الخميس، 30 أكتوبر 2014

وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين

 قال صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن ربه أنه قال : إني خلقت عبادي حنفاء وأنهم أتتهم الشياطين فاجتالتهم عن دينهم وحرمتْ عليهم ما أحللتُ لهم وأمرتهم أن يشركوا بي ما لم أنزل به سلطاناً وأن الله نظر إلى أهل الأرض فمقتهم عربهم وعجمهم إلا بقايا من أهل الكتاب .

قال شيخ الإسلام في قاعدة وجوب الاعتصام بالنبي عليه أفضل الصلاة والسلام : وهذا المقت كان لعدم هدايتهم بالرسل ، فرفع الله عنهم هذا المقت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - فبعثه الله رحمة للعالمين ، ومحجة للمساكين ، وحجة على الخلائق أجمعين ، وافترض على العباد طاعته ومحبته وتوقيره وتعزيزه ، والقيام بأداء حقوقه ، وسد إليه جميع الطرق فلم يفتح لأحد إلا من طريقه ، وأخذ العهود والمواثيق بالإيمان به واتباعه على جميع الأنبياء والمرسلين ، وأمرهم أن يأخذوها على من اتبعهم من المؤمنين ، أرسله بين يدي الساعة بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا ، فختم به الرسالة ، وهدى به من الضلالة ، وعلم به من الجهالة ، وفتح برسالته أعينا عميا ، وآذانا صما ، وقلوبا غلفا ، فأشرقت برسالته الأرض بعد ظلماتها ، وتألفت بها القلوب بعد شتاتها ، فأقام به الملة العوجاء ، وأوضح به المحجة البيضاء ، وشرح له صدره ووضع عنه وزره ، ورفع له ذكره ، وجعل الذلة والصغار على من خالف أمره ، أرسله - صلى الله عليه وسلم - على حين فترة من الرسل ، ودروس من الكتب ، حين حرف الكلم ، وبدلت الشرائع ، واستند كل قوم إلى ظلم آرائهم ، وحكموا على الله وبين عباده بمقالاتهم الفاسدة وأهوائهم النادة ، فهدى الله به الخلائق ، وأوضح به الطرائق ، وأخرج الناس به من [ ص: 263 ] الظلمات إلى النور ، وميز به بين نهج أهل الفلاح وأهل الفجور ، فمن اهتدى بهديه اهتدى ، ومن مال عن سبيله فقد ضل واعتدى ، فصلى الله وسلم عليه وسائر الرسل والأنبياء ما لاح نجم وبدا ، وعلى آله وصحبه والتابعين ومن اقتدى .

الجمعة، 17 أكتوبر 2014

نظر المرأة للرجال الأجانب



سئل الشيخ سليمان بن ناصر العلوان حفظه الله  عن نظر المرأة للرجال الأجانب؟ فقال هو على أقسام:
الأول: أن تنظر للرجال نظر شهوة فهذا حرام بالإتفاق.

الثاني: أن تنظر لمصلحة دون تلمُّح وتقصُّد إلى النظر لشكله وتخاطيط وجهه، فهذا جائز ويمكن أن يكون متفق على جوازه، كنظر المرأة إلى البائع عند الحاجة وإلى الرجل في الطريق لتأخذ طريقها، وعليه يحمل نظر عائشة للحبشة.

الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

حكم أهل التقاويم

سُئِلَ شيخ الإسلام عن قول أهل التقاويم‏:‏ في أن الرابع عشر من هذا الشهر يخسف القمر، وفي التاسع والعشرين تكسف الشمس ، فهل يصدقون في ذلك ‏؟‏ وإذا خسفا هل يصلي لهما أم يسبح ‏؟‏ وإذا صلى، كيف صفة الصلاة ‏؟‏ واذكرلنا أقوال العلماء في ذلك‏.‏
فأجاب‏:‏
الحمد لله، الخسوف والكسوف لهما أوقات مقدرة، كما لطلوع الهلال وقت مقدر، وذلك ما أجري الله عادته بالليل والنهار، والشتاء والصيف، وسائر ما يتبع جريان الشمس والقمر‏.‏
وذلك من آيات الله تعالى‏.‏ كما قال تعالى‏:‏ ‏{‏وَهُوَ الَّذِي خَلَقَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ‏}‏ ‏[‏الأنبياء‏:‏ 33‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِيَاء وَالْقَمَرَ نُورًا وَقَدَّرَهُ مَنَازِلَ لِتَعْلَمُواْ عَدَدَ السِّنِينَ وَالْحِسَابَ مَا خَلَقَ اللّهُ ذَلِكَ إِلاَّ بِالْحَقِّ‏}‏ ‏[‏يونس‏:‏5‏]‏، وقال تعالى‏:‏/ ‏{‏الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبَانٍ‏}‏ ‏[‏الرحمن‏:‏ 5‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏فَالِقُ الإِصْبَاحِ وَجَعَلَ اللَّيْلَ سَكَنًا وَالشَّمْسَ وَالْقَمَرَ حُسْبَانًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعليمِ‏}‏ ‏[‏الأنعام‏:‏ 96‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏يَسْأَلُونَكَ عَنِ الأهِلَّةِ قُلْ هِي َمَوَاقِيتُ لِلنَّاسِ وَالْحَجِّ‏}‏ ‏[‏البقرة‏:‏189‏]‏، وقال تعالى‏:‏ ‏{‏إِنَّ عِدَّةَ الشُّهُورِ عِندَ اللّهِ اثْنَا عَشَرَ شَهْرًا فِي كِتَابِ اللّهِ يَوْمَ خَلَقَ السَّمَاوَات وَالأَرْضَ مِنْهَا أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ‏}‏ ‏[‏التوبة‏:‏ 36‏]‏‏.‏

الأحد، 5 أكتوبر 2014

الاستثناء في الإيمان

السؤال: ما حكم الاستثناء في الإيمان، وما هو قول أهل السنة في ذلك؟
الجواب: الاستثناء في الإيمان هو أن يقول الإنسان: أنا مؤمن إن شاء الله, وخلاصة القول فيه بإيجاز: إن أراد الإنسان أن يبعد عن نفسه شبهة التزكية، كما قال تعالى: فَلا تُزَكُّوا أَنْفُسَكُمْ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اتَّقَى [النجم:32] فيقول: "أنا مؤمن إن شاء الله", فإنه لا بأس بذلك، ويقصد بذلك كمال الإيمان، أي: أنه مؤمن الإيمان السلفي الذي هو أعلى من درجة الإسلام, الذين وصفهم بقوله: إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ [الأنفال:2]. فمن السلف من كان يتحرج عندما يقرأ هذه الآيات ويُسأل أمؤمن أنت؟ وقد سُئِلَ الحسن البصري رحمه الله عن ذلك فقال: 'إن كان من هؤلاء الذين وصفهم الله بقوله: الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً [الأنفال:2] إلى آخر الآيات في وصفهم فلست منهم، وإنما أرى نفسي ممن قال الله عز وجل فيهم: وَآخَرُونَ اعْتَرَفُوا بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُوا عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى اللَّهُ أَنْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ [التوبة:102] ' . فهذا من باب حط النفس واتهامها وعدم تزكيتها، وأما بالنظر إلى كمال الإيمان وتحقيقه فإنه جائز، وأما إن قالها على سبيل الشك عياذاً بالله، ويقصد بالإيمان الإسلام أنه مؤمن إن شاء الله - يعني أنه شاك في إسلامه- أي: أنا مسلم إن شاء الله، على سبيل الشك، فذلك لا يجوز. وهذا يجمع ما ورد عن السلف من الاستثناء وما ورد عنهم من النهي عنه, فمن نظر إلى كمال الإيمان وإلى التزكية استثنى، ومن لم يستثن فإنه نظر إلى أن المؤمن لا يشك في دينه، كما قال قائلهم: أشك في كل شيء إلا في إيماني، فأنا مسلم، ويقصد من ذلك أنه لا شك عندي بأن الله حق وأن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، فكيف أستثني وأقول: أنا مسلم إن شاء الله بنية الشك، وبهذا يجمع بين القولين ولا منافاة بينهما، ولله الحمد.

