الاثنين، 30 يوليو 2012

انتصارات رمضانية

غزوة بدر الكبرى.
العام الهجري: 2
العام الميلادي: 624
اليوم: 17
ندب رسول الله صلى الله عليه وسلم نفراً من المسلمين لاعتراض قافلة قريش القادمة من الشام, والتي كان يرأسها أبو سفيان, الذي علم بعد ذلك بخروج المسلمين، فأرسل إلى قريش يستنفرها لاستنقاذ تجارتهم, كما غير طريقه لإنقاذ التجارة، ثم التقى المسلمون والمشركون عند ماء بدر,
وهي مكان بين مكة والمدينة, وهو أقرب إليها من مكة, وكان عدد المشركين يقارب الألف, وعدد المسلمين أكثر من ثلاثمائة, وبدأت المعركة بالمبارزة المشهورة, ثم بدأ القتال وكان شديدًا. وقتل فيها صناديد قريش, كأبي جهل، وأمية بن خلف, وغيرهما, حتى بلغ قتلاهم سبعون رجلاً, ومثلهم من الأسرى, وقتل أربعة عشر من المسلمين، وقيل ستة عشر. فكان النصر الكبير حليف المسلمين. حيث نصرهم الله تعالى, وأرسل ملائكة تقاتل معهم، أما الأسرى فأشار عمر بقتلهم, وأشار أبو بكر بفدائهم, فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي بكر, ولكن الوحي نزل موافقًا لرأي عمر، أما الغنائم فنزلت فيها سورة الأنفال.

فتح مكة.
العام الهجري: 8
العام الميلادي: 630
اليوم: 19

اتفق أهل السير أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم خرج في عاشر رمضان, ودخل مكة لتسع عشرة ليلة خلت منه. وكان سببها أن المشركين قد نقضوا العهد الذي بينهم وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأغاروا على إحدى القبائل المحالفة للرسول عليه الصلاة والسلام، وهي قبيلة خزاعة, ولما علم النبي صلى الله عليه وسلم بالأمر أمر الناس بالتجهز دون أن يخبرهم بوجهته. ثم مضى حتى نزل بمرِّ الظهران, وهو وادٍ قريب من مكة. وفي صحيح البخاري عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ((أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ فِي رَمَضَانَ مِنَ الْمَدِينَ ةِ, وَمَعَهُ عَشَرَةُ آلاَفٍ، وَذَلِكَ عَلَى رَأْسِ ثَمَانِ سِنِينَ وَنِصْفٍ مِنْ مَقْدَمِهِ الْمَدِينَ ةَ, فَسَارَ هُوَ وَمَنْ مَعَهُ مِنَ الْمُسْلِم ِينَ إِلَى مَكَّةَ, يَصُومُ وَيَصُومُو نَ, حَتَّى بَلَغَ الْكَدِيدَ ، وَهْوَ مَاءٌ بَيْنَ عُسْفَانَ وَقُدَيْدٍ - أَفْطَرَ وَأَفْطَرُ وا)). وكان أبو سفيان قد رأى جيش النبي صلى الله عليه وسلم قبل دخوله مكة، فهاله ما رأى. ثم أسلم في أثناء ذلك. ثم جاء إلى قومه, وصرخ فيهم, محذرًا لهم بأن لا قبل لهم بجيش محمد صلى الله عليه وسلم، وقال لهم ما قاله عليه الصلاة والسلام: من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ومن أغلق عليه داره فهو آمن، ومن دخل المسجد فهو آمن. فتفرق الناس إلى دورهم وإلى المسجد. وفي الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عام الفتح من كداء التي بأعلى مكة. وقد أهدر النبي صلى الله عليه وسلم دم بعض المشركين يوم الفتح. ووجد عليه الصلاة والسلام حول البيت ثلاثمائة وستين نصبًا، فجعل يطعنها بعود في يده ويقول: (جاء الحق وزهق الباطل، جاء الحق وما يبدي الباطل وما يعيد). وقد تفاوتت الروايات في مدة إقامته صلى الله عليه وسلم عام الفتح، والأرجح - والله أعلم - أنها كانت تسعة عشر يومًا.


انتصار المسلمين على الأسبان في موقعة موقعة البحيرة.
العام الهجري: 92
العام الميلادي: 711
اليوم: 28

كانت البداية بأن يوليان ملك الجزيرة الخضراء غضب من رذريق ملك الأندلس؛ فاتفق مع موسى بن نصير على أن يدله على عوراتهم, ويدخله الأندلس, فبعث طارق بن زياد في سبعة آلاف مقاتل, فسار فنزل في جبل منيف يعرف إلى اليوم بجبل طارق, ثم دخل الجزيرة الخضراء, ثم تابع مسيره ومعه يوليان يدله على طرق الأندلس, ولم يكن ملكها فيها, فلما رجع ملكهم ومعه جيشه العظيم طلب طارق المدد فجاءه خمسة آلاف مقاتل, فالتقوا على نهر لكة من أعمال شذونة لليلتين بقيتا من رمضان, واتصلت الحرب ثمانية أيام, فانهزموا وهزم الله رذريق ومن معه، وغرق رذريق في النهر، وسار طارق إلى مدينة إستجة متبعاً لهم، فلقيه أهلها ومعهم من المنهزمين خلق كثير، فقاتلوه قتالاً شديداً، ثم انهزم أهل الأندلس ولم يلق المسلمون بعدها حرباً مثلها. ونزل طارق على عين بينها وبين مدينة إستجة أربعة أميال, فسميت عين طارق إلى الآن.


