كلنا يعرف قصيدة أبي تمام الطائي في رثاء ابن قبيلته محمد بن حميد الطوسي الطائي ـ القائد العباسي ـ الذي خرّ شهيدا في المعركة ولم يكتبْ الله لهُ نصر الدنيا ففاز بنصر الآخرة ...في المعركة الشهيرة لإخماد ثورة بابك الخرمي ـ إنْ لم تخني الذاكرة ـ والتي مطلعها :
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر * فليس لعين ٍ لمْ يَفضْ ماؤها عذر ُ
في هذه القصيدة استوقفني بيت يقول فيه هذا العبقري :
التناص في قصيدة رثاء أبي تمام في محمد الطوسي
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر * فليس لعين ٍ لمْ يَفضْ ماؤها عذر ُ
في هذه القصيدة استوقفني بيت يقول فيه هذا العبقري :
التناص في قصيدة رثاء أبي تمام في محمد الطوسي
فَـتىً كُـلَّما فـاضَت عُـيونُ قَبيلَةٍ دَمـاً * ضَحِكَت عَنهُ الأَحاديث وَالذِكرُ
وعادتْ بي الذاكرة إلى العصر الجاهلي إلى ابن قبيلته الآخر حاتم الطائي في بيته:
أماوي إن المالَ غاد ٍ ورائح * ويبقى من المال الأحاديثُ والذكرُ
ورأيت آلية التناص هنا واضحة كشعاع الشمس , فأبي تمام أتتْ قصيدتُه على بحر ِالطويل كجدهِ الطائي , وكذلك أتتْ عبارة الأحاديث والذكر في آخر ِالبيت الشعري , وأتتْ الجملة بذات المعنى الذي يُرسخ في الأذهان أهمية السمعة الطيبة للإنسان والخلق القويم وأن هذه السمعة الطيبة هي الحياة الباقية للإنسان بعيد وفاته .
من وجهة نظري أنّ هذا العبقري كان يُريد ُأن يقول َأن أبناءَ هذهِ القبيلة يتميزون بالنبل والسخاء وكرم الأخلاق وجميل الطباع الذي يجعلهم يستمرون في الحياة بشهرتهم وأمجادهم الخالدة .
ولذا أتت القافية ـ راء ـ وهو حرف يتكرر على اللسان كما سمعة هذا الإنسان التي لا تزال ....!!
ولكنه أتى رمزا يحتاج لإعمال الفكر لتشعرَ بحقيقته وترى عمق تفكير هذا الشاعر المهووس بفنِه الشعري .
ولذا لا ريب أن ماتَ صغيرا شأنه شأن حميد الطوسي !!!