الأربعاء، 22 مايو 2013

يبكي الغريب عليه ليس يعـرفه

يبكي الغريب عليه ليس يعـرفه .. وذو قرابتـه في الحي مسـرور
أورد أبو بكر محمد بن أبي القاسم الأنباري هذا البيت في مساق حكاية هي من طرف الأعاجيب وعبر التجاريب, فروى بإسناده إلى هشام ابن الكلبي قال: عاش عبيد بن شربة الجرهمي ثلاثمائة سنة وأدرك الإسلام فأسلم, ودخل على معاوية رضي الله عنه بالشام وهو خليفة فقال له: حدثني بأعجب ما رأيت, قال: مررت ذات يوم بقوم يدفنون ميتاً لهم فلما انتهيت إليهم اغرورقت عيناي بالدموع فتمثلت بقول الشاعر:
يا قـلب إنك من أسماء مغـرور .. فاذكر وهل ينفعنك اليوم تذكير
قد بحت بالحب ما تخفيه من أحد .. حتى جرت لك إطـلاقا محاضير
فلست تدري وما تدري أعاجلها .. أدنى لرشـدك أم مـا فيه تأخير
فاستقدر اللـه خيرا وارضين به .. فبينما العسر إذا دارت مياسـير
وبينما المرء في الأحيـاء مغتبط .. إذ صار في الرمس تعفوه الأعاصير
يبكي الغريب عليه ليس يعـرفه .. وذو قرابتـه في الحي مسـرور


قال: فقال لي رجل: أتعرف من يقول هذا الشعر؟ قلت: لا. قال: إن قائله هذا الذي دفناه الساعة, وأنت الغريب الذي يبكي عليه ولست تعرفه, وهذا الذي سار عن قبره هو أمس الناس رحما به وأسرهم بموته. فقال له معاوية: لقد رأيت عجباً, فمن الميت؟ قال: عثير بن لبيد العذري وقيل عثمان بن لبيد العذري وفي كتاب المعمرين أن الميت حريث بن جبلة.

من كتاب: درة الغواص في أوهام الخواص - لأبي محمد القاسم بن علي الحريري - رحمه الله تعالى (446 هـ - 516 هـ) .