سقوط المدن الأسبانية الكبرى في يد المسلمين.
العام الهجري: 95
العام الميلادي: 713

بعد أن ولَّى الخليفة الأموي الوليد بن عبد الملك قائده موسى بن نصير على المغرب، استطاع أن يفتح طنجة، وترك بها حامية يقودها مولاه طارق بن زياد، ومنذ ذلك الحين بدأ طارق يتطلع لفتح بلاد الأندلس التي لم يكن بينهم وبينها إلا خليج يسير، وكان ميناء سبته هو أقرب المدن إليه، وكان حاكمها هو الكونت يوليان, الذي كان نائباً للإمبراطور البيزنطي لذريق حاكم طليطلة، ولكنه تحرر من سلطان الدولة البيزنطية، وأصبح كالحاكم المستقل في سبتة وما حولها، بسبب أحقاد كانت بينهما، وقد استفاد موسى من هذه الخصومة وراسل يوليان حتى كسب ودَّه، وصار دليلاً لهم في تلك البلاد. وعندها كتب موسى بن نصير يستأذن الخليفة في أن يوسع دائرة الفتح لتشمل بلاد الأندلس، وكان دخوله في شهر رمضان سنة 91 هـ، فسار حتى نزل ساحل البحر بالأندلس، فيما يحاذي طنجة، وهو المعروف اليوم بجزيرة طريف, التي سميت باسمه لنزوله فيها، فقام بسلسلة من الغارات السريعة على الساحل، وغنم فيها الشيء الكثير، ثم رجع سالماً غانماً، وكان في ذلك تشجيعاً لموسى بن نصير على فتح الأندلس. وبعدها انتدب موسى لهذه المهمة طارق بن زياد، فركب البحر في سبعة آلاف من المسلمين، وكان نزوله في رجب سنة 92هـ، ولما نزل فتح الجزيرة الخضراء وغيرها، وبلغ لذريق نزول المسلمين بأرض الأندلس، عظم ذلك عليه، وكان غائباً في بعض غزواته، فجمع جيشاً جراراً بلغ مائة ألف. وكتب طارق إلى موسى يطلب منه المدد, ويخبره بما فتح الله عليه، وأنه قد زحف عليه ملك الأندلس بما لا طاقة له به، فبعث إليه موسى بخمسة آلاف مقاتل معظمهم من العرب، فتكامل المسلمون اثني عشر ألفاً, ومعهم يوليان يدلهم على عورة البلاد, ويتجسس لهم الأخبار، فأتاهم لذريق في جنده, والتقى الجيشان على نهر لكة، يوم الأحد لليلتين بقيتا من رمضان سنة 92هـ ، واستمرت المعركة ثمانية أيام، وأخذ يوليان ورجاله يخذلون الناس عن لذريق, وخارت قوى لذريق، لما رأى جنده يفرون, أو ينضمون للمسلمين ، وهجم طارق على لذريق فضربه بسيفه فقتله، وقيل: إنه جرحه، ثم رمى لذريق بنفسه في وادي لكة فغرق، وهزم الله لذريق ومن معه, وكتب الغلبة للمسلمين. وبعد هذه المعركة توسع طارق في الفتح، وتوجه إلى المدن الرئيسية في الأندلس، ففتح شذونة, ومدوّرة، وقرمونة، وإشبيلية، واستجة، واستمر في زحفه حتى انتهى إلى عاصمة الأندلس طليطلة, وتمكن من فتحها، وحينها جاءته الرسائل من موسى بن نصير تأمره بالتوقف. ودخل موسى الأندلس في رمضان سنة 93 هـ, في جمع كثير قوامه ثمانية عشر ألفاً، ففتح المدن التي لم يفتحها طارق كشذونة، وقرمونة، وإشبيلية، وماردة. وهكذا تُوِّجت هذه الانتصارات التي تحققت في هذا الشهر العظيم.


ملك المسلمون سرقوسة.
العام الهجري: 264
العام الميلادي: 878
اليوم: 14

ملك المسلمون سرقوسة، وهي من أعظم صقلية، وكان سبب ملكها أن جعفر بن محمد أمير صقلية غزاها فأفسد زرعها, وزرع قطانية، وطبرمين، ورمطة، وغيرها من بلاد صقلية التي بيد الروم، ونازل سرقوسة، وحصرها براً وبحراً, وملك بعض أرباضها, ووصلت مراكب الروم نجدة لها, فسير إليها أسطولًا, فأصابوها, فتمكنوا حينئذ من حصرها, فأقام العسكر محاصراً لها تسعة أشهر، وفتحت، وقتل من أهلها عدة ألوف، وأصيب فيها من الغنائم ما لم يصب بمدينة أخرى، ولم ينج من رجالها إلا الشاذ الفذ، وأقاموا فيها بعد فتحها بشهرين، ثم هدموها ثم وصل بعد هدمها من القسطنطيني ة أسطول، فالتقوا هم والمسلمون، فظفر بهم المسلمون، وأخذوا منهم أربع قطع، فقتلوا من فيها, وانصرف المسلمون إلى بلدهم آخر ذي القعدة.


موقعة الزلاقة وهزيمة النصارى أمام المرابطين.
العام الهجري: 479
العام الميلادي: 1087

