الأربعاء، 10 أبريل 2013

كلمات عن جفاء الصديق.... لابن القيم... من صيد الخاطر


كان لنا اصدقاء واخوان أعتد بهم ... فرايت منهم من الجفاء وترك شروط الصداقة والاخوة عجائب ...فأخذت أعتب ....فانتبهت الى نفسي فقلت : وما ينفع العتاب ....فان هم صلحوا، فللعتاب لا للصفا ....فهممت بمقاطعتهم ، ثم تفكرت ...فرايت الناس بين معارف وأصدقاء في الظاهر ...
 واخوة مباطنين ...فقلت : لا تصلح مقاطعتهم . انما ينبغي أن تنقلهم من ديوان الاخوة الى ديوان الصداقة الظاهرة ....فان لم يصلحوا لها نقلتهم الى جملة المعارف ، وعاملتهم معاملة المعارف ... ومن الغلط أن تعاتبهم ...فقد قال يحيى بن معاذ : بئس الاخ أخ تحتاج أن تقول له : اذكرني في دعائك ....
وجمهور الناس اليوم معارف ... وينذر فيهم صديق في الظاهر ...
اما الاخوة والمصافاة فذاك شئء نسخ .... فلا يطمع فيه .... وما أرى الاانسان يصفو له اخوه من النسب ولا ولده ... ولا زوجته ....فدع الطمع في الصفا ... وخذ عن الكل جانبا .... وعاملهم معاملة الغرباء .... واياك أن تنخدع بمن يظهر لك الود ....فان مع الزمان يبين لك الحال فيما أظهره .... وربما أظهر لك ذلك لسبب يناله منك ....
وقد قال الفضيل بن عياض :
اذا اردت أن تصادق صديقا فأغضبه ....فان رأيته كما ينبغي فصادقه..... وهذا اليوم مخاطرة لانك ان أغضبت أحدا صار عدوا في الحال ....
والسبب في نسخ حكم الصفا ، ان السلف كانت همتهم الاخرة وحدها ، فصفت نياتهم في الاخوة والمخالطة .... فكانت دِينا لا دَينا