الخميس، 7 مارس 2013

متمم بن نويرة


هو أبو نهشل متمم بن نويرة بن جمرة بن شداد بن عبيد بن تغلب بن يربوع بن حنظلة بن مالك بن زيد بن مناة بن تميم .. من سادات قومه وأشرافهم وفرسانهم وشعرائهم .. يقال له أبو نهشل وأبو تميم وأبو إبراهيم .. وكان له ابنان إبراهيم وداود وكانا شاعرين خطيبين .. شاعر مخضرم أدرك الجاهلية والإسلام فأسلم وحسن إسلامه وعدّ من الصحابة ..
 كان قصيراً أعوراً .. تزوج امرأة من المدينة فلم ترض أخلاقه لشدة حزنه على أخيه وقلة حفله بها فكانت تخاصمه وتؤذيه فطلقها
أسرته تغلب في الجاهلية فبلغ ذلك أخيه مالكا فجاء ليفديه فلما رآه القوم أعجبهم جماله وحديثه فأطلقوه له بدون فداء ..
أخوه مالك بن نويرة الملقب بـ ( الجفول ) ويكنى أبا المغوار ويقال له أيضاً فارس ذي الخمار لفرس كانت عنده يقال لها ذو الخمار ..
وكان مالك شريفاً فارساً جميلاً جسيما ذا لمة كبيرة وكان فيه خيلاء وتقدم .. قتله ضراربن الأزور ( يقال ) بأمر من خالد بن الوليد في خلافة أبي بكر .. فبكاه متمم ورثاه وقدم على أبي بكر فأنشده مراثي أخيه وناشده في دمه وفي سبيهم فرد له ابو بكر السبي .. وعذر أبو بكر خالد وأغلظ له عمر .. وذكروا أن عمر قال له : ما بلغ من جزعك على أخيك ؟ فقال : بكيت عليه بعيني الصحيحة حتى نفذ ماؤها فأسعدتها أختها الذاهبة .. فقال عمر : لو كنت شاعراً لقلت في أخي أجود مما قلت في أخيك فقال ياعمر : لو كان أخي أصيب مثل مصاب أخيك ما بكيته ! فقال عمر : ما عزاني أحد بأحسن مما عزيتني به
وقيل لمتمم وكان ذكر أخاه مالكاً في المدينة : إنك لتذكر أخاك فما كانت صفته ؟ فقال : كان يركب الجمال الثفال في الليلة الباردة يرتوي لأهله بين المزادتين المضرجتين عليه الشملة الفلوت يقود الجرس الجرور ثم يصبح ضاحكاً " .
توفي سنة 30 هـ رحمه الله رحمة واسعة ورحم خالداً وأبا بكر وعمر أجمعين
كان متمم بن نويرة من أشهر الشعراء المخضرمين .. قدمه ابن سلام وجعله الأول في طبقات أصحاب المراثي قال الشعر في فنون كثيرة وأشهر شعره في رثاء أخيه مالك .. وشعره يستجيش العاطفة ويستدر الدموع وهو شعر يذوب رقة وحزناً ولوعة ووجداً .. وقد بكى متمم أخاه فأجاد وأكثر ..
وهذه القصيدة التي بين أيدينا هي من أحسن ما قال ، وفيها يقول:
أبى الصبر آيات أراها وأننـــــــــــــــي أرى كل حبل دون حبلك أقطعا
وأني متى ما أدع باسمك لا تجب وكنت جديراً أن تجيب وتسمعـــا
إلى آخر القصيدة ...
ومن رثائه لأخيه أيضاً ما رواه الأنصاري قال : صلّى متمم بن نويرة مع أبي بكر الصديق الصبح ثم أنشد قوله :
نعم القتيل إذا الرياح تناوحـــــت تحت الإزار قتلــــــــــت يابن الأزور
أدعوتـــــه بالله ثم قتلتـــــــــــــــــــــــــه لو هو دعاك بذمة لم يغــــــــــــــدر
فقال أبو بكر : والله ما دعوته ولا قتلته .. فقال :
لا يضمر الفحشاء تحت ردائـــــه حلو شمائله عفيف المــــــــــــــــــئزر
ولنعم حشو الدرع أنت وحاسرا ولنعم مأوى الطارق المتنــــــــــــــور
قال ثم بكى حتى سالت عينه ثم انخرط على ميعة قوسه متكئاً يعني مغشياً عليه .
وعن أحمد العبيدي قال : صليت مع عمر بن الخطاب الصبح فلما انفتل من صلاته إذا هو برجل قصير أعور منكباً قوسه وبيده هراوة فقال : من هذا ؟ فقيل : متمم بن نويرة فاستنشده قوله في أخيه فأنشده :
لعمري وما دهري بتأبين مالك ولا جزع مما أصاب فأوجعــــــــــا
لقد كفن المنهال تحت ردائــــــــه فتى غير مبطان العشيات أروعا
حتى بلغ إلى قوله
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلمـا تفرقنا كأنــي ومالـــــــــــكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معـــا
فقال عمر : هذا والله التأبين لوددت أني أحسن الشعر فأرثي أخي زيداً بمثل ما رثيت به أخاك .
وتمثلت عائشة رضي الله عنها بشعره لما وقفت على قبر أخيها عبد الرحمن :
وكنا كندماني جذيمة حقبة من الدهر حتى قيل لن يتصدعا
فلمـا تفرقنا كأنــي ومالـــــــــــكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معـــا
ومن شعر متمم أيضاً : عن علي النوفلي عن أبيه قال :
إن متمم بن نويرة تزوج امرأة بالمدينة فلم ترض أخلاقه لشدة حزنه على أخيه فكانت تماظه وتؤذيه فطلقها وقال :
أقول لهند حين لم أرض فعلهــــــا أهذا دلال الحب أم فعل فـــارك
أم الصرم ما تبغي وكل مفـــارق يسير علينا فقده بعد مــــالك
ومما يروى عنه أيضاً مع زوجته أم خالد أنه بينما هو واضع رأسه على فخذها إذ بكى فقالت : لا إله إلا الله أما تنسى أخاك ؟ فأنشد يقول :
أقول لها لما نهتني عن البكـــــــــــــــــا أفي مالك تلحينني أم خالــــــــــــد
فإن كان إخواني أصيبوا وأخطأت بني أمّك اليوم الحتوف الرواصد
فكل بني أم سيمســون ليلـــــــــــــــــة ولم يبق من أعيانهم غير واحـــــــد
فهذا من رقيق شعره وجميل قوله مما ذكر في بطون الكتب والمراجع ولم يقع ديوانه تحت يدي ولم أطلع عليه .