راسل بعض ملوك الطوائف بالأندلس يوسف بن تاشفين يستنصرونه على ألفونسو فقام يوسف بن تاشفين, وكان بمدينة سبتة، فأمر بعبور العساكر إلى الأندلس، وأرسل إلى مراكش في طلب من بقي من عساكره، فأقبلت إليه يتلو بعضها بعضًا، فلما تكاملت عنده عبر البحر وسار، فاجتمع بالمعتمد بن عباد بإشبيلية، وكان قد جمع عساكره أيضاً، وخرج من أهل قرطبة عسكر كثير. وقصده المتطوعة من سائر بلاد الأندلس، ووصلت الأخبار إلى ألفونسو, فجمع فرسانه, وسار من طليطلة، وسار أمير المسلمين، والمعتمد بن عباد، حتى أتوا أرضاً يقال لها: الزلاقة، من بلد بطليوس، وأرسل ألفونسو إلى المعتمد في ميقات القتال، وقصده الملك، فقال: غداً الجمعة، وبعده الأحد، فيكون اللقاء يوم الاثنين، فقد وصلنا على حال تعب، واستقر الأمر على هذا، وركب ليلة الجمعة سحراً، وصبح بجيشه جيش المعتمد بكرة الجمعة، غدراً، وظناً منه أن ذلك المخيم هو جميع عسكر المسلمين، فوقع القتال بينهم فصبر المسلمون، فأشرفوا على الهزيمة، وكان المعتمد قد أرسل إلى أمير المسلمين يعلمه بمجيء الفرنج للحرب، فقال: احملوني إلى خيام الفرنج، فسار إليها، فبينما هم في القتال وصل أمير المسلمين إلى خيام الفرنج، فنهبها، وقتل من فيها، فلما رأى الفرنج ذلك لم يتمالكوا أن انهزموا، وأخذهم السيف، وتبعهم المعتمد من خلفهم، ولقيهم أمير المسلمين من بين أيديهم، ووضع فيهم السيف، فلم يفلت منهم أحد، ونجا ألفونسو في نفر يسير، وجعل المسلمون من رؤوس القتلى كوماً كثيرةً، فكانوا يؤذنون عليها إلى أن جيفت فأحرقوها, وكانت الوقعة يوم الجمعة في العشر الأول من شهر رمضان، وأصاب المعتمد جراحات في وجهه، وظهرت ذلك اليوم شجاعته. ولم يرجع من الفرنج إلى بلادهم غير ثلاثمائة فارس، وغنم المسلمون كل ما لهم من مال, وسلاح, ودواب, وغير ذلك. وعاد ابن عباد إلى إشبيلية، ورجع أمير المسلمين إلى الجزيرة الخضراء، وعبر إلى سبتة، وسار إلى مراكش، فأقام بها إلى العام المقبل.


فتح صفد وحصن كوكب.
العام الهجري: 584
العام الميلادي: 1188

في المحرم حاصر صلاح الدين الحصن, لكنه رآه منيعًا, فكان رحيله عنها في ربيع الأول إلى دمشق، فأقام بدمشق إلى منتصف رمضان، وسار عن دمشق إلى قلعة صفد فحصرها وقاتلها، ونصب عليها المجانيق، وأدام الرمي عليها ليلاً ونهاراً بالحجارة والسهام، وكان أهلها قد قاربت ذخائرهم وأزوادهم أن تفنى في المدة التي كانوا فيها محاصرين، فعسكر صلاح الدين يحاصرهم من أول السنة، فلما رأى أهله جدَّ صلاح الدين في قتالهم، أرسلوا يطلبون الأمان، فأمنهم, وتسلمها منهم، فخرجوا عنها, وساروا إلى مدينة صور، وكفى الله المؤمنين شرهم.
ثم لما كان صلاح الدين يحاصر صفد، اجتمع من بصور من الفرنج، وقالوا: إن فتح المسلمون قلعة صفد لم تبق كوكب، ولو أنها معلقة بالكوكب، وحينئذ ينقطع طمعنا من هذا الطرف من البلاد؛ فاتفق رأيهم على إنفاذ نجدة لها سرًّا من رجال وسلاح وغير ذلك، فأخرجوا مائتي رجل من شجعان الفرنج وأجلادهم، فساروا الليل مستخفين، وأقاموا النهار مكمنين، فاتفق من قدر الله تعالى أن رجلاً من المسلمين الذين يحاصرون كوكب خرج متصيداً، فلقي رجلاً من تلك النجدة، فاستغربه بتلك الأرض، فضربه ليعلمه بحاله، وما الذي أقدمه إلى هناك، فأقر بالحال، ودلَّه على أصحابه، فعاد الجندي المسلم إلى قايماز النجمي، وهو مقدم ذلك العسكر، فأعلمه الخبر، والفرنجي معه، فركب في طائفة من العسكر إلى الموضع الذي قد اختفى فيه الفرنج، فكبسهم، فأخذهم، وتتبعهم في الشعاب والكهوف، فلم يفلت منهم أحد، ولما فتح صفد سار عنها إلى كوكب, ونازلها, وحصرها، وأرسل إلى من بها من الفرنج يبذل لهم الأمان إن سلموا، ويتهددهم بالقتل, والسبي, والنهب إن امتنعوا، فلم يسمعوا قولهم, وأصروا على الامتناع، فجد في قتالهم، ونصب عليهم المجانيق، وتابع رمي الأحجار إليهم، وزحف مرة بعد مرة، وكانت الأمطار كثيرة، لا تنقطع ليلاً ولا نهاراً، فلم يتمكن المسلمون من القتال على الوجه الذي يريدوه، وطال مقامهم عليها, وفي آخر الأمر زحفوا إليها دفعات متناوبة في يوم واحد، ووصلوا إلى باشورة القلعة، ومعهم النقابون, والرماة يحمونهم بالنشاب عن قوس اليد والجروخ، فلم يقدر أحد منهم أن يخرج رأسه من أعلى السور، فنقبوا الباشورة فسقطت، وتقدموا إلى السور الأعلى، فلما رأى الفرنج ذلك أذعنوا بالتسليم، وطلبوا الأمان فأمنهم، وتسلم الحصن منهم منتصف ذي القعدة، وسيرهم إلى صور، واجتمع للمسلمين بفتح كوكب وصفد من حد أيلة إلى أقصى أعمال بيروت، لا يفصل بينه غير مدينة صور، وجميع أعمال أنطاكية، سوى القصير.


