الاثنين، 30 سبتمبر 2013

من أعزَّ النَّاس ؟



كان الكسائي يؤدّب الأمين والمأمون ابني هارون الرشيد؛ فأراد يوماً النهوض من عندهما؛ فابتدرا إلى نعله ليُقدّماها له؛ فتنازعا أيُّهما يُقدمها له؛ ثم اصطلحا على أن يُقدّم كل واحد منهما فرداً منهما؛ فلما رُفع الخبر إلى الرشيد؛ وَجَه إلى الكسائي؛ فلما دخل عليه قال له :
" من أعزّ النَّاس؟؟ "

قال الكسائي: " لا أعلم أعزَّ من أمير المؤمنين".
قال : " بل أعزَّ النَّاس من إذا نهض تقاتل على تقديم نعله وليا عهد المسلمين حتى يرضى كل منهما أن يُقدم فرداً منها."

فأخذ الكسائي يعتذر حاسباً أنه أَخْطَأَ...

فقال الرشيد: " لو منعتهما عن ذلك، لأوجعتك لوماً و عَتْباً، ولألزمتك ذنباً، وما وضع ما فعلا من شرفهما بل رفع من قدرهما، و بيَّن عن جوهرهما، ولقد تبينتُ مَخيلَةً الفراسة بفعلهما؛ فليس يَكْبُرُ المرء و إن كان كبيراً عن ثلاث : تواضعه لسلطانه ولوالديه و لمُعلمه".

ثم قال : " وقد عوضتهما ممّا فعلا عشرين ألف دينار، ولك عشرة آلاف درهم على حُسن أدبك لهما".