليوم .
[ ١١ ] والمريض له ثلاث حالات : الأولى :
ألا يتأثر بالصوم ، مثل الزكام اليسير ، أو الصداع اليسير ، أو وجع الضرس ،
وما أشبه ذلك ، فهذا لا يحل له أن يفطر ويجب عليه الصوم . الثانية : أن
يشق عليه الصوم ولا يضره ، فهذا يكره له أن يصوم ، ويسن له أن يفطر .
الثالثة : أن يشق عليه الصوم ويضره ، كالمصاب بمرض الكلى أو السكر ، وما
أشبه ذلك ، فيحرم عليه الصوم ، ولا يُجزئه لو صام ويجب عليه القضاء .
[ ١٢ ] والمسافر له ثلاث حالات :
الأولى : ألا يكون لصومه مزية على فطره ، ولا لفطره مزية على صومه ، ففهي هذه الحالة يكون الصوم أفضل له ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام ، ولأنه أسرع في إبراء الذمة ، ولأنه أسهل على المكلف غالبًا لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعدهم ، ولأنه يُدرك الزمان الفاضل وهو رمضان .
الثانية : أن يكون الفطر أرفق به ، فالفطر أفضل ، وإذا شق عليه الصوم بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهًا ؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يُشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل .
الثالثة : أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة ، فيكون الصوم في حقه حرامًا .
الأولى : ألا يكون لصومه مزية على فطره ، ولا لفطره مزية على صومه ، ففهي هذه الحالة يكون الصوم أفضل له ؛ لفعله عليه الصلاة والسلام ، ولأنه أسرع في إبراء الذمة ، ولأنه أسهل على المكلف غالبًا لأن الصوم والفطر مع الناس أسهل من أن يستأنف الصوم بعدهم ، ولأنه يُدرك الزمان الفاضل وهو رمضان .
الثانية : أن يكون الفطر أرفق به ، فالفطر أفضل ، وإذا شق عليه الصوم بعض الشيء صار الصوم في حقه مكروهًا ؛ لأن ارتكاب المشقة مع وجود الرخصة يُشعر بالعدول عن رخصة الله عز وجل .
الثالثة : أن يشق عليه الصوم مشقة شديدة ، فيكون الصوم في حقه حرامًا .
[ ١٣ ] وإن نوى حاضر صيام يوم ثم سافر في
أثنائه فله الفطر ؛ لفعل النبي صلى الله عليه وسلم ، ولأنه مسافر فيصدق
عليه أنه ممن رُخِّص له بالفطر فيفطر . ولكن لا يفطر حتى يخرج من البلد .
[ ١٤ ] يجوز للحامل والمرضِع أن تفطرا ،
سواء كان الفطر مراعاة لحالهما ، أو مراعاة لحال الولد ( الحمل أو الطفل ) ،
أو مراعاة لحالهما مع الولد ، ويجب عليهما القضاء كالمريض والمسافر .
[ ١٥ ] الإفطار لمصلحة الغير له صور منها :
الأولى : إنقاذ غريق ، مثل أن يسقط رجل معصوم في الماء ، ولا يستطيع أن يُخرجه إلا بعد أن يشرب ، فنقول : اشرب وأنقذه .
الثانية : إطفاء الحريق ، كأن يقول : لا أستطيع أن أُطفئ الحريق حتى أشرب ، فنقول : اشرب وأطفئ الحريق .
الثالثة : التبرع بالدم ، فلو أن شخصًا احتيج إلى دمه ، بحيث أصيب رجل آخر بحادث ونزف دمه ، وقالوا : إن دم هذا الصائم يصلح له ، وإن لم يتدارك هذا المريض فإنه يموت ، فله أن يأذن في استخراج دمه من أجل إنقاذ المريض . وللمُفطر في هذه الصور الثلاث أن يأكل ويشرب بقية اليوم ؛ لأنه أُذن له في فطر هذا اليوم ، فصار هذا اليوم في حقه من الأيام التي لا يجب إمساكها ، فيبقى مُفطرًا إلى آخر النهار ، ويجب القضاء .
الأولى : إنقاذ غريق ، مثل أن يسقط رجل معصوم في الماء ، ولا يستطيع أن يُخرجه إلا بعد أن يشرب ، فنقول : اشرب وأنقذه .
الثانية : إطفاء الحريق ، كأن يقول : لا أستطيع أن أُطفئ الحريق حتى أشرب ، فنقول : اشرب وأطفئ الحريق .
الثالثة : التبرع بالدم ، فلو أن شخصًا احتيج إلى دمه ، بحيث أصيب رجل آخر بحادث ونزف دمه ، وقالوا : إن دم هذا الصائم يصلح له ، وإن لم يتدارك هذا المريض فإنه يموت ، فله أن يأذن في استخراج دمه من أجل إنقاذ المريض . وللمُفطر في هذه الصور الثلاث أن يأكل ويشرب بقية اليوم ؛ لأنه أُذن له في فطر هذا اليوم ، فصار هذا اليوم في حقه من الأيام التي لا يجب إمساكها ، فيبقى مُفطرًا إلى آخر النهار ، ويجب القضاء .
[ ١٦ ] أحكام المجنون ، والمغمى عليه ، والنائم
أولًا : المجنون : إذا جُنّ الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس فلا يصح صومه ؛ لأنه ليس أهلًا للعبادة ، ومن شرط الوجوب والصحة العقل ، وعلى هذا فصومه غير صحيح ، ولا يلزمه القضاء ، لأنه ليس أهلًا للوجوب .
ثانيًا : المغمى عليه : إذا أُغمي عليه بحادث أو مرض – بعد أن تسحر – جميع النهار ، فلا يصح صومه ؛ لأنه ليس بعاقل ، ولا يلزمه القضاء ؛ لأنه مر عليه الوقت وهو ليس أهلًا للوجوب .
ثالثًا : النائم : إذا تسحّر ونام من قبل أذان الفجر ، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس ، فصومه صحيح ؛ لأنه من أهل التكليف ولم يوجد ما يُبطل صومه ، ولا قضاء عليه . والفرق بينه وبين المغمى عليه : أن النائم إذا أُوقظ يستيقظ بخلاف المغمى عليه .
أولًا : المجنون : إذا جُنّ الإنسان جميع النهار في رمضان من قبل الفجر حتى غربت الشمس فلا يصح صومه ؛ لأنه ليس أهلًا للعبادة ، ومن شرط الوجوب والصحة العقل ، وعلى هذا فصومه غير صحيح ، ولا يلزمه القضاء ، لأنه ليس أهلًا للوجوب .
ثانيًا : المغمى عليه : إذا أُغمي عليه بحادث أو مرض – بعد أن تسحر – جميع النهار ، فلا يصح صومه ؛ لأنه ليس بعاقل ، ولا يلزمه القضاء ؛ لأنه مر عليه الوقت وهو ليس أهلًا للوجوب .
ثالثًا : النائم : إذا تسحّر ونام من قبل أذان الفجر ، ولم يستيقظ إلا بعد غروب الشمس ، فصومه صحيح ؛ لأنه من أهل التكليف ولم يوجد ما يُبطل صومه ، ولا قضاء عليه . والفرق بينه وبين المغمى عليه : أن النائم إذا أُوقظ يستيقظ بخلاف المغمى عليه .
[ ١٧ ] النية واجبة ، ويجب تعيينها أيضًا ، فينوي الصيام عن رمضان ، أو عن كفارة ، أو عن نذر ، أو ما أشبه ذلك .
[ ١٨ ] وينوي قبل طلوع الفجر لصيام الفرض ؛
لأن صوم اليوم كاملًا لا يتحقق إلا بهذا ، فمن نوى بعد طلوع الفجر لا
يُقال إنه صام يومًا ، فلذلك يجب لصوم كل يوم واجب أن ينويه قبل طلوع الفجر
. ولا يلزم أن تُبيِّت النية قبل أن تنام ، بل الواجب ألا يطلع الفجر إلا
وقد نويت ؛ لحديث عائشة مرفوعًا : ” من لم يُبيِّت الصيام قبل طلوع الفجر
فلا صيام له “ أخرجه الدارقطني (172/2) والبيهقي (203/4) ووثق رواته
الدارقطني وأقره البيهقي
[ ١٩ ] ما يُشترط فيه التتابع ( كرمضان )
تكفي النية في أوله ، ما لم يقطعه لعذر فيستأنف النية ، فإذا نوى إنسان أول
يوم من رمضان أنه صائم هذا الشهر كله ، فإنه يُجزئه عن الشهر كله ، ما لم
يحصل عذر ينقطع به التتابع ، كما لو سافر في أثناء رمضان ، فإنه إذا عاد
للصوم يجب عليه أن يُجدد النية .
[ ٢٠ ] إذا قال : أنا صائم غدًا إن شاء
الله . فننظر إن كان مراده الإستعانة بالتعليق بالمشيئة لتحقيق مراده ،
فصيامه صحيح لأن هذا ليس تعليقًا . وإن كان مُترددًا فلا يدري هل يصوم أو
لا يصوم ، فإنه لا يصح ؛ لأن النية لابد فيها من الجزم ، فلا يصح صومه إن
كان فرضًا ، إلا أن يستيقظ قبل الفجر وينوي .