موقعة عين جالوت.
العام الهجري: 658
العام الميلادي: 1260
اليوم: 25

لما بلغ الملك المظفر قطز صاحب مصر أن التتار قد فعلوا بالشام ما فعلوه، وقد نهبوا البلاد كلها حتى وصلوا إلى غزة، وعزموا على الدخول إلى مصر، بادرهم قبل أن يبادروه, وبرز إليهم, وأقدم عليهم قبل أن يقدموا عليه، فخرج في عساكره وقد اجتمعت الكلمة عليه، حتى انتهى إلى الشام, واستيقظ له عسكر المغول وعليهم كتبغانوين، وكان إذ ذاك في البقاع, فاستشار الأشرف صاحب حمص, والمجير ابن الزكي، فأشاروا عليه بأنه لا قبل له بالمظفر حتى يستمد هولاكو, فأبى إلا أن يناجزه سريعًا، فساروا إليه, وسار المظفر إليهم، فكان اجتماعهم على عين جالوت, يوم الجمعة, الخامس والعشرين من رمضان، فاقتتلوا قتالًا عظيمًا، فكانت النصرة ولله الحمد للإسلام وأهله، فهزمهم المسلمون هزيمة هائلة, وقتل أمير المغول كتبغانوين وجماعة من بيته، واتبعهم الجيش الإسلامي يقتلونهم في كل موضع، وقد قاتل الملك المنصور صاحب حماه مع الملك المظفر قتالًا شديداً، وكذلك الأمير فارس الدين أقطاي المستعرب، وكان أتابك العسكر، وقد أسر من جماعة كتبغانوين الملك السعيد بن العزيز بن العادل, فأمر المظفر بضرب عنقه، واستأمن الأشرف صاحب حمص، وكان مع التتار, وقد جعله هولاكو خان نائبًا على الشام كله، فأمنه الملك المظفر ورد إليه حمص، وكذلك رد حماة إلى المنصور, وزاده المعرة وغيرها، وأطلق سلمية للأمير شرف الدين عيسى بن مهنا بن مانع أمير العرب، واتبع الأمير بيبرس البند قداري وجماعة من الشجعان التتار يقتلونهم في كل مكان، إلى أن وصلوا خلفهم إلى حلب، وهرب من بدمشق منهم يوم الأحد السابع والعشرين من رمضان، فتبعهم المسلمون من دمشق يقتلون فيهم ويستفكون الأسارى من أيديهم، وجاءت بذلك البشارة ولله الحمد على جبره إياهم بلطفه, فجاوبتها دق البشائر من القلعة, وفرح المؤمنون بنصر الله فرحًا شديدًا، وأيد الله الإسلام وأهله تأييدًا, وكبت الله النصارى واليهود والمنافقين , وظهر دين الله وهم كارهون، فتبادر عند ذلك المسلمون إلى كنيسة النصارى التي خرج منها الصليب, فانتهبوا ما فيها, وأحرقوها, وألقوا النار فيما حولها, فاحترق دور كثيرة للنصارى، وملأ الله بيوتهم وقبورهم نارًا، وأحرق بعض كنيسة اليعاقبة، وهمت طائفة بنهب اليهود، فقيل لهم إنه لم يكن منهم من الطغيان كما كان من عبدة الصلبان، وقتلت العامة وسط الجامع شيخًا رافضيًا كان مصانعًا للتتار على أموال الناس, يقال له الفخر محمد بن يوسف بن محمد الكنجي، كان خبيث الطوية, مشرقيًا, ممالئًا لهم على أموال المسلمين قبحه الله، وقتلوا جماعة مثله من المنافقين, فقطع دابر القوم الذين ظلموا, والحمد لله رب العالمين.


الظاهر بيبرس يهاجم إنطاكية لإخراج الصليبيين.
العام الهجري: 661
العام الميلادي: 1263

جهز الملك الظاهر عسكراً إلى حلب، وكان مقدمهم شمس الدين سنقر الرومي، فأمنت بلاد حلب, وعادت إلى الصلاح، ثم تقدم الملك الظاهر بيبرس إلى سنقر الرومي, وإلى صاحب حماة الملك المنصور، وإلى صاحب حمص الملك الأشرف موسى أن يسيروا إلى أنطاكية وبلادها، للإغارة عليها، فساروا إليها, ونهبوا بلادها, وضايقوها، ثم عادوا، فتوجهت العساكر المصرية صحبة سنقر الرومي إلى مصر، ووصلوا إليها في التاسع والعشرين من رمضان من هذه السنة، ومعهم ما ينوف عن ثلاثمائة أسير، فقابلهم الملك الظاهر بالإحسان والإنعام. وكانت أنطاكية للبرنس بيمند بن بيمند، وله معها طرابلس، وكان مقيماً بطرابلس، لما فتحت أنطاكية وفي الثالث عشر من رمضان، استولى الملك الظاهر على بغراس، وسبب ذلك أنه لما فتح أنطاكية هرب أهل بغراس منها, وتركوا الحصن خالياً، فأرسل من استولى عليها في التاريخ المذكور، وشحنه بالرجال والعدد، وصار من الحصون الإسلامية.


الأسبان يهاجمون غرناطة وابن الأحمر يهزمهم ويسترجع بعض المدن.
العام الهجري: 662
العام الميلادي: 1263

كان ملك قشتالة ألفونسو - ملك النصارى - قد طلب من ابن الأحمر الساحل من مالقة إلى المرية, فاستعان ابن الأحمر أميرها بالمتطوعة والمجاهدين الذين وفدوا إليه من المغرب, فهزم الأسبان, واسترد منهم مدينة شريش وقادس، وأخذ ألفونسو أسيراً . ثم اجتمع العدو المخذول في جمع كبير، ونازلوا غرناطة, فانتصر عليهم المسلمون، وقتلوا منهم مقتلة عظيمة، وجمع من رؤوسهم نحو خمسة وأربعين ألف رأس، فعملوها كوماً، وأذن المسلمون فوقه، وأسروا منهم عشرة آلاف أسير. وكان ذلك في رمضان. وانهزم ألفونسو إلى إشبيلية، وهي له، وكان قد دفن أباه بها بالجامع، فأخرجه من قبره خوفاً من استيلاء المسلمين، وحمله إلى طليطلة. واسترجع المسلمون اثنين وثلاثين بلداً، من جملتها إشبيلية ومرسية.



