الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

هل لعقيدة علماء المعاجم أثر في ترجيح المعاني ؟

س: في القاموس: "معنى الاستحياء الاستبقاء؛ فقال الفيروز أبادي معلقا، وقيل, ومنه: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا).
فهل هذا تأويل مردود مطلقا أم له وجه في العربية وأقوال السلف كقوله: (يوم يكشف عن ساق) ؟
وهل لعقيدة علماء المعاجم أثر في ترجيح المعاني ؟
إن كان نعم فهل أفردت مباحث أو مصنفات أو رسائل في ذلك، مع الإحالة أحسن الله إليكم.
ج: الحمد لله، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، أما بعد:

فإن الله وصف نفسه بأنه لا يستحيي من الحق، قال تعالى: (وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ)، وفهم أهل السنة من ذلك أن الله يوصف بالحياء، وإن النفي المقيد يدل على الإثبات المطلق، وقد جاء في السنة إثبات الحياء والاستحياء لله تعالى، كقوله صلى الله عليه وسلم: (إن ربكم حيي كريم، يستحي من عبده إذا رفع إليه يديه أن يردهما صفرا خائبتين)، وجاء في حديث الثلاثة الذين مروا بمجلس النبي -صلى الله عليه وسلم- فجلس أحدهم خلف الحلقة، فقال النبي صلى الله عليه سلم فيه: (فاستحيا فاستحيا الله منه)، وقول صاحب القاموس: (يستحيي يستبقي)، ليس من الحياء بل من الحياة، أي يبقيه حيا، ومنه قوله تعالى: (وَيَسْتَحْيِي نِسَاءَهُمْ)، أي يبقيهن أحياء، وأما قول القاموس: (ومنه قوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا) فغلَطٌ تبع فيه الجوهري، نبه إليه صاحب تاج العروس، فقوله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يَسْتَحْيِي أَنْ يَضْرِبَ مَثَلًا) من الحياء لا من الحياة، فصاحب القاموس وأمثاله لا يعتمد عليه في تفسير آيات الصفات وأحاديثها، فإن كثيرا منهم قد تأثر بالمذاهب الكلامية، وأسلمُهم أبو منصور الأزهري صاحب تهذيب اللغة، فالمعروف أنه ينهج منهج أهل السنة، وهناك رسالة بعنوان مناهج اللغويين في تقرير العقيدة في الجامعة الإسلامية، وهي منشورة، وأظن أن هناك رسالة مشابهة لها في جامعة الإمام، والله أعلم.

أملاه:
عبدالرحمن بن ناصر البراك

حرر في 25/7/1434ه