[ ٢١ ] يصح صوم النفل بنية أثناء النهار ،
ولكن بشرط أن لا يأتي مُفطِّرًا من بعد طلوع الفجر ، فإن أتى بمُفطر فإنه
لا يصح ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دخل ذات يوم على أهله فقال : ” هل
عندكم من شيء ؟ قالوا : لا ، قال : فإني إذًا صائم ” أخرجه مسلم
(1154) ولكنه لا يُثاب إلا من وقت النية فقط ؛ لقول النبي صلى الله عليه
وسلم : ” إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ” أخرجه البخاري
(1907) وهذا الرجل لم ينوِ إلا أثناء النهار فيُحسب له الأجر من حين نيته .
وبناءً على ذلك لو علق فضل الصوم باليوم مثل : صيام الأثنين ، وصيام
الخميس ، وصيام البيض ، وصيام ثلاثة أيام من كل شهر ، ونوى من أثناء النهار
فإنه لا يحصل له ثواب ذلك اليوم ؛ لأنه لا يصدق عليه أنه صام اليوم كاملًا
.
[ ٢٢ ] وإن نوى إن كان غدًا من رمضان فأنا
صائم ، فصومه صحيح إذا تبيَّن أنه من رمضان ، ولعل هذا يدخل في عموم قوله
صلى الله عليه وسلم : ” فإن لك على ربك ما استثنيت ” أخرجه البخاري (5089)
وأخرجه مسلم (1208) وأخرجه النسائي (168/5) فهذا الرجل علقه لأنه لا يعلم
أن غدًا من رمضان ، فتردده مبني على التردد في ثبوت الشهر ، لا على التردد
في النية . وكذلك لو قال في ليلة الثلاثين من رمضان إن كان غدًا من رمضان
فأنا صائم وإلا فأنا مُفطر .
[ ٢٣ ] ومن صام نفلًا ، ثم نوى الإفطار ،
ثم نوى الصيام ، فيُكتب له أجر الصيام من النية الثانية ؛ لأنه قطع النية
الأولى وصار مُفطرًا .
[ ٢٤ ] ومن صام وعزم على أنه إن وجد ماء
شربه ، فلا يفسد صومه ؛ لأن المحظور في العبادة لا تفسد العبادة به إلا
بفعله ، ولا تفسد بنية الفعل .
[ ٢٥ ] ومن نوى الإفطار فإنه يفطر ؛ لقوله
صلى الله عليه وسلم : ” إنما الأعمال بالنيات ” ، فما دام ناويًا الصوم
فهو صائم ، وإذا نوى الإفطار أفطر . وله أن يستمر في الفطر بالأكل والشرب
وغيرهما من المُفطرات إن كان ممن يُباح له الفطر كالمريض والمسافر ، وإن
كان لا يُباح له الفطر ، فيلزمه الإمساك والقضاء مع الإثم .
[ باب ما يُفسد الصَّوم ، ويُوجِب الكفَّارة ] ..
[ ٢٦ ] أجمع العلماء على أن الأكل والشرب
والجماع ، تُفسد الصوم ، وقد ذكرها الله عز وجل في قوله : { فَالْآنَ
بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا
حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ
الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } .
[ ٢٧ ] الأكل هو إدخال الشيء إلى المعدة
عن طريق الفم ، وهو عام ، فكل ما ابتلعه الإنسان من نافع أو ضار ، أو ما لا
نفع فيه ولا ضرر فإنه مُفطر لإطلاق الآية : { كُلُوا وَاشْرَبُوا } .
وكذلك الشرب ، فيشمل ما ينفع وما يضر ، وما لا نفع فيه ولا ضرر ، ويُلحق
بالأكل والشرب ما كان في معناهما ، كالإبر المغذية التي تُغني عن الأكل
والشرب .
[ ٢٨ ] ومن تناول السعوط ، وهو ما يصل إلى
الجوف عن طريق الأنف ، فإنه مُفطر ؛ لأن الأنف منفذ يصل إلى المعدة ،
ودليل ذلك قول النبي صلى الله عليه وسلم للقيط بن صبرة : ” وبالغ في
الاستنشاق إلا أن تكون صائمًا ” أخرجه أبو داود (142) والنسائي (66/1)
والترمذي (788) وصححه ابن خزيمه (150) وابن حبان (1087) فالمبالغة في
الاستنشاق تكون سببًا لوصول الماء إلى المعدة وهذا مُخل بالصوم .
[ ٢٩ ] الاحتقان هو إدخال الأدوية عن طريق
الدبر ، والحقنة لا تفطر مطلقًا ، ولو كان الجسم يتغذى بها عن طريق
الأمعاء الدقيقة ؛ لأنه لا يُطلق عليها اسم الأكل والشرب ، وليس هناك دليل
في الكتاب والسنة أن مناط الحكم وصول الشيء إلى الجوف ، لكن الكتاب والسنة
دلّّا على شيء معين وهو الأكل والشرب ، والأصل عدم الفطر إلا بدليل واضح .
[ ٣٠ ] الاكتحال لا يُفطر ولو وصل طعم
الكحل إلى الحلق ؛ لأنه لا يسمى أكلًا وشربًا ، ولا بمعنى الأكل والشرب ،
ولا يحصل به ما يحصل بالأكل والشرب ، وليس عن النبي صلى الله عليه وسلم
حديث صحيح صريح يدل على أن الكحل مُفطر ، والأصل عدم التفطير . وبناءً على
هذا لو أنه قطر في عينه وهو صائم فوجد الطعم في حلقه فإنه لا يفطر بذلك ،
أما إذا وصل طعمها إلى الفم وابتلعها فقد صار أكلًا وشربًا .
[ ٣١ ] لو أن إنسانًا كان له فتحة في بطنه
، وأدخل إلى بطنه شيئًا عن طريق هذه الفتحة ، فإنه لا يفطر بذلك ، إلا أن
تجعل هذه الفتحة بدلًا عن الفم بحيث يدخل الطعام والشراب منها لانسداد
المرئ أو تقرحه ونحو ذلك ، فيكون ما أدخل منها مُفطرًا كما لو أدخل من الفم
.
[ ٣٢ ] ومن استقاء عمدًا فإنه يفطر ؛
لقوله صلى الله عليه وسلم : ” من استقاء عمدًا فليقض ، ومن ذرعه القيء فلا
قضاء عليه ” أخرجه أحمد (498/2) وأبو داود (2380) والترمذي (720) وابن
ماجه (1676) والنسائي (3117) وصححه ابن خزيمة (1960) وابن حبان (3518)
والحاكم (427/1) ذرعه : أي غلبه . أما ما خرج بالتعتعة من الحلق فإنه لا
يفطر ، فلا يفطر إلا ما خرج من المعدة ، سواء كان قليلًا أو كثيرًا .
والحكمة تقتضي أن يكون مفطرًا ؛ لأن الإنسان إذا استقاء ضعف واحتاج إلى أكل
وشرب ، فلا يحل لك في الصوم الواجب أن تتقيء إلا للضرورة ، فإن اضطررت إلى
القيء فتقيأ ثم أعد على بدنك ما يحصل به القوة من الأكل والشرب .
[ ٣٣ ] ومن استمنى بأي وسيلة ، فسد صومه ؛
لما في الحديث الصحيح أن الله سبحانه وتعالى قال في الصائم : ” يدع طعامه
وشرابه وشهوته من أجلي ” أخرجه البخاري (1894) ومسلم (1151) والاستمناء
شهوة ، وخروج المني شهوة . ولو استمنى بدون إنزال فإنه لا يفطر .
[ ٣٤ ] ومن باشر زوجته فإنه يفطر إذا أنزل ، سواء باشرها باليد ، أو بالوجه بتقبيل ، وإذا لم ينزل فلا يفطر .
[ ٣٥ ] وخروج المذي لا يفسد الصوم ؛ لأن
المذي دون المني لا بالنسبة للشهوة ولا بالنسبة لانحلال البدن ، ولا
بالنسبة للأحكام الشرعية حيث يخالفه في كثير منها بل في أكثرها أو كلها ،
فلا يمكن أن يُلحق به . ولا حُجة على إفساد الصوم به .
[ ٣٦ ] إن كرر الصائم النظر حتى أنزل فسد
صومه ، وإن أنزل بنظرة واحدة لم يفسد ، إلا أن يستمر حتى ينزل فيفسد صومه ؛
لأن الاستمرار كالتكرار ، بل قد يكون أقوى منه في استجلاب الشهوة والإنزال
. وأما التفكير بأن فكر حتى أنزل فلا يفسد صومه ؛ لعموم قول النبي صلى
الله عليه وسلم : ” إن الله تجاوز عن أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو
تتكلم “ أخرجه البخاري (2528) ومسلم (127)
[ ٣٧ ] ومن احتجم أو حجم غيره فإنه يفطر ؛
لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” أفطر الحاجم والمحجوم ” أخرجه أحمد
(123/4) وأبو داود (2368) والنسائي (3126) وابن ماجه (1681) وصححه ابن حبان
(3533) والحاكم (428/1) والحكمة من إفطار المحجوم هو أنه إذا خرج منه هذا
الدم أصاب بدنه الضعف ، الذي يحتاج معه إلى غذاء لترتد عليه قوته ، لأنه لو
بقي إلى آخر النهار على هذا الضعف فربما يؤثر على صحته في المستقبل ، فكان
من الحكمة أن يكون مفطرًا ، وعلى هذا فالحجامة للصائم لا تجوز في الصيام
الواجب إلا عند الضرورة ، فإذا جازت للضرورة جاز له أن يفطر ، أما إذا كان
الصوم نفلًا فلا بأس به ؛ لأن الصائم نفلًا له أن يخرج من صومه بدون عذر ،
لكنه يكره لغير غرض صحيح . وأما الحكمة بالنسبة للحاجم فإن الحاجم عادة يمص
قارورة الحجامة ، وإذا مصها فإنه سوف يصعد الدم إلى فمه ، وربما من شدة
الشفط ينزل الدم إلى بطنه من حيث لا يشعر فيكون بذلك مفطرًا ، ولو أنه حجم
بآلات منفصلة لا تحتاج إلى مص ، فإنه لا يفطر بذلك . ويُلحق بالحجامة الفصد
: وهو قطع العرق عرضًا ، والشرط : وهو شق العرق طولًا، فيفسدان الصوم ،
وكذلك لو أرعف نفسه حتى خرج الدم من أنفه ، بأن تعمد ذلك ليخف رأسه ، فإنه
يفطر بذلك .