الظاهر بيبرس يحرر إمارة إنطاكية من الصليبيين.
العام الهجري: 666
العام الميلادي: 1268

بعد أن انتهى السلطان من أمر طرابلس وعاد إلى حماة, بعث إلى الفرنج في أنطاكية يدعوهم وينذرهم بالزحف عليهم، وفاوضهم في ذلك مدة ثلاثة أيام وهم لا يجيبون، فزحف عليها وقاتل أهلها قتالًا شديدًا، وتسور المسلمون الأسوار من جهة الجبل بالقرب من القلعة، ونزلوا المدينة, ففر أهلها إلى القلعة، ووقع النهب والقتل والأسر في المدينة، فلم يرفع السيف عن أحد من الرجال, وكان بها فوق المائة ألف، وأحاط الأمراء بأبواب المدينة حتى لا يفر منها أحد، واجتمع بالقلعة من المقاتلة ثمانية آلاف سوى النساء والأولاد، فبعثوا يطلبون الأمان فأمنوا، وصعد السلطان إليهم ومعه الحبال، فكتفوا وفرقوا على الأمراء، والكتاب بين يدي السلطان ينزلون الأسماء، وكانت أنطاكية للبرنس بيموند بن بيموند، وله معها طرابلس، وهو مقيم بطرابلس وكتبت البشائر بالفتح إلى الأقطار الشامية, والمصرية, والفرنجية، وسلم السلطان القلعة إلى الأمير بدر الدين بيليك الخازندار, والأمير بدر الدين بيسري الشمسي، وأمر بإحضار المغانم لتقتسم، وركب وأبعد عن الخيام وحمل ما غنمه وما غنمته مماليكه وخواصه، وأقام السلطان يومين وهو يباشر القسمة بنفسه، وما ترك شيئًا حتى قسمه, ثم ركب السلطان إلى القلعة وأحرقها، وعمَّ بالحريق أنطاكية، فأخذ الناس من حديد أبوابها ورصاص كنائسها ما لا يوصف كثرة، وأقيمت الأسواق خارج المدينة، فقدم التجار من كل جهة، وكان بالقرب من أنطاكية عدة حصون، فطلب أهلها الأمان، فتوجه إليهم الأمير بيليك الأشرفي وتسلمها في حادي عشره، وأسر من فيها من الرجال، ورحل السلطان من أنطاكية إلى شيزر، ثم سار السلطان من حمص إلى دمشق، فدخلها في سادس عشريه، والأسرى بين يديه.


الظاهر بيبرس يغزو كليكيا والمصيصة الأرمينية.
العام الهجري: 673
العام الميلادي: 1275

في السابع من رمضان دخل السلطان بيبرس حماة، ثم صار منها بالعساكر والعربان، وجهز السلطان عيسي بن مهنا، والأمير حسام الدين العنتابي، بعسكر إلى البيرة، وجهز الأمير قلاوون الألفي والأمير بيليك الخازندار، بعسكر إلى بلاد سيس, وذلك بسبب أن الحاجب معين الدين سليمان بن مهذب الدين علي الديلمي وزير قليج أرسلان الرابع ملك سلاجقة الروم دعاه إليها وحرضه على القدوم, وأيضاً بسبب تحالف الأرمنيين مع التترر، فساروا وهجموا على المصيصة، وقتلوا من بها، وكانت المراكب قد حملت معهم على البغال وهي مفصلة، ليعدوا فيها من نهر جهان, والنهر الأسود، فلم يحتج إليها، ووصل السلطان على الأثر بعد ما قطع بعساكره النهر الأسود, وقاسوا مشقة، وملكوا الجبال وغنموا منها ما لا يحصى كثرة، ما بين أبقار, وجواميس, وأغنام، فدخل السلطان إلى سيس في تاسع عشريه وعيد بها، وانتهبها, وهدم قصور التكفور, ومناظره وبساتينه، وبعث إلى دربند الروم، فأحضر إليه من سبايا التتار عدة نساء وأولاد، وسير إلى طرسوس، فأحضر إليه منها ثلاثمائة رأس من الخيل والبغال، وبعث إلى البحر عسكرًا, فأخذ مراكب، وقتل من كان فيها، وانبثت الغارات في الجبال، فقتلوا وأسروا وغنموا، وبعث السلطان إلى إياس بالعساكر، وكانت قد أخليت، فنهبوا, وحرقوا, وقتلوا جماعة، وكان قد فر من أهلها نحو الألفين ما بين فرنج وأرمن في مراكب، فغرقوا بأجمعهم في البحر، واجتمع من الغنائم ما لا يحصره قلم لكثرته، ووصلت العربان والعسكر إلى البيرة, وساروا إلى عينتاب وغنموا، فانهزم التتار منهم وعادوا، فرحل السلطان من سيس إلى المصيصة من الدربند، فلما قطعه جعل الغنائم بمرج أنطاكية حتى ملأته طولًا وعرضًا، ووقف بنفسه حتى فرقها، فلما فرغ من القسمة سار إلى دمشق، فدخلها في النصف من ذي الحجة.


