السبت، 15 فبراير 2014

من علامات الساعة : عمران بيت المقدس خراب يثرب

قال الشيخ عبد العزيز بن مرزوق الطريفي حفظه الله ومن أشراط الساعة وعلاماتها:
ما رواه الإمام أحمد، وأبو داود، والترمذي، من حديث عبدالرحمن بن ثابت بن ثوبان، عن أبيه، عن مكحول، عن جبير بن نفير، عن مالك بن يخامر، عن معاذ بن جبل قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((عمران بيت المقدس خراب يثرب، وخراب يثرب خروج الملحمة، وخروج الملحمة فتح قسطنطينية، وفتح القسطنطينية خروج الدجال))[رواه أبو داود4294].
في هذا الحديث تسلسل لمجموعة من الأحداث ينبغي أن تُذكر على الترتيب، حتى لا يقع خلط في فهم بعض أشراط الساعة وعلاماتها، أول هذه الأشراط التي أشار إليها صلى الله عليه وسلم عمران بيت المقدس، وهذا يكون متلازماً مع خراب يثرب، وهي المدينة.
والمراد من الخراب هو الجدران، وقد جاء تفسير ذلك في البخاري في حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((لتتركن المدينة على أحسن ما كانت)).
وجاء عن النبي  صلى الله عليه وسلم من حديث أبي هريرة وغيره في المسند وغيره، قال: ((لتتركن المدينة على أحسن ما كانت حتى يدخل الكلب فيغذي على بعض سواري المسجد)) يعني يبول على السواري، سواري مسجد رسول الله  صلى الله عليه وسلم.[رواه مالك1643 وأصله في البخاري1874].
وهذا لو قيل إن عمران بيت المقدس في المباني وكذلك الناس، طمعاً لا في الدين، وإنما الطمع في الدنيا، وهذا يدل على انفتاح الخير في أبواب الشام بعدما كان الانفتاح في جزيرة العرب، وكذلك أيضاً في المدينة على وجه الخصوص، ولهذا قال النبي  صلى الله عليه وسلم: ((عمران بيت المقدس خراب يثرب)).
أي أن علامة هذا – علامة عمران بيت المقدس – هو خراب المدينة ، ويظهر في هذا جملة من المعاني أولها العمران المادي، وهذا الذي أشرنا إليه وظهر، الأمر الثاني هو الخلافة، والدليل على هذا ما جاء عند أبي داود وغيره من حديث ضمرة، عن ابن زغب، عن عبدالله بن حوالة أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((يا ابن حوالة إذا رأيت الخلافة في بيت المقدس فانتظر الزلازل والبلابل والأمور العظام، والساعة يومئذ أقرب من الناس من يدي هذه من رأسك)) ثم وضع رسول الله  صلى الله عليه وسلم يده على رأسه.[رواه أبو داود2535] وإسناده لا بأس به، وقد جاء من طرق متعددة عن عبدالله بن هوادة.
عبدالله بن هوادة من أهل حمص، ممن بقي فيها، واعتماده في هذه المسائل دليل أخذ فقهاء حمص عنه هذه الرواية وأمثال هذا الخبر مما هو منقول عند الإمام أحمد.
والعمران على نوعين: عمران خلافة، وتكون خلافة المسلمين، سواء كانت على استقامة أو على اعوجاج، ويظهر أنها على اعوجاج لأنه لا استقامة في مثل هذه الحال؛ لأن هذا متضمن لخراب هو خراب يثرب.
والدليل أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في حديث آخر – كما في مسلم – من حديث الدراوردي عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة، أن رسول الله  صلى الله عليه وسلم قال: ((يأتي على الناس زمان يدعو الرجل بن عمه وقريبه هلم إلى الرخاء هلم إلى الرخاء والمدينة خيرٌ لهم لو كانوا يعلمون ، والذي نفسي بيده لا يخرج منهم أحد رغبة عنها إلا أخلف الله فيها خيراً منه، ألا إن المدينة كالكير تُخرج الخبيث لا تقوم الساعة حتى تنفي المدينة شرارها كما ينفي الكير خبث الحديد))[رواه مسلم1381].
وفي هذا إشارة إلى أن الناس يتواصون بترك المدينة إلى الشام، ويتركون عند ذلك المدينة، والنبي صلى الله عليه وسلم يقول: ((المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون))[رواه مسلم1381]. وهذه إشارة إلى أن أكثر الناس يذهبون إلى الشام وبيت المقدس طلباً للدنيا، وطلباً للمتعة وعمرانها بالمادة، وكذلك الملبس والمأكل والمشرب .. ونحو ذلك.
وهذا لا يعني أن الشام ليست بموضع أرض مباركة، وقد جاء بيان أن الشام أرض مباركة في جملة من الأحاديث تقدم الكلام عليها على وجه الخصوص في محاضرة بعنوان "المسجد الأقصى ضياعه" ومسائل يحسن الرجوع إليها، ولكن علامة الشام بالنسبة لهذا الموضوع من جهة الفتنة على أحوال متعددة.
أول هذه الأحوال: إذا كان يتضمن عمران بيت المقدس خراب المدينة فهذه ملمة وليست بمحمدة، وعمران بيت المقدس يظهر أنه بعد فتح المسلمين لبيت المقدس، يكون بعد ذلك سعة في المال وترك للمدينة، والمدينة هي أفضل البقاع بعد مكة عند عامة العلماء.
والحالة الثانية: في حالة الفتن والملاحم والقتال، فإن الذهاب إلى الشام أفضل من أي بلد آخر، بل إنه أولى من الدخول إلى مكة والمدينة لا لاختصاصها بالفضل، وإنما لأن الشام هي أرض المحشر، وأرض الملحمة ما بين المسلمين وبين الروم.
الدليل على ذلك: ما جاء عن رسول الله صلى الله عليه وسلم كما في الصحيح من حديث عوف بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: ((اعدد ستاً بين يدي الساعة))[رواه البخاري3176] قال  صلى الله عليه وسلم في هذا الخبر: ((ثم يكون بينكم وبين بني الأصفر عهداً ثم يغدرون ، فيأتونكم على ثمانين راية، على كل راية مائة وعشرون ألفاً))[رواه البخاري3176].
يعني مائة وعشرون فرداً من المقاتلين، وهذا عدد مبالغ فيه جداً لا يمكن إلا مع التجيش المتراكم، وهذا الحديث في صحيح الإمام البخاري، وهو من أصح الأحاديث في أشراط الساعة، ويكون ذلك في أرض الشام، ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: ((خراب يثرب خروج الملحمة))[رواه أبو داود4294]. والملحمة تكون في الشام، وقد جاء الكثير من ذلك على الصراع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في جملة من الأحاديث، قال صلى الله عليه وسلم: ((حتى يقاتل بقيتكم الدجال بالأردن على النهر، أنتم شرقيه وهم غربيه))[رواه ابن أبي عاصم في الآحاد2458].
وهذا دليل على أن المعركة تكون بالشام، هو في زماننا الآن في العراق من جهة الأردن، كذلك ما يسمى بسوريا من جميع أطرافها المختلفة، كذلك الأردن ولبنان وفلسطين وشيء يسير من شمال الجزيرة العربية داخلة في بلاد الشام.