[ ٣٨ ] يشترط لفساد الصوم ثلاثة شروط : الأول : أن يكون عامدًا ، وضده غير العامد ، وهو نوعان :
١/ أن يحصل المفطر بغير اختياره بلا إكراه ، مثل أن يطير إلى فمه غبار أو دخان أو حشرة أو يتمضمض فيدخل الماء بطنه بغير قصد فلا يفطر ؛ لقوله تعالى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } ، وهذا لم يتعمد قلبه فعل المفسد فيكون صومه صحيحًا .
٢/ أن يفعل ما يُفطر مُكرهًا عليه فلا يفسد صومه ؛ لقوله تعالى : { مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ، فإذا كان حكم الكفر يُعفى عنه مع الإكراه ، فما دون الكفر من باب أولى ، وعلى هذا فلو أكره الرجل زوجته على الجماع وهي صائمة ، وعجزت عن مدافعته ، فصيامها صحيح . الشرط الثاني : أن يكون ذاكرًا ، وضده الناسي . فلو فعل شيئًا من المُفطرات ناسيًا ، فلا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” من نسي وهو صائ فأكل أو شرب فليُتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ” أخرجه البخاري (1933) ومسلم (1155) وهذا يشمل الفريضة والنافلة . وإن ذكر أنه صائم واللقمة في فمه لزمه لفظها ؛ لأنه في الفم وهو في حكم الظاهر ، فلا يفسد صومه لو تعمد إخراجها ، أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لم يلزمه إخراجها ، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه لأنه تعمد القيء . الشرط الثالث : العلم ، وضد العلم الجهل ، والجهل ينقسم إلى قسمين :
١/ جهل بالحكم الشرعي ، أي : لا يدري أن هذا حرام .
٢/ جهل بالحال ، أي : لا يدري أنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب ، وكلاهما عذر . ودليل ذلك قوله تعالى : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } .
١/ أن يحصل المفطر بغير اختياره بلا إكراه ، مثل أن يطير إلى فمه غبار أو دخان أو حشرة أو يتمضمض فيدخل الماء بطنه بغير قصد فلا يفطر ؛ لقوله تعالى : { وَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ فِيمَا أَخْطَأْتُم بِهِ وَلَٰكِن مَّا تَعَمَّدَتْ قُلُوبُكُمْ } ، وهذا لم يتعمد قلبه فعل المفسد فيكون صومه صحيحًا .
٢/ أن يفعل ما يُفطر مُكرهًا عليه فلا يفسد صومه ؛ لقوله تعالى : { مَن كَفَرَ بِاللَّهِ مِن بَعْدِ إِيمَانِهِ إِلَّا مَنْ أُكْرِهَ وَقَلْبُهُ مُطْمَئِنٌّ بِالْإِيمَانِ وَلَٰكِن مَّن شَرَحَ بِالْكُفْرِ صَدْرًا فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِّنَ اللَّهِ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ } ، فإذا كان حكم الكفر يُعفى عنه مع الإكراه ، فما دون الكفر من باب أولى ، وعلى هذا فلو أكره الرجل زوجته على الجماع وهي صائمة ، وعجزت عن مدافعته ، فصيامها صحيح . الشرط الثاني : أن يكون ذاكرًا ، وضده الناسي . فلو فعل شيئًا من المُفطرات ناسيًا ، فلا شيء عليه لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” من نسي وهو صائ فأكل أو شرب فليُتم صومه فإنما أطعمه الله وسقاه ” أخرجه البخاري (1933) ومسلم (1155) وهذا يشمل الفريضة والنافلة . وإن ذكر أنه صائم واللقمة في فمه لزمه لفظها ؛ لأنه في الفم وهو في حكم الظاهر ، فلا يفسد صومه لو تعمد إخراجها ، أما لو ابتلعها حتى وصلت ما بين حنجرته ومعدته لم يلزمه إخراجها ، ولو حاول وأخرجها لفسد صومه لأنه تعمد القيء . الشرط الثالث : العلم ، وضد العلم الجهل ، والجهل ينقسم إلى قسمين :
١/ جهل بالحكم الشرعي ، أي : لا يدري أن هذا حرام .
٢/ جهل بالحال ، أي : لا يدري أنه في حال يحرم عليه الأكل والشرب ، وكلاهما عذر . ودليل ذلك قوله تعالى : { رَبَّنَا لَا تُؤَاخِذْنَا إِن نَّسِينَا أَوْ أَخْطَأْنَا } .
[ ٣٩ ] من فكَّر في الجماع فأنزل ، فلا
يفسد صومه ، سواء كان ذا زوجة ففكر في جماع زوجته ، أو لم يكن ذا زوجه ففكر
في الجماع مطلقًا ؛ ودليله قوله صلى الله عليه وسلم : ” إن الله تجاوز عن
أمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تعمل أو تتكلم ” ، وهذا لم يعمل ولم يتكلم
وإنما حدّث نفسه وفكر فأنزل . أما لو حصل منه عمل حتى أنزل ، أو قبّل زوجته
حتى أنزل ، أو ما أشبه ذلك فإنه يفطر .
[ ٤٠ ] ومن احتلم لا يفطر ، حتى لو نام على تفكير ، واحتلم في أثناء النوم ؛ لأن النائم غير قاصد ، وقد رُفع عنه القلم .
[ ٤١ ] ومن اغتسل أو تمضمض أو استنشق فوصل
الماء إلى حلقه ، فإنه لا يفطر ؛ لعدم القصد . وكذا لو بالغ في المضمضة أو
الاستنشاق ، ودخل الماء حلقه فإنه لا يفطر بذلك ؛ لعدم القصد . ويُكره
للصائم أن يُبالغ فيهما .
[ ٤٢ ] يجوز للصائم أن يستعمل الفرشاة
والمعجون ، لكن الأولى ألا يستعملهما ؛ لما في المعجون من قوة النفوذ
والنزول إلى الحلق ، وبدل من أن يفعل ذلك في النهار يفعله في الليل .
[ ٤٣ ] من أتى مُفطرًا كالأكل والشرب قبل
طلوع الفجر له خمس حالات : الأولى : أن يتيقن أن الفجر لم يطلع ، فصومه
صحيح . الثانية : أن يتيقن أن الفجر طلع ، فهذا صومه فاسد . الثالثة : أن
يأكل وهو شاك هل طلع الفجر أو لا ، ويغلب على ظنه أنه لم يطلع ، فصومه صحيح
. الرابعة : أن يأكل ويشرب ، ويغلب على ظنه أن الفجر طالع ، فصومه صحيح
أيضًا . الخامسة : أن يأكل ويشرب مع التردد الذي ليس فيه رجحان ، فصومه
صحيح . وكل هذا يؤخذ من قوله تعالى : { وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ
يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ
الْفَجْرِ } ، وضد التبين الشك والظن ، فما دمنا لم يتبين الفجر لنا فلنا
أن نأكل ونشرب . ولو تبين له بعد ذلك أنه أكل بعد طلوع الفجر ، فصومه صحيح ؛
لأنه معذور بالجهل في هذه الحال .
[ ٤٤ ] ومن أكل شاكًا في غروب الشمس ، فلا
يصح صومه ؛ لأن الله تعالى يقول : { ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى
اللَّيْلِ } ، والفرق بين من أكل شاكًا في طلوع الفجر ، ومن أكل شاكًا في
غروب الشمس ، أن الأول بانٍ على أصل وهو بقاء الليل ، والثاني أيضًا بانٍ
على أصل وهو بقاء النهار ، فلا يجوز أن يأكل مع الشك في غروب الشمس ، وعليه
القضاء . وإن علمنا أن أكله كان بعد الغروب ، فلا قضاء عليه . ويجوز أن
يأكل إذا تيقن أو غلب على ظنه أن الشمس قد غربت ، فله أن يفطر ولا قضاء
عليه . حتى لو تبين له بعد ذلك أنها لم تغرب . ودليل جواز الفطر بظن الغروب
مع أن الأصل بقاء النهار حديث أسماء بنت أبي بكر رضي الله عنهما قالت : ”
أفطرنا في يوم غيم على عهد النبي صلى الله عليه وسلم ” أخرجه البخاري
(1959) وإفطارهم كان على ظن قطعًا ؛ لقولها في هذا الحديث : ” ثم طلعت
الشمس ” .
[ ٤٥ ] من غابت عليه الشمس وهو في الأرض
وأفطر وطارت به الطائرة ثم رأى الشمس ، فلا يلزمه الإمساك ؛ لأن النهار في
حقه انتهى ، والشمس لم تطلع عليه بل هو طلع عليها ، لكن لو أنها لم تغب
وبقي خمس دقائق ثم طارت الطائرة ولما ارتفعت إذ الشمس باقٍ عليها ربع ساعة
أو ثلث ، فإن صيامه يبقى ؛ لأنه ما زال عليه صومه .
