السبت، 8 فبراير 2014

(تنبيهات على بعض العوائد المتعلقة بالميت)



الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه آجمعين أما بعد:
أولاً: جرى عمل كثير من الناس إذا مات ميّتُهم أنهم يؤخرون الصلاة عليه ودفنه يوماّ أو يومين انتظاراً لبعض أقاربه وخواصه، أو للصلاة عليه يوم الجمعة، وهذا يخالف مادلت عليه السنة، قال -صلى الله عليه وسلم-: (أسرعوا بالجنازة، فإن تك صالحة فخير تقدمونها إليه، وإن تك سوى ذلك فشرٌّ تضعونه عن رقابكم)، وهذا يشمل حال حملها وماقبله، فيقتضي الإسراع في تجهيز الميت بتغسيله وتكفينه والصلاة عليه، وقد بين النبي -صلى الله عليه وسلم- حكمة ذلك، وهي تعجيل الصالح للخير الذي أعد له والراحة من الفاجر، وروي في سنن أبي داود أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: (لاينبغي لجيفة مسلم أن تحبس بين ظهراني أهله).

فينبغي الحرص على فعل السنة، وذلك بتعجيل دفن الميت، وترك مجاراة الناس في عاداتهم، وفي ذلك خير للحي والميت.
ثانيا: ما جرى عليه أكثر الناس المشيعين للميت وقت أنتظارهم لوضع الميت في قبره ودفنه من بقائهم قياماً وتنقلهم من مكان إلى مكان لسلام بعضهم على بعض، وتعزية ممن له صلة بالميت ومن ليس له صلة مع إلتزامهم بالمعانقة وكثيراً مايجر السلام إلى التحدث في الشؤون العامة والخاصة من أمور الدنيا وإلى الضحك، وكل هذه الأحوال تفقد الموت هيبته وروعته وهو خلاف هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- وصحابته من الجلوس والخشوع والتذكر والتذكير من غير رفع صوت كالخطبة: ( فعن البراء بن عازب قال خرجنا مع النبي -صلى الله عليه وسلم- في جنازة رجل من الإنصار فانتهينا إلى القبر ولما يلحد فجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم-  وجلسنا حوله وكأن على رءوسنا الطير وفي يده عود ينكت في الأرض ... الحديث).
ومما ينبغي تجنبه مانص العلماء على بدعيته، وهو تحري الصدقة على الفقراء من المشيعين، ويشبه ذلك مايفعله بعض الناس من توزيع الماء البارد وكذلك لاينبغي ولايليق وضع مضلة وكراسي يترفه بها من يحب أن يستريح إلا كراسي تعد لبعض العاجزين من كبيرًا أو مريض، ومما ينبغي تركه عادة المعانقة خصوصا مع كثرة المعزين لما في المعانقة من الحرج والمشقة على الجميع.
قال شيخ الإسلام :(وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ عِنْدَ الْقَبْرِ كَرِهَهَا الْعُلَمَاءُ، وَشَرْطُ الْوَاقِفِ ذَلِكَ شَرْطٌ فَاسِدٌ، وَأَنْكَرُ مِنْ ذَلِكَ: أَنْ يُوضَعَ عَلَى الْقَبْرِ الطَّعَامُ وَالشَّرَابُ لِيَأْخُذَهُ النَّاسُ فَإِنَّ هَذَا وَنَحْوَهُ مِنْ عَمَلِ كَفَّارٍ التُّرْكِ، لَا مِنْ أَفْعَالِ  المسلمين).
وجاء في فتاوى لجنة الإفتاء ومنهم الشيخ ابن باز قالوا: (إحضار قوارير الماء إلى المقبرة لشرب المشيعين لم يعرف عن السلف الصالح، وفيه فتح باب لبذل الصدقات في المقابر. وعليه فالواجب ترك ذلك عملاً بقول النبي صلى الله عليه وسلم : ( من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد).
ثالثا: ماجرى عليه بعض الناس أو كثيرٌ منهم من اجتماع المعزين عند أهل الميت وطول البقاء عندهم مما يستدعي أهل الميت لصنع الطعام وتقديمه للمعزين وهذا ما قال فيه جرير بن عبد الله -رضي الله عنه-: (كنا نعد الاجتماع إلى أهل الميت وصنيعة الطعام بعد دفنه من النياحة)، وليس من ذلك صب القهوة للمعزين؛ فإن القهوة ليست من جنس الطعام الذي جاء ذكره في حديث جرير -رضي الله عنه- لأن القهوة ليست مما يهتم له الناس ويحرصون على الاجتماع من أجله، ومع ذلك فالأولى تركها؛ لأن القهوة في العادة تقصد للاستئناس، فلا تناسب المقام، ولأن فيها شغلاً لأهل الميت، وإن جُلب لها عمال يصنعونها ويصبونها كان في ذلك كلفة مالية لا موجب لها، والله أعلم.

قال ذلك:
عبدالرحمن بن ناصر البراك
حرر في يوم الثلاثاء ٦/ربيع الأخر/١٤٣٥هـ