وقعة شقحب.
العام الهجري: 702
العام الميلادي: 1303

في ثامن عشر رجب قدمت طائفة كبيرة من جيش المصريين فيهم الأمير ركن الدين بيبرس الجاشنكير، والأمير حسام الدين لاجين المعروف بالاستادار المنصوري، والأمير سيف الدين كراي المنصوري، ثم قدمت بعدهم طائفة أخرى فيهم بدر الدين أمير سلاح وأيبك الخزندار, فقويت القلوب, واطمأن كثير من الناس، وكان الناس في حفل عظيم من بلاد حلب, وحماة, وحمص, وتلك النواحي, وتقهقر الجيش الحلبي, والحموي إلى حمص، ثم خافوا أن يدهمهم التتر, فجاؤوا فنزلوا المرج يوم الأحد خامس شعبان، ووصل التتار إلى حمص وبعلبك, وعاثوا في تلك الأراضي فسادًا، وقلق الناس قلقًا عظيمًا، وخافوا خوفًا شديدًا، واختبط البلد لتأخر قدوم السلطان ببقية الجيش، وقال الناس لا طاقة لجيش الشام مع هؤلاء المصريين بلقاء التتار لكثرتهم، وإنما سبيلهم أن يتأخروا عنهم مرحلة مرحلة، وتحدث الناس بالأراجيف فاجتمع الأمراء يوم الأحد المذكور بالميدان, وتحالفوا على لقاء العدو، وشجعوا أنفسهم، ونودي بالبلد أن لا يرحل أحد منه، فسكن الناس وجلس القضاة بالجامع, وحلفوا جماعة من الفقهاء والعامة على القتال، وتوجه الشيخ تقي الدين ابن تيمية إلى العسكر الواصل من حماة, فاجتمع بهم في القطيعة, فأعلمهم بما تحالف عليه الأمراء والناس من لقاء العدو، فأجابوا إلى ذلك وحلفوا معهم، وكان الشيخ تقي الدين ابن تيمية يحلف للأمراء والناس إنكم في هذه الكرة منصورون، فيقول له الأمراء: قل إن شاء الله، فيقول إن شاء الله تحقيقًا لا تعليقًا، وكان يتأول في ذلك أشياء من كتاب الله, منها قوله تعالى: {ومن بغي عليه لينصرنه الله} ولما كان يوم الرابع والعشرين من شعبان خرجت العساكر الشامية, فخيمت على الجسورة من ناحية الكسوة، ومعهم القضاة، فصار الناس فيهم فريقين: فريق يقولون إنما ساروا ليختاروا موضعًا للقتال, فإن المرج فيه مياه كثيرة فلا يستطيعون معها القتال، وقال فريق: إنما ساروا لتلك الجهة ليهربوا وليلحقوا بالسلطان، فلما كانت ليلة الخميس ساروا إلى ناحية الكسوة فقويت ظنون الناس في هربهم، وقد وصلت التتار إلى قارة، وبلغ الأمراء قدوم السلطان فتوجهوا إليه من مرج راهط, فلقوه على عقبة الشحورا في يوم السبت ثاني عشر رمضان, ثم ورد عند لقائهم به الخبر بوصول التتار في خمسين ألفاً مع قطلوشاه نائب غازان، فلبس العسكر بأجمعه السلاح، واتفقوا على قتال التتار بشقحب تحت جبل غباغب (وهي من الطرف الشمالي لمرج الصفر)، فلما تم الترتيب زحفت كراديس التتار كقطع الليل، وكان ذلك وقت الظهر من يوم السبت ثاني رمضان المذكور، وأقبل قطلوشاه بمن معه من الطوامين، وحملوا على الميمنة فثبتت لهم الميمنة وقاتلوهم أشد قتال ثم قتل من الميمنة الكثير فأدركتهم الأمراء من القلب ومن الميسرة, واستمروا في القتال إلى أن كشفوا التتار عن المسلمين, واستمر القتال إلى أن وقف كل من الطائفتين عن القتال، ومال قطلوشاه بمن معه إلى جبل قريب منه، وصعد عليه وفي نفسه أنه انتصر، وأن بولاي في أثر المنهزمين من المسلمين؛ فلما صعد الجبل رأى السهل والوعر كله عساكر، والميسرة السلطانية ثابتة وأعلامها تخفق، فبهت قطلوشاه وتحير, واستمر بموضعه حتى كمل معه جمعه, وأتاه من كان خلف المنهزمين من الميمنة السلطانية, ومعهم عدة من المسلمين قد أسروهم, فعند ذلك جمع قطلوشاه أصحابه وشاورهم فيما يفعل، وإذا بكوسات السلطان والبوقات قد زحفت وأزعجت الأرض, وأرجفت القلوب بحسها، فلم يثبت بولاي وخرج من تجاه قطلوشاه في نحو العشرين ألفاً من التتار، ونزل من الجبل بعد المغرب ومر هارباً، وبات السلطان وسائر عساكره على ظهور الخيل والطبول تضرب، وتلاحق بهم من كان انهزم شيئاً بعد شيء، وهم يقصدون ضرب الطبول السلطانية والكوسات؛ وأحاط عسكر السلطان بالجبل الذي بات عليه التتار, وشرع قطلوشاه في ترتيب من معه، ونزلوا مشاة وفرساناً وقاتلوا العساكر، فبرزت المماليك السلطانية بمقدميها إلى قطلوشاه وجوبان، وعملوا في قتالهم عملًا عظيمًا، فصاروا تارة يرمونهم بالسهام, وتارة يواجهونهم بالرماح، واشتغل الأمراء أيضاً بقتال من في جهتهم، وصاروا يتناوبون في القتال أميراً بعد أمير، وألحت المماليك السلطانية في القتال, وأظهروا في ذلك اليوم من الشجاعة والفروسية ما لا يوصف, حتى إن بعضهم قتل تحته الثلاثة من الخيل، وما زال الأمراء على ذلك حتى انتصف نهار الأحد، فصعد قطلوشاه الجبل وقد قتل من عسكره نحو ثمانين رجلاً، وجرح الكثير, واشتد عطشهم، واتفق أن بعض من كان أسره التتار هرب ونزل إلى السلطان، وعرفه أن التتار قد أجمعوا على النزول في السحر لمصادمة العساكر السلطانية، وأنهم في شدة من العطش، فاقتضى الرأي أن يفرج لهم عند نزولهم ويركب الجيش أقفيتهم، فلما باتوا على ذلك وأصبحوا نهار الاثنين، ركب التتار في الرابعة من النهار ونزلوا من الجبل فلم يتعرض لهم أحد وساروا إلى النهر فاقتحموه؛ فعند ذلك ركبهم بلاء الله من المسلمين, وأيدهم الله تعالى بنصره, حتى حصدوا رؤوس التتار عن أبدانهم, ووضعوا فيهم السيف, ومروا في أثرهم قتلاً وأسراً إلى وقت العصر، وعادوا إلى السلطان وعرفوه بهذا النصر العظيم، واستمرت الأمراء, وبقيت العساكر في طلب التتار إلى القريتين، وقد كلت خيول التتار, وضعفت نفوسهم, وألقوا أسلحتهم, واستسلموا للقتل، والعساكر تقتلهم بغير مدافعة، حتى إن أراذل العامة والغلمان قتلوا منهم خلقاً كثيراً, وغنموا عندئذ غنائم، وقتل الواحد من العسكر العشرين من التتار فما فوقها؛ ثم أدركت عربان البلاد التتار وأخذوا في كيدهم: فيجيء منهم الاثنان والثلاثة إلى العدة الكثير من التتار، كأنهم يهدونهم إلى الطريق فيوصلونهم إلى البرية, ويتركونهم بها, فيموتوا عطشاً؛ ومنهم من دار بهم وأوصلوهم إلى غوطة دمشق، فخرجت إليهم عامة دمشق فقتلوا منهم خلقاً كثيراً، وفي يوم الاثنين رابع الشهر رجع الناس من الكسوة إلى دمشق, فبشروا الناس بالنصر.