[ ٤٦ ] والجماع من مفطرات الصائم وأعظمها
تحريمًا ، ودليله قوله تعالى : { فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُوا مَا
كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ
الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ
أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ } ، والإجماع منعقد على أنه مُفطر .
[ ٤٧ ] ومن جامع في نهار رمضان فعليه القضاء والكفارة ، ويُشترط لذلك ثلاثة شروط :
الأول : أن يكون ممن يلزمه الصوم ، فإن كان ممن لا يلزمه الصوم ، كالصغير ، فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة .
الثاني : ألا يكون هناك مُسقط للصوم ، كما لو كان في سفر وهو صائم فجامع زوجته ، فإنه لا إثم عليه ولا كفارة ، وعليه القضاء فقط ؛ لقوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
الثالث : أن يكون في قُبل أو دُبر ، والقُبل يشمل الحلال والحرام ، فلو زنى فهو كما لو جامع في فرج حلال . والجماع في الدُبر غير جائز . فمن توفرت فيه الشروط السابقة وحصل منه الجماع ، فعليه القضاء ؛ لأنه أفسد صومه الواجب فلزمه القضاء كالصلاة ، وعليه الكفارة ؛ احترامًا للزمن ، ولحديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: ” ما لك؟ ” قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هل تجد رقبة تعتقها؟ ” قال: لا، قال: ” فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين “، قال: لا، فقال: ” فهل تجد إطعام ستين مسكينا “. قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر – والعرق المكتل – قال: ” أين السائل؟ ” فقال: أنا، قال: ” خذها، فتصدق به ” فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: ” أطعمه أهلك ” أخرجه البخاري (1936) ومسلم (1111) وبناءً على هذا لو كان هذا في قضاء رمضان ، فعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه وليس عليه كفارة ؛ لأنه خارج شهر رمضان . ولا فرق بين أن يُنزل أو لا يُنزل ، فإذا أولج الحشفة في القُبل أو الدُبر ، فإنه يلزمه القضاء والكفارة .
الأول : أن يكون ممن يلزمه الصوم ، فإن كان ممن لا يلزمه الصوم ، كالصغير ، فإنه لا قضاء عليه ولا كفارة .
الثاني : ألا يكون هناك مُسقط للصوم ، كما لو كان في سفر وهو صائم فجامع زوجته ، فإنه لا إثم عليه ولا كفارة ، وعليه القضاء فقط ؛ لقوله تعالى : { وَمَن كَانَ مَرِيضًا أَوْ عَلَىٰ سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِّنْ أَيَّامٍ أُخَرَ } .
الثالث : أن يكون في قُبل أو دُبر ، والقُبل يشمل الحلال والحرام ، فلو زنى فهو كما لو جامع في فرج حلال . والجماع في الدُبر غير جائز . فمن توفرت فيه الشروط السابقة وحصل منه الجماع ، فعليه القضاء ؛ لأنه أفسد صومه الواجب فلزمه القضاء كالصلاة ، وعليه الكفارة ؛ احترامًا للزمن ، ولحديث أبي هريرة الثابت في الصحيحين قال: بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم، إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله هلكت. قال: ” ما لك؟ ” قال: وقعت على امرأتي وأنا صائم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ” هل تجد رقبة تعتقها؟ ” قال: لا، قال: ” فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين “، قال: لا، فقال: ” فهل تجد إطعام ستين مسكينا “. قال: لا، قال: فمكث النبي صلى الله عليه وسلم، فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيها تمر – والعرق المكتل – قال: ” أين السائل؟ ” فقال: أنا، قال: ” خذها، فتصدق به ” فقال الرجل: أعلى أفقر مني يا رسول الله؟ فوالله ما بين لابتيها أهل بيت أفقر من أهل بيتي، فضحك النبي صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه، ثم قال: ” أطعمه أهلك ” أخرجه البخاري (1936) ومسلم (1111) وبناءً على هذا لو كان هذا في قضاء رمضان ، فعليه القضاء لهذا اليوم الذي جامع فيه وليس عليه كفارة ؛ لأنه خارج شهر رمضان . ولا فرق بين أن يُنزل أو لا يُنزل ، فإذا أولج الحشفة في القُبل أو الدُبر ، فإنه يلزمه القضاء والكفارة .
[ ٤٨ ] وإذا جامع دون الفرج فأنزل ، فعليه
القضاء دون الكفارة ؛ لأنه أفسد صومه بغير الجماع ، ومثاله أن يُجامع بين
فخذي امرأته ويُنزل .
[ ٤٩ ] المرأة كالرجل في الحكم ، فإن كانت
مطاوعة فعليها القضاء والكفارة ؛ لأن الأصل تساوي الرجال والنساء في
الأحكام إلا بدليل . وأما إذا كانت المرأة معذورة بجهل أو نسيان أو إكراه ،
فلا شيء عليها ، وكذلك الرجل إذا كان معذورًا بجهل أو نسيان أو إكراه .
[ ٥٠ ] ومن كان صائمًا في سفره ، فجامع
زوجته في نهار رمضان ، فهذا يفطر لأنه جامع ، والجماع من المفطرات ، وليس
عليه كفارة ؛ لأنه لم ينتهك حرمة الصوم حيث إن الصوم لا يجب عليه في السفر ،
ويلزمه القضاء .
[ ٥١ ] وإن جامع في يومين من رمضان ، بأن
جامع في اليوم الأول ، وفي اليوم الثاني ، فإنه يلزمه كفارتان ، وإن جامع
في ثلاثة أيام فثلاث كفارات ، وإن جامع في كل يوم من الشهر فثلاثون كفارة
أو تسع وعشرون حسب أيام الشهر ؛ وذلك لأن كل يوم عبادة مستقلة .
[ ٥٢ ] وإن جامع في يوم واحد مرتين ،
فتلزمه كفارة واحدة عن الجماع الأول ، ولا تلزمه كفارة عن الجماع الثاني ؛
لأن الجماع الثاني لم يرد على صوم صحيح ، ولأنه ليس صائمًا الآن ، ويلزمه
الإمساك ؛ لأن كل من أفطر لغير عذر حرم عليه أن يستمر في فطره . ولا فرق
بين أن يكون الجماع واقعًا على امرأة واحدة أو اثنتين ، فلو جامع الأولى في
أول النهار والثانية في آخره ، ولم يكفر عن الأول ، فعليه كفارة واحدة .
[ ٥٣ ] وكفارة الوطء في نهار رمضان عتق
رقبة ، فإن لم يجد رقبة أو لم يجد ثمنها فصيام شهرين متتابعين ، فلا يفطر
بينهما يومًا واحدًا إلا لعذر شرعي كالحيض والنفاس بالنسبة للمرأة ،
وكالعيدين وأيام التشريق ، أو لعذر حسّي كالمرض والسفر للرجل والمرأة ،
بشرط ألا يُسافر لأجل أن يُفطر ، فإن سافر لأجل أن يُفطر انقطع التتابع .
فإن لم يستطع الصيام فإطعام ستين مسكينًا ، وقد سبق دليل ذلك . والطعام في
هذه المسألة لا يتقدر ، بل يُطعم بما يُعد إطعامًا ، فلو أنه جمعهم وغداهم
أو عشاهم أجزأ ذلك ، لأن النبي صلى الله عليه وسلم قال للرجل الذي جامع
أهله في نهار رمضان : هل تستطيع أن تُطعم ستين مسكينًا ؟ . فإن لم يجد سقطت
الكفارة ، لقوله تعالى : { لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا
آتَاهَا } ، ولا واجب مع العجز ، فتبرأ ذمته ولا شيء عليه حتى لو أغناه
الله في المستقبل ؛ لأن الكفارة سقطت عنه .
[ باب ما يُكره ، ويُستحب ، وحُكم القضاء ] ..
[ ٥٤ ] لا يكره للصائم جمع ريقه وابتلاعه ،
ولا يُقال إن الصوم نقص بذلك ، وعلى ذلك فلا يجب التفل بعد المضمضة ، ولا
بعد شرب الماء عند أذان الفجر ، ولا عند جمع الريق بسبب القراءة ، فإنه لم
يُعهد عن الصحابة رضي الله عنهم أنه يتفل حتى يذهب طعم الماء ، بل هذا مما
يسامح فيه ، لكن لو بقي طعم طعام كحلاوة تمر ، أو ما أشبه ذلك فهذا لا بد
أن يتفله ولا يبتلعه .
[ ٥٥ ] ويحرم بلع النخامة على الصائم وغير
الصائم ؛ لأنها مستقذرة وربما تحمل أمراض خرجت من البدن ، ولكنها لا تفطر
إذا وصلت إلى الفم وابتلعها ؛ لأنها لم تخرج من الفم ، ولا يُعد بلعها
أكلًا ولا شربًا .
[ ٥٦ ] والدم الذي يخرج من اللسان أو
اللثة أو الأسنان ، لا يجوز بلعه لا للصائم ولا لغيره ؛ لعموم قوله تعالى :
{ حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ وَالدَّمُ } ، وإذا وقع من الصائم
فإنه يفطر .
[ ٥٧ ] ويُكره أن يذوق الصائم طعامًا
كالتمر والخبز والمرق ؛ لأنه ربما ينزل شيء من هذا الطعام إلى جوفه من غير
أن يشعر به ، فيكون في ذوقه لهذا الطعام تعريض لفساد الصوم ، إلا إذا كان
لحاجة فلا بأس ، والحاجة مثل أن يكون طباخًا يحتاج أن يذوق الطعام لينظر
ملحه أو حلاوته ، أو يشتري شيئًا من السوق يحتاج إلى ذوقه ، أو امرأة تمضغ
لطفلها تمرة ، أو ما أشبه ذلك .
