الأحد، 7 يوليو 2013

أحييك والآماق

أحييك والآماق ترسل مدمعاً ... كأني أحدو بالسلام مودعا
وما أدمع البشرى تموج بوجنة ... سوى ثغر صب بالوصال تمتعا
وقفت بمغنى كان يا أشرف الورى ... لطلعتك الحسنى مصيفاً ومربعا
وما استيقنت نفسي لفرط ابتهاجها ... بإحراز جثماني تجاهك موضعا
يخيل أن العين لم تنفض الكرى ... وأني ما غادرت بالشام مضجعا
فذا موقف لامست فيه بأخمصي ... أجل من الدر النضيد وأرفعا
وكم بت قبل اليوم أرجو بلاغه ... ولكن يد الإقبال تبدي تمنعا
ابث به ما كنت أطويه في الحشا ... ولم تطرق الشكوى به قط مسمعا
وهب نسيم من معالم هديكم ... يجيء بريا المسك حيث تضوعا
فذلك مرقى كنت تصدع فوقه ... بما حاز في أقصى البلاغة موقعا
وذاك مصلى طالما قمت قانتاً ... لديه وقام الصحب خلفك خشعا
وذي حجرة كان الأمين يؤمها ... بوحي فكانت للشريعة منبعا
بسطت رجائي في رباها ومن يضع ... بمزرعها غرس الأماني اطلعا
وهل تذهب الدعوى جفاء بهالة ... أضاء الهوى من نحوها وتفرعا
إليك رسول الله نشكو الأذى الذي ... ألم بنا حتى ارتوى وتشبعا
وأعظم ما شق الفؤاد بجسرة ... وهاج به الأشجان حتى تقطعا
تخاذل حال المسلمين وما أتى ... من الخطب في أرجائهم وتجمعا
فما شأننا إلا كعقد تناثرت ... جواهره في سطح أحدب أفزعا
فهذا يحاذي في قضاياه نزعة ... تخط وراء الحق للناس مرتعا
وهذا يصوغ القول في قالب يرى ... بجانبه قول الشريعة أوسعا
وذا ناشر بند الضلالة ماسحاً ... بصبغة دين كي يغر ويخدعا
لقد ضربت أيدي الغرور على الحجى ... بستر فأضحى بالجمود مقنعا
ونمنا على الآذان نومة جاه ... بما يضع المستيقظون لنصرعا

ولم نستفق للقوم حتى تحفزا ... وأوجس كل في نواياه مطمعا
ولم نستفق للقوم إذ كل انتضى ... ليظفر باستعبادنا السيف مقرعا
ولم نستفق للقارعات تصب في ... حواشي القرى نهراً من الخسف مترعا
ولم نستفق للقارعات وقد دنت ... إلى مهجة الإسلام حتى تصدعا
وفي الناس من حاك الإياس بصدره ... فجرد أفراس السباق وأقلعا
وندب درى صرف الليالي وأنها ... تزل بأعلام وتونس بلقعا
فقام على جد ينادي بشعبه ... ليرفأ رتقاً أو يشيد مصنعاً
ألا أننا لم نتق الفتنة التي ... تصيب أخا العدوان والمتدرعا
يقول أناس إنما الدين عثرة ... بسابلة العمران يهوي بمن سعى
رمى بهم التقليد في أثر ملحد ... فلم يكشفوا عن مبسم الحق برقعا
ألم ينظروا في نشأة الدين برهة ... وكيف تعالى من تحروه مرجعا
تجليت في شعب جرة في عروقه ... دم الكبر واعتاد التقاليد منزعا
تجليت والبغضاء ترمي صدورهم ... بنار فاصلتها قلوبا وأضلعا
أخذت تزكيهم وترفع شأوهم ... إلى أن سمو فوق السماكين مطلعا
وأبلغتنا شرعاً وحقك أنه ... لا قوم آدابا وأحكم مهيعا
تلقاه منك الراشدون بمدرك ... سليم وذوق لا يطيق التصنعا
وشدوا به ظهر السياسة فاستوى ... وكم هجروا جنحاً من الليل ركعا
نكثتنا من الأيدي عرا وثقوا بها ... وهل يرتجى شعب تخاذل مفزعا
وها أنا ذا أنزلت رحلي (بطيبة) ... ووافيت في ثوب الحياء مروعا
فلو أنني سابقت في حلبة التقى ... تقدمني أدنى الخليقة أذرعا
وجاركم يحظى وإن ظعنت به ... رواحل أمسى بالكرامة متبعا
وذي رحلة أدنت قطوف سعادة ... ومن يغش أعتاب (الرسول) ترفعا
وروض الأماني عند أول نظرة ... كحلت بها عين البصيرة أمرعا
عليك سلام الله ما انسجم الحيا ... وحيا صباح بالضيا وودعا

العلامة الفاضل السيد محمد الخضر بن الحسين التونسي