الشيخ سفر الحوالي 

حديث يتعاقب فيكم اثنا عشر إماما كلهم من قريش

سؤال: أريد شرحا لهذا الحديث ؛ لأن الشيعة دائما يستدلون به : في "صحيح مسلم" يروى أن محمدا صلى الله عليه وسلم قال : ( سيستمر الإسلام حتى قيام الساعة ، وسيتعاقب عليكم اثنا عشر إماما ، كلهم من قريش )
الجواب:
الحمد لله
أولا : نص الحديث :
عَنْ جَابِرِ بْنِ سَمُرَةَ قَالَ دَخَلْتُ مَعَ أَبِي عَلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ :
( إِنَّ هَذَا الْأَمْرَ لَا يَنْقَضِي حَتَّى يَمْضِيَ فِيهِمْ اثْنَا عَشَرَ خَلِيفَةً . قَالَ : ثُمَّ تَكَلَّمَ بِكَلَامٍ خَفِيَ عَلَيَّ . قَالَ : فَقُلْتُ لِأَبِي : مَا قَالَ ؟ قَالَ : كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ )
رواه البخاري (رقم/7222) ومسلم واللفظ له (رقم/1821).
وفي لفظ عنده أيضا :
( لَا يَزَالُ الْإِسْلَامُ عَزِيزًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً )، وفي لفظ آخر: ( لَا يَزَالُ هَذَا الدِّينُ عَزِيزًا مَنِيعًا إِلَى اثْنَيْ عَشَرَ خَلِيفَةً ) ، وأما لفظ البخاري فجاء فيه : ( يَكُونُ اثْنَا عَشَرَ أَمِيرًا - فَقَالَ كَلِمَةً لَمْ أَسْمَعْهَا فَقَالَ أَبِى إِنَّهُ قَالَ - كُلُّهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ )
ثانيا :
للعلماء في تفسير وتوجيه هذا الحديث مسالك عدة :
المسلك الأول : قالوا : المراد العادلين من الخلفاء ، وقد مضى بعضهم في الأمة ، وسيكتمل عددهم إلى قيام الساعة .

تسمية جبل عرفات جبل الرحمة

س: نجد في كلام العلماء في كتب الفقه ومصنفات المناسك تسمية جبل عرفات جبل الرحمة، فهل لذلك أصل في الشرع؟

ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على محمد، وعلى آله وصحبه، أما بعد: فإن جبل عرفة الواقع في وسطها هو الذي يسميه من يسميه بجبل الرحمة، واسمه عند العرب إِلَالٌ (بوزن هلال)، والذي جاء في صحيح مسلم من حديث جابر في صفة حج النبي صلى الله عليه وسلم أنه لما صلَّى الظهر والعصر سار إلى الموقف، وهو قريب من ذلك الجبل، قال جابر: (فجعل بطن ناقته إلى الصخرات، وجعل حبل المشاة بين يديه، واستقبل القبلة)، ولم يذكر جابرٌ رضي الله عنه جبل الرحمة، ولا أعلم لهذا التسمية ـ جبل الرحمة ـ أصلا، لا من السنة ولا من كلام الصحابة إلا في كلام الفقهاء وغيرهم، وعلى هذا فينبغي أن يسمى جبل عرفات؛ لأنه معلمها الذي يدل عليها، والجهلة من الناس يستقبلون ذلك الجبل حال وقوفهم بعرفة، والصواب أن الواقف بعرفة يستقبل القبلة، فإن النبي صلى الله عليه وقف مستقبل القبلة، كما تقدم. والله أعلم.