[ ٥٨ ] ويُكره للصائم أن يمضغ علكًا قويًا
، والقوي هو الشديد الذي لا يتفتت ؛ لأنه ربما يتسرب إلى بطنه شيء من طعمه
إن كان له طعم ، فإن لم يكن له طعم فلا وجه للكراهة ، ولكن مع ذلك لا
ينبغي أن يمضغه أمام الناس ؛ لأنه يُساء به الظن فما الذي يُدريهم أنه علك
قوي أو غير قوي ، أو أنه ليس فيه طعم أو فيه طعم ، وربما يقتدي به بعض
الناس فيمضغ العلك دون اعتبار الطعم . وإن وجد طعم العلك القوي في حلقه أو
الطعام الذي تذوقه لحاجة ، فإنه فلا يفطر ؛ لأنه ليس هناك دليل يدل على أن
مناط الحكم وصول الطعم إلى الحلق ، فأحيانًا يصل الطعم إلى الحلق ولكن لا
يبتلعه ولا ينزل إلى الجوف .
[ ٥٩ ] ويحرم العلك المتحلل إن بلع ريقه ،
وهو الذي ليس بصلب بل إذا علكته تحلل وصار مثل التراب ، فهذا حرام على
الصائم ؛ لأنه إذا علكه لا بد أن ينزل معه شيء لأنه متحلل يجري مع الريق ،
ويفسد الصوم إذا بلع منه شيئًا . فإن لم يبلع ريقه فإنه لا يحرم ، كما لو
كان الإنسان يعلك العلك فلما تحلل لَفَظَه ، أو كان يعلكه ويجمعه ثم يلفظه
ولا يَنزل إلى الجوف .
[ ٦٠ ] القُبلة للصائم تنقسم إلى قسمين : الأول : جائز ، وله صورتان :
١/ ألا يصحبها شهوة إطلاقًا ، مثل تقبيل الإنسان أولاده الصغار ، أو تقبيل القادم من السفر ، أو ما أشبه ذلك ، فهذه لا تؤثر ولا حُكم لها باعتبار الصوم ؛ لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع .
٢/ أن تُحرك الشهوة ، ولكنه يأمن من إفساد الصوم بالإنزال ، فلا بأس بها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان يُقبل وهو صائم ” أخرجه البخاري (1927) ومسلم (1106)
الثاني : محرم ، وهو إذا كان لا يأمن فساد صومه ، فيحرم إذا ظن الإنزال ، بأن يكون شابًا قوي الشهوة ، شديد المحبة لأهله ، فهذا لا شك أنه على خطر إذا قبّل زوجته في هذه الحال ، فهذا يحرم عليه أن يُقبل ؛ لأنه يُعرض صومه للفساد . ودواعي الوطء كالضم ونحوه حكمها حكم القُبلة ولا فرق .
١/ ألا يصحبها شهوة إطلاقًا ، مثل تقبيل الإنسان أولاده الصغار ، أو تقبيل القادم من السفر ، أو ما أشبه ذلك ، فهذه لا تؤثر ولا حُكم لها باعتبار الصوم ؛ لأن الأصل الحل حتى يقوم دليل على المنع .
٢/ أن تُحرك الشهوة ، ولكنه يأمن من إفساد الصوم بالإنزال ، فلا بأس بها ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم ” كان يُقبل وهو صائم ” أخرجه البخاري (1927) ومسلم (1106)
الثاني : محرم ، وهو إذا كان لا يأمن فساد صومه ، فيحرم إذا ظن الإنزال ، بأن يكون شابًا قوي الشهوة ، شديد المحبة لأهله ، فهذا لا شك أنه على خطر إذا قبّل زوجته في هذه الحال ، فهذا يحرم عليه أن يُقبل ؛ لأنه يُعرض صومه للفساد . ودواعي الوطء كالضم ونحوه حكمها حكم القُبلة ولا فرق .
[ ٦١ ] ويُسن لمن شتمه أحد أو قاتله ، أن
يقول : إني صائم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” فإن امرؤ شاتمه أو
قاتله فليقل : إني امرؤ صائم إني صائم “ أخرجه البخاري (1894) ومسلم
(1151)
[ ٦٢ ] ويُسن السُّحور ، ويُسن تأخيره ؛
اقتداءً برسول الله صلى الله عليه وسلم ، واحتسابًا للخيرية التي قال فيها
الرسول صلى الله عليه وسلم : ” لا يزال الناس بخير ما عجّلوا الفطور
وأخّروا السحور ” أخرجه البخاري (1957) ومسلم (1098) وفي تأخيره رفقًا
بالنفس ؛ لأنه إذا أخر السحور قلّت المدة التي يُمسك فيها ، ويُؤخره ما لم
يخشَ طلوع الفجر ، فإن خشي طلوع الفجر فليبادر . ويُسن تعجيل الفطر ،
والمبادرة به إذا غربت الشمس ؛ للحديث السابق .
[ ٦٣ ] ويُسن أن يكون الفطور على رطب ،
فإن عُدم فتمر ، فإن عُدم فماء ؛ لقول أنس بن مالك رضي الله عنه : ” كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يُفطر قبل أن يُصلي على رطبات فإن لم تكن
فتميرات فإن لم تكن تميرات حسا حسوات من ماء “ أخرجه أحمد (164/3) وأبو
داود (2356) والترمذي (699 والدارقطني (185/2) والحاكم (432/1) وصححه
الحاكم على شرط مسلم ووافقه الذهبي
[ ٦٤ ] ويُسن أن يقول ما ورد عند الفطور ،
ومنه قول : ” اللهم لك صمت ، وعلى رزقك أفطرت ، اللهم تقبل مني إنك أنت
السميع العليم ” أخرجه الدارقطني (185/2) وضعفه ابن القيم في الزاد (51/2)
والهيثمي في المجمع (156/3) ووردت آثار أخرى في أسانيدها ما فيها ، لكن
إذا قالها الإنسان فلا بأس . ومنها إذا كان اليوم حارًا وشرب بعد الفطور ،
فإنه يقول : ” ذهب الظمأ وابتلت العروق وثبت الأجر إن شاء الله “ أخرجه
أبو داود (2357) والدارقطني (185/2) والحاكم (422/1) وحسنه الدارقطني وصححه
الحاكم ووافقه الذهبي
[ ٦٥ ] ويُسن التتابع في القضاء ، فلا
يفطر بين أيام الصيام في القضاء ؛ وذلك لثلاثة أوجه : الأول : أن هذا أقرب
إلى مشابهة الأداء ، لأن الأداء متتابع . الثاني : أنه أسرع في إبراء الذمة
. الثالث : أنه أحوط ؛ لأن الإنسان لا يدري ما يحدث له . فلهذا كان الأفضل
أن يكون القضاء متتابعًا .
[ ٦٦ ] ولا يجوز تأخير القضاء إلى رمضان
آخر ، لحديث عائشة رضي الله عنها قالت : ” كان يكون عليَّ الصوم من رمضان
فما أستطيع أن أقضيه إلا في شعبان “ أخرجه البخاري (1950) ومسلم (1146) أي :
لا أستطيع شرعًا تأخيره إلى ما بعد رمضان . ويجوز القضاء في أي شهر
متتابعًا أو متفرقًا ، بشرط ألا يكون الباقي من شعبان بقدر ما عليه ، فإذا
بقي من شعبان بقدر ما عليه فحينئذٍ يلزمه أن يقضي متتابعًا . ولو أخّره إلى
رمضان آخر لعذر فإنه جائز ، مثل أن يكون مسافرًا فيستمر به السفر أو
مريضًا فيستمر به المرض أو تكون المرأة حاملًا ويستمر بها الحمل أو مُرضعًا
تحتاج إلى الإفطار كل السنة ؛ لأنه إذا جاز أن يُفطر بهذه الأعذار في
رمضان وهو أداء ، فجواز الإفطار في أيام القضاء من باب أولى .
[ ٦٧ ] ويجوز التنفل بالصوم قبل القضاء ما
دام الوقت واسعًا ، وصومه صحيح ولا يأثم ، ولكن الأولى أن يبدأ بالقضاء ،
حتى لو مرّ عليه عشر ذي الحجة أو يوم عرفة ، فنقول : صم القضاء في هذه
الأيام وربما تُدرك أجر القضاء وأجر الصيام في هذه الأيام ، وعلى فرض أنه
لا يحصل أجر صيام هذه الأيام مع القضاء ، فإن القضاء أفضل من تقديم النفل .
[ ٦٨ ] وأيام الست من شوال لا تُقدم على
قضاء رمضان ، فلو قُدمت صارت نفلًا مُطلقًا ، ولم يحصل على ثوابها الذي قال
عنه الرسول صلى الله عليه وسلم : ” من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال
كان كصيام الدهر ” أخرجه مسلم (1164) وذلك لأن لفظ الحديث ” من صام رمضان ”
ومن كان عليه قضاء لا يصدق عليه أنه صام رمضان .
[ ٦٩ ] لو أخّر القضاء إلى ما بعد رمضان الثاني بلا عذر كان آثمًا ، ويلزمه القضاء فقط ، فلا يلزمه الإطعام ؛ لعدم الدليل .
