الثلاثاء، 9 أبريل 2013

ذكاء ابي حنيفة


قال رجل لأبي حنيفة: ما تقول في رجل قال: لا أرجو الجنة ولا أخاف النار، وآكل الميتة وأهد بما لم أرد، ولا أخاف الله، وأصلي بلا ركوع ولا سجود، وأبغض الحق وأحب الفتنة؟ قال أبو حنيفة، وكان هو يعرفه شديد البغض له: يا فلان، سألتني عن هذه المسألة ولك بها علم؟ قال: لا، ولكن لم أجد شيئاً هو أشنع من هذا فسألتك عنه، قال: فقال أبو حنيفة لأصحابه: ما تقولون في هذا؟ قالوا: شر رجل هذه صفة كافر،
قال: فتبسم أبو حنيفة وقال له: لقد شنعت القول فيه، ثم قال: هو والله من أولياء الله حقاً، ثم قال للرجل: إن أنا أخبرتك أنه من أولياء الله حقاً تكف عني شرك، ولا تمل على الكتبة ما يضرك؟ قال: نعم، قال أبو حنيفة: أما قولك: إنه لا يرجو الجنة ولا يخاف النار، فإنه يرجو رب الجنة ويخاف رب النار، وقولك: لا يخاف الله، فإنه لا يخاف ظلمه ولا جوره وقال الله تعالى: " وما ربك بظلام للعبيد " . وقولك: يأكل الميتة، فهو يأكل السمك، وقولك: يصلي بلا ركوع ولا سجود، فقد جعل أكثر عمله الصلاة على النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وقد لزم موضع الجنائز فهو يصلي عليها ويعتبر ويقصر أمله ويصلي على كل مسلم ومسلمة، ويدعو للأحياء والأموات ومن هو آت من المؤمنين والمؤمنات، وقولك: يشهد بما لم ير، فهو شهادة الحق، يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقولك: يبغض الحق، فهو يحب البقاء حتى يطيع الله ويكره الموت وهو الحق، قال الله تعالى: " وجاءت سكرة الموت بالحق " ، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه يقرأ: " وجاءت سكرة الحق بالموت " ، وأما الفتنة فالقلوب مجبولة على حب المال والولد وذاك من الفتنة العظيمة على قلوب المؤمنين، قال الله تعالى: " إنما أموالكم وأولادكم فتنة والله عنده أجر عظيم "