غزو سيس وتل حمدون.
العام الهجري: 703
العام الميلادي: 1304

سارت العساكر من القاهرة للغارة على بلاد سيس، وعليهم الأمير بدر الدين بكتاش أمير سلاح، ومعه الأمير علم الدين سنجر الصوابي, والأمير شمس الدين سنقر شاه المنصوري, ومضافيهم، وكتب إلى طرابلس, وحماة, وصفد, وحلب, بخروج العساكر إليها، فوصل الأمير بدر الدين بكتاش إلى دمشق في الثاني عشر من رمضان، وخرج منها بعسكر دمشق، فسار إلى حلب وأتته عساكر البلاد، فافترقوا فرقتين: فرقة سارت صحبة قبجق إلى ناحية ملطية، وقلعة الروم، والفرقة الأخرى صحبة قراسنقر حتى دخلوا الدربندات, وحاصروا تل حمدون, فتسلموه عنوة في ثالث ذي القعدة بعد حصار طويل، وحرقوا مزارع سيس, وخربوا الضياع, وأسروا أهلها، ونازلوا تل حمدون, وقد امتنع بقلعتها جماعة كثيرة من الأرمن، فقاتلوهم حتى فتحت بالأمان، وأخذوا منها ستة ملوك من ملوك الأرمن، فشق ذلك على تكفور ملك سيس، وقصد نكاية الملوك على تسليمهم قلعة تل حمدون بالأمان، وكتب إلى نائب حلب بأن ملوك القلاع هم الذين كانوا يمنعون من حمل الخراج، فلا تفرجوا عن أحد منهم، فليس عندي من يزن المال سواهم، فأمر النائب بقتلهم، فضربت رقاب الملوك الخمسة، وأسلم منهم صاحب قلعة نجيمة, والتزم بأخذ سيس, ووقع مع صاحب سيس على أن يكون للمسلمين من نهر جيهان إلى حلب وبلاد ما وراء النهر إلى ناحيتهم لهم، وأن يعجلوا حمل سنتين، ووقعت الهدنة على ذلك،، فحمل إلى مصر, وكتب صحبته بعود العساكر بالغنائم، فسر الأمراء والسلطان بذلك، وأكرم صاحب قلعة نجيمة، وكتب بعود العساكر.


فتوحات في بلاد الأرمن.
العام الهجري: 737
العام الميلادي: 1337

في رمضان، وصل إلى حلب من مصر عسكر حسن الهيئة، قدمه الحاج أرقطاي، وعسكر من دمشق مقدمهم قطلبغا الفخري، وعسكر من طرابلس مقدمه بهادر عبدالله، وعسكر من حماة مقدمه الأمير صارم الدين أزبك، والمقدم على الكل ملك الأمراء بحلب علاء الدين الطنبغا، ورحل بهم إلى بلاد الأرمن في ثاني شوال منها، ونزل على ميناء إياس، وحاصرها ثلاثة أيام، ثم قدم رسول الأرمن من دمشق ومعه كتاب نائب الشام بالكفِّ عنهم، على أن يسلموا البلاد والقلاع التي شرقي نهر جهان، فتسلموا منهم ذلك، وهو مُلك كبير، وبلاد كثيرة، كالمصيصة، وكويرا، والهارونية ، وسرفندكار، وآياس، وباناس، وبخيمة، والنقبر، وغير ذلك. فخرب المسلمون برج آياس الذي في البحر، واستنابوا بالبلاد المذكورة نواباً، وعادوا في ذي الحجة منها.