[ ٧٠ ] ومن مات وعليه صيام من رمضان أو
كفارة أو نذر استحب لوليّه قضاؤه ، ولا يجب ، وإنما يُستحب أن يقضيه ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ” من مات وعليه صيام صام عنه وليه “أخرجه
البخاري (1952) ومسلم (1147) فهذا أمر ، ويصرفه عن الوجوب قوله تعالى : {
وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَىٰ } ، فيُستحب لوليه أن يقضيه فإن لم
يفعل ، أطعم عن كل يوم مسكينًا قياسًا على صوم الفريضة . والذي إذا مات
كان القضاء واجبًا عليه هو الذي تمكن من القضاء فلم يفعل ، فإذا مات صام
عنه وليه . والولي هو الوارث . ويُجزئ في هذه المسألة أن يقتسم الورثة
الصوم ، فيصوم كل واحد منهم عدد من الأيام حتى تكتمل الأيام التي يجب
قضاؤها .
[ ٧١ ] ومن مات وعليه حج نذر فإن وليه يحج
عنه ؛ ودليله أن امرأة سألت النبي صلى الله عليه وسلم : ” أن أمها نذرت أن
تحج فلم تحج حتى ماتت . فقال لها : أرأيت لو كان على أمك دين أكنت قاضيته ؟
قالت : نعم . قال : اقضوا الله فالله أحق بالوفاء ” أخرجه البخاري
(1852) وكذلك أيضًا حج الفريضة ؛ ودليل ذلك حديث ابن عباس رضي الله عنهما :
” أن امرأة قالت : يا رسول الله إن فريضة الله على عباده بالحج أدركت أبي
شيخًا كبيرًا لا يثبت على الراحلة ، أفأحج عنه ؟ قال : نعم . ” أخرجه
البخاري (1513) ومسلم (1334) فإذا جازت النيابة عن الحي لعدم قدرته على
الحج ، فعن الميت من باب أولى .
[ ٧٢ ] ولا يصح استئجار من يصوم عنه ؛ لأن مسائل القُرب لا يصح الاستئجار عليها .
[ باب صوم التطوُّع ] ..
[ ٧٣ ] يُسن صيام ثلاثة أيام من كل شهر ،
سواء كانت متتابعة أو متفرقة ، والأفضل أن تكون أيام البيض ، وأيام البيض
هي اليوم الثالث عشر من الشهر ، والرابع عشر ، والخامس عشر ، وقد أمر النبي
صلى الله عليه وسلم بصيامها . وهذه الثلاثة تُغني عن صيام ثلاثة أيام من
كل شهر التي قال فيها النبي صلى الله عليه وسلم : ” صيام ثلاثة أيام من كل
شهر صوم الدهر كله “ أخرجه البخاري (1979) ومسلم (1159)
[ ٧٤ ] ويُسن صيام الأثنين والخميس ، وصوم
الأثنين أوكد من الخميس ، فيُسن للإنسان أن يصوم يومي الأثنين والخميس من
كل أسبوع ، وقد علل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك : ” بأنهما يومان تُعرض
فيهما الأعمال على الله عز وجل ، قال : فأحب أن يُعرض عملي وأنا صائم
“ أخرجه أحمد (208،204،200/5) وأبو داود (2436) والترمذي (747) والنسائي
(201/4) وحسنه الترمذي والمنذري وصححه في الإرواء (103/4)
[ ٧٥ ] ولا يُسن صوم يوم الجمعة ، ويُكره
أن يُفرد صومه ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” لا تصوموا يوم الجمعة
إلا أن تصوموا يومًا قبله أو يومًا بعده “ أخرجه البخاري (1985) ومسلم
(1144)
[ ٧٦ ] ويُسن صوم ست من شوال ؛ لقول النبي
صلى الله عليه وسلم : ” من صام رمضان ثم أتبعه ستًا من شوال كان كصيام
الدهر ” أخرجه مسلم (1164) والأفضل أن تكون هذه الست بعد يوم العيد مباشرة
؛ لما في ذلك من السبق إلى الخيرات . والأفضل أن تكون متتابعة ؛ لأن ذلك
أسهل غالبًا ، ولأن فيه سبقًا لفعل هذا الأمر المشروع . والسُّنة أن يصومها
بعد انتهاء قضاء رمضان لا قبله ، فلو كان عليه قضاء ثم صام الستة قبل
القضاء فإنه لا يحصل على ثوابها ، وقد تقدم دليل ذلك . ولو لم يتمكن من
صيام الأيام الستة في شوال لعذر كمرض أو قضاء رمضان كاملًا حتى خرج شهر
شوال ، فله أن يقضيها ويُكتب له أجرها .
[ ٧٧ ] ويُسن صوم شهر المحرم ، وهو الذي
يلي شهر ذي الحجة ، وصومه أفضل الصيام بعد رمضان ، كما قال النبي صلى الله
عليه وسلم : ” أفضل الصيام بعد رمضان شهر الله المحرم ” أخرجه مسلم
(1163) . وآكد صوم شهر المحرم العاشر ثم التاسع ؛ لأن النبي صلى الله عليه
وسلم : ” سُئل عن صوم يوم عاشوراء ؟ فقال : أحتسب على الله أن يُكفر السنة
التي قبله ” أخرجه مسلم (1162) ثم يليه التاسع ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم
: ” لئن بقيت ، إلى قابل لأصومن التاسع ” أخرجه مسلم (1134) أي : مع
العاشر . ولا يُكره إفراد العاشر بالصوم ، ولكن يفوت بإفراده أجر مخالفة
اليهود .
[ ٧٨ ] ويُسن صوم تسع ذي الحجة ، وتبدأ من
أول أيام ذي الحجة وتنتهي باليوم التاسع وهو يوم عرفة ، ودليل ذلك قوله
صلى الله عليه وسلم : ” ما من أيام العمل الصالح فيهن أحب إلى الله من هذه
الأيام العشر ” أخرجه البخاري (969)والصوم من العمل الصالح . وآكد تسع ذي
الحجة صيام يوم عرفة لغير حاج بها ، ويوم عرفة هو اليوم التاسع ، وإنما كان
آكد أيام العشر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم سُئل عن صوم يوم عرفة فقال
: ” أحتسب على الله أن يُكفر السنة التي قبله والسنة التي بعده “أخرجه
مسلم (1162) وعلى هذا فصوم يوم عرفة أفضل من صوم عاشرواء ؛ لأن يوم عاشوراء
يُكفر السنة التي قبله فقط . ويُكره للحاج أن يصوم يوم عرفة ؛ لأن النبي
صلى الله عليه وسلم لم يصمه وهو حاج ، ولأن هذا اليوم يوم دعاء وعمل ، ولا
سيما أن أفضل زمن الدعاء هو آخر هذا اليوم ، فإذا صام الإنسان فسوف يأتيه
آخر اليوم وهو في كسل وتعب ، فتزول الفائدة العظيمة الحاصلة بهذا اليوم .
[ ٧٩ ] وأفضل صوم التطوع ، صوم يوم وفطر
يوم ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لعبدالله بن عمرو بن العاص رضي الله
عنهما : ” صُم يومًا وأفطر يومًا فذلك صيام داود عليه السلام وهو أفضل
الصيام “ أخرجه البخاري (1976)
[ ٨٠ ] ويُكره إفراد رجب بالصوم ؛ لأنه من
شعائر الجاهلية ، ولم يرد في السنة في تعظيمه شيء ، وكل ما يُروى في فضل
صومه أو الصلاة فيه من الأحاديث فهي كذب باتفاق علماء الحديث .
[ ٨١ ] ويُكره إفراد يوم السبت بالصوم ؛
لحديث : ” لا تصوموا يوم السبت إلا فيما افترض عليكم ” أخرجه أحمد (368/6)
وأبو داود (2421) والترمذي (744) والنسائي (2773) وابن ماجه (1726) وإن صح
هذا الحديث فيُحمل على النهي عن إفراده ، وأما جمعه مع الجُمعة أو الأحد
فلا بأس ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم لجويرية وقد وجدها صائمة يوم
الجمعة : ” أصمت أمس ؟ قالت : لا ، قال : أتصومين غداً ؟ قالت : لا ، قال
فأفطري ” أخرجه البخاري (1986)فدل على أن صومه مع الجمعة لا بأس به . وإن
أفرده لسبب فلا كراهة ، مثل أن يُصادف يوم عرفة أو يوم عاشوراء .
[ ٨٢ ] ويحرم صوم يوم الشك ، وهو يوم
الثلاثين من شعبان ، إذا كان في السماء ما يمنع رؤية الهلال ، وأما إذا
كانت السماء صحوًا فلا شك . ودليل حرمة صوم يوم الشك ، حديث عمار بن ياسر :
” من صام اليوم الذي يُشك فيه فقد عصى أبا القاسم صلى الله عليه وسلم
“ رواه البخاري في صحيحه معلقًا بصيغة الجزم ، ووصله أبو داود (2334)
والترمذي (686) والنسائي (153/4) وابن ماجه (1645) وصححه ابن خزيمه (1914)
وابن حبان (3585) وأخرجه وصححه الدارقطني (157/2) وصححه الترمذي
[ ٨٣ ] ويحرم صوم العيدين ؛ لأن النبي صلى
الله عليه وسلم نهى عن صوم يومي العيدين ، عيد الفطر وعيد الأضحى أخرجه
البخاري (1993) ومسلم (1138) ولو كان صوم فرض ، كقضاء من رمضان أو نذر .
