الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

العذر بالجهل


 
سئل الشيخ أحمد بن عمر الحازمي ما نصه :

قرأت إجابتك عن العذر بالجهل وجعلها أصلا مطردا، وأن الأصل عدم العذر بالجهل فيمن وقع في الشرك الأكبر وجعله أصلا مطردا إلا استثناءات وهذا الاستثناء لا يحكم عليه بالاسلام مع جهله! ألا ترى أنك تقول بقول المعتزلة في هذه الجزئية وهي منزلة بين المنزلتين لا إيمان ولا كفر ؟  
بارك الله فيك .. قولي: مع عدم الحكم عليه بالإسلام بمعنى نفي قيام حقيقة الإسلام به وهذا معناه أنه مشرك ، فاعل الشرك مشرك لا يقال فيه إنه مسلم ، فتنبه لهذا . قال الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمه الله كما في الدرر السنية (10/163):(فنقول: إذا كان يعمل بالكفر والشرك، لجهله، أو عدم من ينبهه، لا نحكم بكفره حتى تقام عليه الحجة؛ ولكن لا نحكم بأنه مسلم، بل نقول عمله هذا كفر، يبيح المال والدم، وإن كنا لا نحكم على هذا الشخص، لعدم قيام الحجة عليه؛ لا يقال: إن لم يكن كافرا، فهو مسلم، بل نقول عمله عمل الكفار، وإطلاق الحكم على هذا الشخص بعينه، متوقف على بلوغ الحجة الرسالية. وقد ذكر أهل العلم: أن أصحاب الفترات، يمتحنون يوم القيامة في العرصات، ولم يجعلوا حكمه حكم الكفار، ولا حكم الأبرار). وقال بعدها :(وأما قولكم: وهل ينفع هذا المؤمن المذكور، ما معه من أعمال البر، وأفعال الخير، قبل تحقيق التوحيد؟
فيقال: لا يطلق على الرجل المذكور اسم الإسلام، فضلا عن الإيمان; بل يقال: الرجل الذي يفعل الكفر، أو يعتقده في حال جهله، وعدم من ينبهه، إذا فعل شيئا من أفعال البر، وأفعال الخير، أثابه الله على ذلك، إذا صحح إسلامه وحقق توحيده، كما يدل عليه حديث حكيم بن حزام: "أسلمت على ما أسلفت من خير. وأما الحج الذي فعله في تلك الحالة، فلا نحكم ببراءة ذمته، بل نأمره بإعادة الحج، لأنا لا نحكم بإسلامه في تلك الحالة، والحج من شرط صحته الإسلام؛ فكيف نحكم بصحة حجه وهو يفعل الكفر، أو يعتقده؟ ولكنا لا نكفره إلا بعد قيام الحجة عليه، فإذا قامت عليه الحجة وسلك سبيل المحجة، أمرناه بإعادة الحج، ليسقط الفرض عنه بيقين).
وقال العلامة عبد اللطيف بن عبد الرحمن بن حسن رحمه الله في مصباح الظلام ص 72:(واعلم أن هذا المعترض لم يتصور حقيقة الإسلام والتوحيد؛ بل ظن أنه مجرَّد قول بلا معرفة ولا اعتقاد، وإلا فالتصريح بالشهادتين والإتيان بهما ظاهرًا هو نفس التصريح بالعداوة والبغضاء، وما أحسن ما قيل:
وكم من عائب قولاً صحيحًا ... وآفته من الفهم السقيم
ولأجل عدم تصوره أنكر هذا، ورد إلحاق المشركين في هذه الأزمان بالمشركين الأولين، ومنع إعطاء النظير حكم نظيره، وإجراء الحكم مع علته، واعتقد أن من عبد الصالحين ودعاهم وتوكل عليهم وقرَّب لهم القرابين مسلم من هذه الأمة، لأنه يشهد أن لا إله إلا الله ويبني المساجد ويصلي، وأن ذلك يكفي في الحكم بالإسلام ولو فعل ما فعل من الشركيات، وحينئذٍ فالكلام مع هذا وأمثاله في بيان الشرك الذي حرَّمه الله ورسوله، وحكم بأنه لا يغفر، وأن الجنة حرام على أهله، وفي بيان الإيمان والتوحيد الذي جاءت به الرسل، ونزلت به الكتب، وحرَّم أهله على النار، فإذا عرف هذا وتصوره تبيَّن له: أن الحكم يدور مع علَّته، وبطل اعتراضه من أصله، وانهدم بناؤه).
وفق الله الجميع لما يحب ويرضى ..