السبت، 26 أبريل 2014

الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عن دفع السفهاء

قال ابن خلدون – رحمه الله - :
" ومن هذا الباب أحوال الثوار القائمين بتغيير المنكر من العامة والفقهاء , فإن كثيرا من المنتحلين للعبادة وسلوك الدين يذهبون إلى القيام على أهل الجور من الأمراء , داعين إلى تغيير المنكر , والنهي عنه , والأمر بالمعروف رجاء في الثواب عليه من الله , فيكثر .
 "ا الإيمان " لابن أبي شيبة (ص7) .
 " فتح الباري " (1/61) .
اتباعهم والمتشبهون بهم من الغوغاء والدهماء , ويعرضون أنفسهم في ذلك للمهالك وأكثرهم يهلكون في تلك السبل مأزورين غير مأجورين ؛ لأن الله – سبحانه وتعالى – لم يكتب لهم ذلك " .

من طلب الإمارة وكل فيها إلى نفسه :
أوصى رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن بن سمرة , فقال : " يا عبد الرحمن , لا تسأل الإمارة ؛ فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها , وإن أعطيتها عن غير مسألة , أُعِنتَ عليها " .
قال الحافظ ابن حجر – رحمه الله - :
" فمن لم يكن له من الله إعانة , تورط فيما دخل فيه , وخسر دنياه وعقباه , ومن كان ذا عقل , لم يتعرض للطلب أصلا " .
 " مقدمة ابن خلدون (1/280-281) .
 رواه البخاري (6622) ومسلم (1652) , ولفظ رواية أبي داود : " وكل فيها إلى نفسه " .
 " الفتح " (13/133) .
الفتنة إذا وقعت عجز العقلاء عن دفع السفهاء :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" والفتنة إذا وقعت عجز العقلاء فيها عن دفع السفهاء , وهذا شأن الفتن , كما قال الله – سبحانه وتعالى - :
{وَاتَّقُواْ فِتْنَةً لاَّ تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُواْ مِنكُمْ خَآصَّةً }الأنفال25 , وإذا وقعت الفتنة لم يسلم من التلوث بها إلا من عصمه الله " .
فتنة الخطباء :
قال خبير الفتن حذيفة بن اليمان – رضي الله عنه - :
" إن الفتنة وكلت بثلاث : بالحاد النحرير الذي لا يرتفع له شيء إلا قمعه , وبالسيف , وبالخطيب الذي يدعو إليها , وبالسيد , فأما هذان فتبطحهما لوجوههما , وأما السيد فتبحثه حتى تبلو ما عنده " .
" منهج السنة " (4/343) .
 رواه أبو نعيم بن حماد في " الفتن " (352) , وابن أبي شيبة (15/17-18) , وأحمد في " الزهد "            ( 2/136) , وأبو نعيم في " الحلية " (1/274) واللفظ له , وأبو عمر والداراني في " السنن الواردات في الفتن " (28) .
فتنة الدهماء :
قال الإمام الماوردي – رحمه الله - :
" مع أن لكل جديد لذة , ولكل مستحدث صبوة , وقال النبي صلى الله عليه وسلم : " إن أخوف ما أخاف على أمتي منافق عليم اللسان " .
فتصير البدع فاشية , ومذاهب الحق واهية , ثم يفضي الأمر إلى التحزب والعصبية , فإذا رأوا كثرة جمعهم وقوة شوكتهم , داخلهم عز القوة ونخوة الكثرة , فتضافر جهال نسالهم , وفسقة علمائهم بالميل على مخالفيهم , فإذا استتب لهم ذلك , زاحموا السلطان في رئاسته , وقيموا عند العامة جميل سيرته , فربما انفتق ما لا يرتق , فإن كبار الأمور تبدو صغارا " .
 رواه أحمد , وهو صحيح .
 " درر السلوك في سياسة الملوك " (ص120-121) .
عاقبة الخروج على السلطان :
قال شيخ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله - :
" ولعله لا يكاد يعرف طائفة خرجت على ذي سلطان , إلا وكان في خروجها من الفساد وما هو أعظم من الفساد الذي أزالته " .
من نزع إلى السلاح وكل إليه :
قال عمر بن يزيد : سمعت الحسن أي – البصري – أيام يزيد بن المهلب قال : وأتاه رهط, فأمرهم أن يلزموا بيوتهم , ويغلقوا عليهم أبوابهم , ثم قال : " والله لو أن الناس إذا ابتلوا من قبل السلطان صبروا , ما لبثوا أن يرفع الله ذلك عنهم , يفزعون إلى السيف فيوكلوا إليه , ووالله ما جاءوا بيوم خير قط ! " .
ثم تلا : { وَتَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنَى عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ بِمَا صَبَرُواْ وَدَمَّرْنَا مَا كَانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَقَوْمُهُ وَمَا كَانُواْ يَعْرِشُونَ }الأعراف137 .
" منهج السنة النبوية " لابن تيمية (3/390) .