[ ٨٤ ] ويحرم صيام أيام التشريق ؛ لقول
النبي صلى الله عليه وسلم : ” أيام التشريق أيام أكل وشرب وذكر لله عز وجل ”
أخرجه مسلم (1141) وأيام التشريق ثلاثة بعد يوم النحر ، وهي : الحادي عشر
والثاني عشر والثالث عشر . ويجوز صيامها للحاج المتمتع والقارن ممن عليه
الهدي فلم يجد ، فيصوم ثلاثة أيام في الحج وسبعة إذا رجع .
[ ٨٥ ] ولا يلزم الإتمام في صيام النفل ؛
ودليل ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل على أهله ذات يوم فقال : ” هل
عندكم شيء ؟ قالوا : نعم عندنا حيس ، قال : أرينيه – يقوله لعائشة – فلقد
أصبحت صائمًا ، فأَرته إياه فأكل ” أخرجه مسلم (1154) فدل هذا على أن
النفل أمره واسع وللإنسان أن يقطعه ، ولكن العلماء يقولون : لا ينبغي أن
يقطعه إلا لغرض صحيح .
[ ٨٦ ] ولو فسد النفل ، فإنه لا يلزمه
القضاء ؛ لأنه لو وجب القضاء لوجب الإتمام ، فإذا كان لا يجب الإتمام فلا
يجب القضاء من باب أولى . إلا الحج فإنه يلزمه إتمامه ولو كان نفلًا ، ويجب
قضاء فاسده ، ولو كان نفلًا ؛ لقوله تعالى : { وَأَتِمُّوا الْحَجَّ
وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ } ، وهذه الآية نزلت قبل فرض الحج ، ومع هذا أمر
الله بإتمامهما مع أنهما نفل لم يُفرضا بعد ، ودلت السُّنة على وجوب قضائه .
[ باب الاعتكاف ] ..
[ ٨٧ ] ثبتت الأحاديث أن ليلة القدر في
العشر الأواخر من رمضان ، وهي تتنقل فتكون عامًا ليلة إحدى وعشرين ، وعامًا
ليلة تسع وعشرين ، وعامًا ليلة خمس وعشرين ، وعامًا ليلة أربع وعشرين ،
وهكذا ؛ فبذلك يكون الجمع بين الأحاديث ، ولكن أرجى الليالي ليلة سبع
وعشرين . فينبغي للمسلم أن يجتهد في كل العشر .
[ ٨٨ ] ومما جاء في فضل قيام ليلة القدر ،
قوله صلى الله عليه وسلم : ” من قام ليلة القدر إيمانًا واحتسابًا غُفر له
ما تقدم من ذنبه “ أخرجه البخاري (3208) ومسلم (2643)
[ ٨٩ ] وأوتار العشر آكد ؛ ويدل عليه حديث
عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ” تحروا ليلة
القدر في الوتر من العشر الأواخر من رمضان ” أخرجه البخاري (2017) ومسلم
(1169) وأوتاره هي : إحدى وعشرين ، وثلاث وعشرين ، وخمس وعشرين ، وسبع
وعشرين ، وتسع وعشرين ، فهذه خمس ليال هي أرجاها ، وليس معناه أنها لا تكون
إلا في الأوتار ، بل تكون في الأوتار وغير الأوتار . وليلة سبع وعشرين
أبلغ الأوتار وأرجاها أن تكون ليلة القدر ، لكنها لا تتعين في هذه الليلة .
[ ٩٠ ] وتخصيص ليلة القدر بالعمرة بدعة ؛
لأنه تخصيص لعبادة في زمن لم يُخصصه الشارع بها ، والذي حث عليه النبي صلى
الله عليه وسلم في ليلة القدر هو القيام ، ولم يُرغِّب في العمرة في تلك
الليلة ، بل رغَّب فيها في الشهر ، فقال : ” عمرة في رمضان تعدل حجة معي ”
أخرجه البخاري (1782) ومسلم (1256) فتخصيص العمرة بليلة القدر أو تخصيص
ليلة القدر بعمرة من البدع .
[ ٩١ ] ومن علامات ليلة القدر : ١/ قوة
الإضاء والنور في تلك الليلة . ٢/ طمأنينة القلب وانشراح الصدر من المؤمن
في هذه الليلة أكثر من بقية الليالي . ٣/ تكون الرياح فيها ساكنة ، أي : لا
يأتي فيها عواصف ، بل يكون الجو مناسبًا . ٤/ أن الله يُري الإنسان الليلة
في المنام ، كما حصل ذلك لبعض الصحابة . ٥/ أن الإنسان يجد في القيام لذة
ونشاطًا أكثر مما يجده في غيرها من الليالي . ٦/ أن الشمس تطلع في صبيحتها
ليس لها شعاع صافية ، ليس كعادتها في بقية الأيام .
[ ٩٢ ] ويُستحب للمسلم أن يدعو فيها بما
ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم ومنه : ” اللهم إنك عفو تُحب العفو فاعف
عني ” أخرجه أحمد (25497) والترمذي (3513) وابن ماجه (3850) والحاكم
(530/1) فهذا من الدعاء المأثور ، وكذلك أدعية كثيرة واردة عن النبي صلى
الله عليه وسلم ، ولا يمنع الزيادة على ما ورد فالله تعالى يقول : {
ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً } وهذا مُطلق ، وقد قال النبي صلى
الله عليه وسلم : ” ليسأل أحدكم ربه حاجته حتى شراك نعله ” أخرجه الترمذي
(3604) وابن حبان (894،895) ولكن الأدعية الواردة خير وأكمل وأفضل من
الأدعية المسجوعة التي يسجعها بعض الناس وتجده يُطيل ! فالدعاء الذي جاء في
القرآن أو في السنة خير بكثير مما صُنع مسجوعًا .
[ ٩٣ ] الاعتكاف هو لزوم مسجد لطاعة الله
عز وجل ، فخرج بذلك لزوم الدار ، فلو اعتكف في بيته ، وقال : لا أخرج إلى
الناس فأفتتن بالدنيا ، ولكن أبقى في بيتي مُعتكفًا ، فهذا ليس اعتكافًا
شرعيًا ، بل يُسمى هذا عزلة . وخرج بذلك لزوم المصلى ، فلو أن قومًا في
عمارة ولها مصلى وليس بمسجد ، فإن لزوم هذا المصلى لا يُعتبر اعتكافًا ؛
والدليل على ذلك قوله تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ
عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } ، فجعل محل الاعتكاف المسجد . ولزوم المسجد
يكون لطاعة الله ، لا للانعزال عن الناس ، ولا من أجل أن يأتيه أصحابه
ورفقاؤه يتحدثون عنده ، بل للتفرغ لطاعة الله عز وجل . وروح الاعتكاف أن
تمكث في المسجد لطاعة الله عز وجل ، ويجوز للإنسان أن يتحدث عنده بعض أهله
لأجلٍ ليس بكثير ؛ كما كان الرسول صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك .
[ ٩٤ ] والاعتكاف يكون للطاعات الخاصة ،
كالصلاة والذكر وقراءة القرآن وما أشبه ذلك ، أما عن طلب العلم فلا شك أنه
من طاعة الله ، فلا بأس ان يَحضر المعتكف درسًا أو درسين في يوم أو ليلة ؛
لأن هذا لا يُؤثر على الاعتكاف ، لكن مجالس العلم إن دامت ، وصار يُطالع
دروسه ، ويحضر الجلسات الكثيرة التي تُشغله عن العبادة الخاصة ، فهذا لا شك
أن في اعتكافه نقصًا ، ولكن هذا لا يُنافي الاعتكاف .
[ ٩٥ ] هل العزلة عن الناس أفضل أم لا ؟
من كان في اجتماعه بالناس خير ، فترك العزلة أولى ، ومن خاف على نفسه
باختلاطه بالناس لكونه سريع الافتتان قليل الإفادة للناس ، فبقاؤه في بيته
خير ، والمؤمن الذي يُخالط الناس ويصبر على أذاهم خير من المؤمن الذي لا
يُخالط الناس ولا يصبر على أذاهم .
[ ٩٦ ] والاعتكاف مسنون في كل مسجد ، فكل
مساجد الدنيا مكان للاعتكاف ، وليس خاصًا بالمساجد الثلاثة ، ولا شك أن
الاعتكاف في المساجد الثلاثة أفضل كما أن الصلاة في المساجد الثلاثة أفضل .
ودليل سُنِّيَّة الاعتكاف قوله تعالى لإبراهيم عليه السلام : { أَن
طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ
} ، فالاعتكاف مشروع حتى في الأمم السابقة ، وقال تعالى : { وَلَا
تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ } . والسُّنة واضحة
مشهورة مستفيضة أن الرسول صلى الله عليه وسلم اعتكف ، واعتكف أصحابه معه .
وقد نُقل الإجماع على ذلك .
[ ٩٧ ] ولا يُسن الاعتكاف إلا في العشر
الأواخر من رمضان فقط ؛ لأن الأحكام الشرعية تتلقى من فعل الرسول صلى الله
عليه وسلم ، ولم يعتكف الرسول صلى الله عليه وسلم في غير رمضان إلا قضاءً ،
ولم يرد عنه لفظ عام أو مُطلق في مشروعية الاعتكاف كل وقت ، ولو كان
الرسول صلى الله عليه وسلم يعلم أن في الاعتكاف في غير رمضان ، بل وفي غير
العشر الأواخر من رمضان سُّنة وأجرًا لبيَّنه للأمة حتى تعمل به . ولكن من
تطوّع وأراد أن يعتكف في غير ذلك ، فإنه لا يُنهى عن ذلك ، ولا نقول إن
فعله بدعة ؛ لما ورد أن عمر رضي الله عنه استفتى النبي صلى الله عليه وسلم
فقال : ” إني نذرت في الجاهلية أن أعتكف يومًا في المسجد الحرام ، فكيف ترى
؟ قال : اذهب فاعتكف يومًا ” أخرجه البخاري (2032) ومسلم (1656) ولو كان
هذا النذر مكروهًا أو حرامًا ، لم يأذن له بوفاء نذره ، ولكن النبي صلى
الله عليه وسلم لم يشرع ذلك لأمته شرعًا عامًا ، فالأفضل أن نقتدي بالرسول
صلى الله عليه وسلم .
