الاثنين، 4 نوفمبر 2013

العمل لغير الله .



قال الشيخ سليمان بن ناصر العلوان في كتابه  التبيان شرح نواقض الاسلام :
والعمل لغير الله له حالات:
الحالة الأولى: أن يكون رياء محضاً، فلا يريد صاحبه إلا الدنيا أو مراآة المخلوقين؛ كالمنافقين؛ الذين قال الله فيهم: (وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إلا قَلِيلاً(142))([1]).
فهذا العمل لا يشك مسلم بأنه حابط، وأن صاحبه يستحق المقت من الله جل وعلا.


الحالة الثانية: أن يكون العمل لله، ويشاركه الرياء، فهذا له حالتان:
أ- إما أن يشاركه الرياء من أصله.
ب- وإما أن يطرأ عليه.
فأما الأول؛ فالعمل حابط لا يقبل، ويستدل له بالحديث الذي خرجه مسلم في "صحيحه" عن أبي هريرة رضي الله عنه؛ قال: قال رسول الله r: قال الله تعالى: "أنا أغنى الشركاء عن الشرك، من عمل عملاً أشرك معي فيه غيري؛ تركته وشركه".
وأما إن طرأ عليه الرياء، واسترسل معه: فبعض العلماء يبطله بالكلية، وبعض العلماء يقول: إن استرسل معه؛ فله أجر إخلاصه وعليه وزر الرياء، وأما إن جاهد ودفعه؛ فهذا له نصيب من قوله –تعالى-: (وَأَمَّا مَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوَى (40) فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوَى(41))([2]).
وأما مثلاً من جاهد في سبيل الله وله نية في أخذ المغنم؛ فهذا العمل فيه خلاف بين العلماء.
قال ابن القيم رحمه الله في "إعلام الموقعين" (2/163) بعد كلام سبق: "وهذا كمن يصلي بالأجرة؛ فهو لو لم يأخذ الأجرة؛ صلى، ولكنه يصلي لله وللأجرة، وكمن يحج ليسقط الفرض عنه ويقال: فلان حج، أو يعطي الزكاة، فهذا لا يُقبل العمل منه".
وقال ابن رجب رحمه الله: "نقص بذلك أجرُ جهاده، ولم يبطل بالكلية".
وقال رحمه الله([3]): "وقد ذكرنا فيما مضى أحاديث تدل على أن من أراد بجهاده عرضاً من الدنيا: أنه لا أجر له، وهي محمولة على أنه لم يكن له غرض في الجهاد إلا الدنيا".
فعلى هذا؛ هناك فرق بين من يجاهد مثلاً للذكر والأجر وبين من يجاهد للمغنم والأجر.
فالأول: ثبت فيه حديث أبي أمامة عند النسائي([4]) بسند حسن: أن رجلاً أتى النبي r فقال: يا رسول الله! أرأيت رجلاً غزا يلتمس الأجر والذكر؟ فقال النبي r: "لا شيء له", فأعادها عليه ثلاث مرات. يقول له رسول الله r:"لا شيء له". ثم قال: "إن الله لا يقبل من العمل إلا ما كان خالصاً وابتُغِىَ به وجهه".
وأما الثاني: فقد قدمنا الكلام عليه، والله أعلم.



([1]) النساء: 142.
([2]) النازعات: 40-41.
([3]) "جامع العلوم والحكم" (ص15).
([4]) النسائي [ 6 /52 ] من طريق معاوية بن سلاَّم عن عكرمة بن عمار عن شدّاد أبي عمار عن أبي أمامة به.