انتصار المسلمين على الفرنج بطرابلس.
العام الهجري: 828
العام الميلادي: 1425

لما توجه المسلمون من ساحل بولاق، مروا على دمياط إلى طرابلس، وتوجهوا منها في بضع وأربعين مركباً إلى جزيرة الماغوصة، فخيموا في برها الغربي، وقد خاف متملكها، وبعث بطاعته للسلطان، فبلغهم تهيؤ صاحب قبرص للقائهم، واستعداده لمحاربتهم، فباتوا بمخيمهم على الماغوصة ليلة الأحد العشرين من شهر رمضان, وشنوا من الغد - يوم الأحد - الغارات على ما في غربي قبرص من الضياع، وعادوا بغنائم كثيرة، بعد ما قتلوا, وأسروا, وحرقوا. ثم أقلعوا ليلة الأربعاء يريدون الملاحة، وتركوا في البر أربعمائة من الرجال، يسيرون بحذائهم، فقتلوا, وأسروا, وحرقوا. ثم ركبوا البحر وقد وافاهم الفرنج صباحًا في عشرة أغربة وقرقورة، فلم يثبتوا وانهزموا من غير حرب. فأرسى المسلمون بساحل الملاحة. وقاتلوا الفرنج قتالًا شديدًا، وهزموهم. وباءوا ليلة الجمعة خامس عشرينه، فأقبل بكرة يوم الجمعة خامس عشرينه عسكر قبرص، وعليهم أخو الملك، فقاتله نصف العسكر الإسلامي أشد قتال, وهزموه بعد ما كادوا أن يؤخذوا، وقتلوا من الفرنج مقتلة كبيرة, وأخرجوا الخيول من المركب إلى البر في ليلة السبت, وساروا بكرة يوم السبت يقتلون, ويأسرون, ويحرقون القرى، حتى ضاقت مراكبهم عن حمل الأسرى، وامتلأت أيديهم بالغنائم، فكتب الأمير جرباش الكريمي - حاجب الحجاب ومقدم العساكر المجاهدة - إلى الأمير قصروه نائب طرابلس بذلك، بصحبة قاصد، بعثة من الغزاة ليأتيه بخبرهم, فكتب الأمير قصروه كتاباً إلى السلطان, وفي طيه كتاب جرباش إليه. ثم إن العسكر خاف من متملك قبرص، فإنه قد جمع واستعد، فرأى جرباش أن يعود بهم، فسار حتى أرسى على الطينة قريباً من قطيا، ومن دمياط.


ملك قشتالة يهاجم بني نصر.
العام الهجري: 834
العام الميلادي: 1431

جمع ملك قشتالة الفنشي عساكره من الفرنج، وركب البحر إلى قرطبة يريد أخذ غرناطة من المسلمين، فاشتد البلاء عليهم لقلة المال بغرناطة، وفناء عسكرها في الفتنة التي حصلت في استعادة الملك، وموت من هلك في الزلزلة، وهم زيادة على ستة آلاف إنسان، ونزل الفرنج عليهم، فلقوهم في يوم الجمعة عاشر رمضان من هذه السنة، وقاتلوهم يومهم ومن الغد، فقتل من المسلمين نحو الخمسة عشر ألف، وألجأهم العدو إلى دخول المدينة، وعسكر بإزائها على بريد منها، وهم نحو خمسمائة وثمانين ألفًا، وقد اشتد الطمع في أخذها، فبات المسلمون ليلة الأحد في بكاء وتضرع إلى الله، ففتح عليهم الله تعالى، وألهمهم رشدهم، وذلك أن الشيخ أبا زكريا يحيى بن عمر بن يحيى بن عمر بن عثمان بن عبد الحق - شيخ الغزاة - خرج من مدينة غرناطة في جمع ألفين من الأجناد، وعشرين ألفاً من المطوعة، وسار نصف الليل على جبل الفخار، حتى أبعد عن معسكر الفرنج إلى جهة بلادهم، ورفع أمارة في الجبال يعلم بها السلطان بغرناطة، فلما رأى تلك العلامات من الغد خرج يوم الأحد، بجميع من بقي عنده إلى الفرنج، فثاروا لحربهم، فولى السلطان بمن معه من المسلمين، كأنهم قد انهزموا، والفرنج، تتبعهم، حتى قاربوا المدينة، ثم رفعوا الأعلام الإسلامية، فلما رآها الشيخ أبو زكريا نزل بمن معه إلى معسكر الفرنج، وألقى فيه النار، ووضع السيف فيمن هنالك، فقتل وأسر وسبى، فلم يشعر الفرنج إلا والصريخ قد جاءهم، والنار ترتفع من معسكرهم، فتركوا أهل غرناظة ورجعوا إلى معسكرهم، فركب السلطان بمن معه أقفيتهم، يقتلون ويأسرون، فبلغت عدة من قتل من الفرنج ستة وثلاثون ألفاً، ولحق باقيهم ببلادهم، بعد ما كادوا أن يملكوا غرناطة، وبلغت عدة من أسر المسلمون من الفرنج نحو اثني عشر ألفاً، ويقول المكثر إنه قتل, ومات, وأسر من الفرنج في هذه الكائنة زيادة على ستين ألفاً.


حرب بحرية بين أسطول العثمانيين وأساطيل أوربية.
العام الهجري: 967
العام الميلادي: 1560

استولى أمير البحر العثماني طورغوت على جزيرة جربة بعد معركة جرت قبلها في شهر رمضان من هذا العام, هزمت فيها أساطيل جنوة, وفلورنسا, وصقيلية, ومالطة وأسبانيا، وتوغل طوغورت بعد ذلك في الداخل, فاستولى على مدن قفصة, وصفاقس, والموناستي ر, والقيروان, وسوسة. وكان الأعراب الشابية قد استولوا عليها, فحررها منهم, وانتقلت إلى الدولة العثمانية.