[ ٩٨ ] ولا يصح الاعتكاف إلا في مسجد
تُقام في الجماعة ، ولا يُشترط أن تُقام فيه الجُمعة ؛ لأن المسجد الذي لا
تُقام فيه الجماعة لا يصدق عليه كلمة مسجد ، ولو اعتكف في مسجد لا تُقام
فيه الجماعة فإما أن يترك صلاة الجماعة وهذا يؤدي إلى ترك الواجب لفعل
مسنون ، وإما أن يخرج كثيرًا لصلاة الجماعة ، والخروج الكثير يُنافي
الاعتكاف .
[ ٩٩ ] ويصح اعتكاف المرأة ويُسن في كل
مسجد ؛ ودليل مشروعية اعتكاف النساء : اعتكاف زوجات الرسول صلى الله عليه
وسلم في حياته وبعد موته أخرجه البخاري (2026) ومسلم (1172) فالمرأة تعتكف
ما لم يكن في اعتكافها فتنة ، فإن كان في اعتكافها فتنة فإنها لا تُمكَّن
من هذا ؛ لأن المستحب إذا ترتب عليه الممنوع وجب أن يُمنع . ولو اعتكفت
المرأة في مسجد لا تُقام فيه الجماعة ، فلا حرج عليها ؛ لأنه لا يجب عليها
أن تُصلي مع الجماعة . ومن لا تجب عليه الجماعة كالمعذور بمرض أو بغيره مما
يُبيح له ترك الجماعة ، لا بأس باعتكافه في مسجد لا تُقام فيه الجماعة .
[ ١٠٠ ] ولا يصح اعتكاف المرأة في مسجد بيتها ، وهو المكان الذي اتخذته مُصلى ؛ لأنه ليس بمسجد حقيقة ولا حُكمًا .
[ ١٠١ ] ومن نذر الاعتكاف أو الصلاة في
مسجد مُعين ، لم يلزمه الاعتكاف أو الصلاة في المسجد الذي عيَّنه ، إلا إن
كان للمسجد مزية شرعية ، فإنه لا يتنازل عنه إلا ما دونه في هذه المزية ،
كما لو عيَّن المسجد الجامع ، وكان اعتكافه يتخلله جُمعة ، فلا يجوز في
مسجد غير جامع ؛ لان المسجد الجامع له مزية ، وهو أنه تُقام فيه الجُمعة ،
ولا يحتاج المعتكف إلى أن يخرج يخرج إلى مسجد آخر . وإلا إذا عيَّن أحد
المساجد الثلاثة ، المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو المسجد الأقصى ، فإنه
يلزمه الاعتكاف أو الصلاة فيه ؛ لأن النذر يجب الوفاء به ، ولا يجوز
العدول إلى ما دونه .
[ ١٠٢ ] ومن نذر زمنًا مُعيَّنًا ، دخل
مُعتكفه قبل ليلته الأولى وخرج بعد آخره ، كما لو نذر أن يعتكف العشر
الأواخر من رمضان ، فإنه يدخل عند غروب الشمس من يوم عشرين من رمضان ،
ويخرج إذا غربت الشمس من آخر يوم من الزمن الذي عيَّنه .
[ ١٠٣ ] ويصح الاعتكاف بلا صوم ؛ لأنهما عبادتان منفصلتان ، فلا يُشترط للواحدة وجود الأخرى .
[ ١٠٤ ] والصوم والاعتكاف يلزمان بالنذر ،
فمن نذر أن يصوم يومًا لزمه ، ومن نذر أن يعتكف يومًا لزمه ، ومن نذر أن
يصوم مُعتكفًا لزمه ، ومن نذر أن يعتكف صائمًا لزمه .
[ ١٠٥ ] والاعتكاف الذي على سبيل النفل ، يجوز قطعه ؛ لأن استمراره فيه سُنَّة ، ولكن المواصلة أفضل .
[ ١٠٦ ] وخروج المعتكف من المسجد الذي
يعتكف فيه ينقسم إلى ثلاثة أقسام : الأول : أن يخرج لما لا بد له منه حسًا
أو شرعًا ، فهذا جائز سواء اشترطه أم لا . ومثال الحس : الأكل والشرب ،
والحصول على زيادة الملابس إذا اشتد البرد ، وقضاء الحاجة من بول أو غائط ،
فهذا مما لا بد له منه حسًا . ومثال الشرع : أن يخرج ليغتسل من جنابة ، أو
يخرج ليتوضأ ، فهذا لا بد له منه شرعًا . القسم الثاني : أن يخرج لمقصود
شرعي له منه بُد ، كعيادة المريض وشهود الجنازة ؛ لأن عيادة المريض له منها
بُد لكونها سُنة يُمكن للإنسان أن يدعها ولا يأثم ، وكذلك شهود الجنازة ،
لكن لو تعيَّن عليه أن يشهد جنازة بحيث لم نجد من يغسله أو من يحمله إلى
المقبرة ، صار هذا من الذي لا بد منه . القسم الثاني : أن يخرج لما له منه
بُد وليس فيه مقصود شرعي ، فهذا يبطل به الاعتكاف سواء اشترطه أم لا ، كأن
يخرج للبيع والشراء والنزهة ومعاشرة أهله ونحو ذلك .
[ ١٠٧ ] ويجوز أن يشترط عيادة المريض أو
شهود الجنازة في ابتداء الاعتكاف ، فإذا نوى الدخول في الاعتكاف ، قال :
أستثني يا رب عيادة المريض أو شهود الجنازة . وليس هناك دليل واضح في
المسألة إلا قياسًا على حديث ضباعة بنت الزبير رضي الله عنها حيث جاءت تقول
للرسول صلى الله عليه وسلم : إنها تريد الحج وهي شاكية ، فقال لها : ”
حُجِّي واشترطي أن محلي حيث حبستني ، فإن لك على ربك ما استثنيت ” أخرجه
البخاري (1207) ومسلم (1208) فيُؤخذ من هذا أن الإنسان إذا دخل في عبادة
واشترط شيئًا لا يُنافي العبادة ، فلا بأس . ولكن هذا لا ينبغي ، والمحافظة
على الاعتكاف أولى ، إلا إذا كان المريض أو من يتوقع موته له حق عليه ،
فهنا الاشتراط أولى ، بأن كان المريض من أقاربه الذين يُعتبر عدم عيادتهم
قطيعة رحم ، فهنا يستثني ، وكذلك شهود الجنازة .
[ ١٠٨ ] ولا تجوز مباشرة النساء حال
الاعتكاف ، فلو جامع زوجته في فرج أو في غير فرج فأنزل بطل اعتكافه ؛ لقوله
تعالى : { وَلَا تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ }
، ولأنه فعل ما نُهي عنه بخصوصه ، وكل ما نُهي عنه بخصوصه في العبادة
يبطلها .
[ ١٠٩ ] لو اشترط عند دخوله في المعتكف أن
يُجامع أهله في اعتكافه ، لم يصح شرطه ؛ لأنه مُحلِّل لما حرَّم الله ،
وكل شرط أحل ما حرم الله فهو باطل ؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : ” كل
شرط ليس في كتاب الله فهو باطل وإن كان مائة شرط “ أخرجه البخاري (2168)
ومسلم (1504)
[ ١١٠ ] ويُستحب للمعتكف أن يشتغل بالقرب ،
وهي العبادات الخاصة ، كقراءة القرآن والذكر والصلاة في غير وقت نهي ، وما
أشبه ذلك ، وهو أفضل من أن يذهب إلى حلقات العلم ، اللهم إلا أن تكون هذه
الحلقات نادرة ، لا تحصل له في غير هذا الوقت ، فقد يكون طلب العلم في هذه
الحال أفضل من الاشتغال بالعبادات الخاصة ؛ لأن هذا لا يُشغل عن مقصود
الاعتكاف .
[ ١١١ ] ويجوز أن يزور المعتكفَ أحد من
أقاربه ويتحدث إليه ساعة من الزمان ؛ لأن صفية بنت حيي زارت النبي صلى الله
عليه وسلم في معتكفه ، وتحدثت إليه ساعة أخرجه البخاري (2035) ومسلم
(2175) ولأنه إذا تحدث إلى أهله أدخل عليهم السرور ، وحصل بينهم الألفة ،
وهذا أمر مقصود للشرع .
هذا ما تيسَّر ذكره من مسائل الصيام وما
يتعلق بها ، فما كان فيه من صواب فهو من الله وفضله ، وما كان فيه من خطأ
فهو من نفسي والشيطان ، وأستغفر الله العظيم .
وصلَّى اللهُ وسلَّم على نبيِّنا مُحمدٍ وعلى آلهِ وصحبهِ أجمعين
تم بحمد الله في يوم الجُمعة الموافق :١٤٣٤/٨/٥هـ
معاذ بن سامي آل عبدالقادر