الأربعاء، 5 مارس 2014

هل يشرع السجود في غير مواضع السجود المعروفة

س: في القرآن نجد أن الله تعالى يعاتب من لا يسجد عند سماع آيات الله عموما، فهل يشرع السجود في غير مواضع السجود المعروفة؟
ج: الحمد لله وحده، وصلى الله وسلم على من لا نبي بعده، أما بعد:
فإن السجود نوعان، فرض وتطوع، والفرض هو سجود الصلاة، وكل من آمن بالقرآن فإنه يسجد لله في صلاته إيمانا بالله وكتابه ورسوله، ولا يمتنع من ذلك إلا الكافر، كما قال تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ)، وقوله: (وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ)، وقوله عن أهل النار: (قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ)، فالمسلم بسجوده في الصلاة فارق الكافرين الذين قال الله فيهم: (وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ)،
فلا يجب على المصلي أن يسجد كلما سمع القرآن، فإنه سجد وسيسجد كلما صلَّى، وأما سجود التلاوة فإنه نافلة وليس بفريضة، وقد دلت السنة أنه يشرع في مواضع مخصوصة، فيشرع للتالي والمستمع، وقد اختلف العلماء في بعض أحكام السجود، واختلفوا في المواضع التي يشرع فيها، والآياتُ التي يسجد عندها تختلف معانيها، فتختلف الحكمة من السجود تبعا لذلك؛ فمنها ما هو امتثال للأمر: (وَاسْجُدْ وَاقْتَرِبْ)، (فَاسْجُدُوا لِلَّهِ وَاعْبُدُوا)، ومنها ما هو اقتداء بمن يسجد لله من الملائكة والأنبياء وغيرهم من المخلوقات: (إِنَّ الَّذِينَ عِنْدَ رَبِّكَ لَا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ وَلَهُ يَسْجُدُونَ)، (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ طَوْعًا وَكَرْهًا وَظِلَالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ)، (إِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُ الرَّحْمَنِ خَرُّوا سُجَّدًا وَبُكِيًّا)، ومنها ما يشرع مخالفة للكافرين: (فَمَا لَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (20) وَإِذَا قُرِئَ عَلَيْهِمُ الْقُرْآنُ لَا يَسْجُدُونَ)، وعلى كل حال؛ فإن سجدات التلاوة توقيفيةٌ، فلا يسجد إلا في المواضع التي دل الدليل على شرعية السجود عندها، حتى لو بدا للقارئ مناسبةٌ للسجود فلا يسجد، كما في قوله تعالى: (وَإِذَا قِيلَ لَهُمُ ارْكَعُوا لَا يَرْكَعُونَ)، وقوله تعالى: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ). والله أعلم.
قال ذلك:
عبد الرحمن بن ناصر البراك
حرر في 1جمادى الآخرة 1435ه