الأربعاء، 4 ديسمبر 2013

ابن حزم في (الصلة) لابن بشكوال


قال أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن مسعود بن بشكوال في كتابه (الصلة)
علي بن أحمد بن سعيد بن حزم بن غالب الفارسي
من أهل قرطبة تجول بالأندلس؛ يكنى: أبا محمد.
روى عن القاضي يونس بن عبد الله، وأبي بكر حمام بن أحمد القاضي، وأبي محمد ابن بنوش القاضي، وأبي عمر بن الجسور وغيرهم.
قال القاضي أبو القاسم صاعد ابن أحمد: كان أبو محمد بن حزم أجمع أهل الأندلس قاطبة لعلوم الإسلام، وأوسعهم معرفة مع توسعه في علم اللسان، ووفور حظه من البلاغة، والشعر، والمعرفة بالسير والأخبار. وأخبرني ابنه أبو رافع الفضل بن علي أنه اجتمع عنده بخط أبيه من تأليفه نحو أربع مائة مجلد تشتمل على قريب من ثمانين ألف ورقة.

وقال أبو عبد الله الحميدي: كان حافظاً عالماً بعلوم الحديث وفقهه، مستنبطاً للأحكام من الكتاب والسنة، متفنناً في علوم جمةٍ، عاملاً بعلمه، زاهداً في الدنيا بعد الرياسة التي كانت له ولأبيه قبله في الوزارة وتدبير الممالك، متواضعاً ذا فضائل جمة وتواليف كثيرة في كل ما تحقق به من العلوم، وجمع من الكتب في علم الحديث، والمصنفات، والمستندات كثيراً. وسمع سماعاً جماً، وأول سماعه من ابن الجسور قبل الأربعمائة. ثم ذكر جملة من أسماء تواليفه ثم قال: وما رأينا مثله في ما اجتمع له مع الذكاء وسرعة الحفظ وكرم النفس والتدين. وكان له في الآداب والشعر نفس واسع، وباع طويلٌ. وما رأيت من يقول الشعر على البديهة أشرع منه. وشعره كثير وقد جمعناه على حروف المعجم ومنه:
هل الدهر إلا ما عرفنا وأدركـنـا   ،    فجائعه تبقى ولـذاتـه تـفـنـى
وإذا أمكنت فـيه مـسـرة سـاعةٍ  ،  تولت كمر الطرف واستخلفت حزنا
إلى تبعاتٍ في المعـاد ومـوقـفٍ نود   ،   لديه أننـا لـم نـكـن كـنـا
حصلنا على هـمٍّ وإثـمٍ وحـسـرةٍ   ،  وفات الذي كنا نلذ بـه عـينـا
حنينٌ لما ولى وشغـل بـمـا أتـى   ،   وغمٌّ لما يرجى فعيشـك لا يهـنـا
كأن الذي كنـا نـسـر بكونـه    ،    إذا حققته النفس لفظٌ بلا معـنـى
وله:
مناي من لدنيا عـلـومٌ أبـثـهـا   ،   وأنشرها في كل بادٍ وحـاضـر
دعاءٌ إلى القرآن والسنـن الـتـي    ،    تنـاسى رجالٌ ذكرها في المحاضر
قال صاعدٌ: كتب إلي أبو محمد بن حزم بخطه يقول: ولدت بقرطبة في الجانب الشرقي من ربض منية المغيرة قبل طلوع الشمس وبعد سلام الإمام من صلاة الصبح آخر ليلة الأربعاء آخر يوم من شهر رمضان المعظم وهو اليوم السابع من نونبر سنة أربع وثمانين وثلاث مائة بطالع العقرب.
قال صاعد: ونقلت من خط ابنه أبي رافع: إن أباه توفي رحمه الله عشية يوم الأحد لليلتين بقيتا من شعبان سنة ستٍّ وخمسين وأربع مائة. فكان عمره رحمه الله إحدى وسبعين سنة وعشرة أشهر وتسعة وعشرين يوماً.