الخميس، 7 مارس 2013

موانع التكفير


ما هي موانع التكفير؟

* * *

الجواب:

قبل معرفة الموانع لا بد من معرفة أسباب الكفر، وهي؛ الاعتقاد، القول، العمل، الشك.

لأن تعريف الكفر هو؛ كل قول أو فعل أو اعتقاد جاء في النصوص التكفير به وإخراج صاحبه من الملة.

أما على وجه التفصيل، فكالتالي:

1) موانع لحوق الشرك، هو الإكراه، قال تعالى: {من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من اكره وقلبه مطمئن بالإيمان}.
وموانع التكفير في المسائل الخفية - وهي التي لا يعرفها إلا الخاصة ويقصد بها مسائل أهل الأهواء والبدع مثل مسائل الأسماء والصفات ومسائل اسم الإيمان ومسائل القدر وغيرها في غير الغلاة في كل ما سبق - هي:

1) الجهل. 2) التأويل. 3) التقليد. 4) الإكراه. 5) عدم بلوغ النصوص الموجبة لمعرفة الحق. 6) أو بلغته ولكن لم تثبت عنده. 7) أو ثبتت ولم يتمكن من فهمها. 8) أو ثبتت لكن عارضها معارض أوجب له تأويلها. 9) أو عارضها شبهة يعذره الله بها. 10) أو كان مجتهدا في طلب الحق.

موانع التكفير في المسائل الظاهرة - وهي التي يعلمها الخاصة والعامة -:

1) الجهل لكونه عائشا في بادية بعيدة، أو جاهل لكونه حديث عهد بكفر، أو جاهل لكونه عاش ونشأ في بلاد كفر أما من كان عائشا بين المسلمين فلا عذر له في المسائل الظاهرة وإنما هو مفرط أو معرض.

2) الإكراه.

اما موانع الكفر على وجه الإجمال، هي:

فهناك موانع في الفاعل وهي:

1) عدم البلوغ.

2) عدم العقل - وهو ذهاب الأهلية بجنون أو إغماء أو نوم أو سكر، أو شدة فرح أو غضب كالذي اخطأ من شدة الفرح في الذي وجد ناقته -

3) عدم قصد الفعل المكفر أو عدم قصد اللازم أو المآل الكفري، أما إن قصد الفعل وأراد هذا الشيء لكنه لم يرد الكفر ولم يفعله ليكفر ولو علم انه كفر لم يفعله فليس هذا مقصودنا. فقصد الفعل أو القول غير قصد الكفر. كمن وطئ ورقة لا يظنها شيئا فإذا بها أنها قرآن فهذا لم يقصد الوطء والإهانة، بخلاف من مزق المصحف فهذا قصد التمزيق فيكفر به ولو لم يقصد أن يكفر بذلك.

4) موانع في الأسباب بأن يأتي بقول أو فعل لكن ليس صريحا أو بواحا في الكفر.

5) اللازم والمآل إذا لم يقصده ولم يلتزمه فعدم قصده والتزامه مانع.

6) موانع في الإثبات بان لا يثبت عليه الكفر ببينة أو إقرار.

7) لم تقم عليه الحجة التي يُكفر بها.

8) عدم الاختيار وهو الإكراه، أما الجهل والتأويل فيأتي التفصيل فيه بعد قليل إن شاء الله، هذه هي الموانع المعتبرة.

وهناك موانع غير معتبرة لكن يظنها بعضهم أنها مانع وليست بمانع، مثل:

1) الخوف.

2) عدم قصد الكفر.

3) جعل الكفر بالاعتقاد فقط.

4) كونه من الحكام أو العلماء أو الدعاة أو المجاهدين فيمنع من تكفيره ولو جاء بكفر صريح بواح.

5) سوء التربية.

6) مصلحة الدعوة أو المصالح، فما دام انه يقصد المصلحة فلو فعل الكفر فلا يكفر.

7) الهزل وعدم الجد فلا يكفر إلا الجاد.

8) عدم ترتب الأحكام أو العقوبة، فبعضهم يجعل ذلك مانعا لمن أتى بكفر بواح، فيقول لا يكفر لأنك إذا كفرته لن تقتله ولن تخرج عليه، ومعنى كفره عدم ارثه وفراق زوجته، فلما لم يحصل ذلك فلا تكفير !

ونحن نقول هناك فرق بين الأسماء والأحكام ولا يعني عدم القدرة على الأحكام منع إلحاق الأسماء.

قال الشيخ عبد اللطيف [في المنهاج: ص316]: (فيمن يظن ويعتقد أن كلام أهل العلم وتقييدهم بقيام الحجة وبلوغ الدعوة ينفي اسم الكفر والشرك والفجور ونحو ذلك من الأفعال والأقوال التي سماها الشارع بتلك الأسماء وقال إن عدم قيام الحجة لا يغير الأسماء الشرعية بل يُسمى ما سماه الشارع كفرا أو شركا أو فسقا باسمه الشرعي ولا ينفيه عنه وإن لم يعاقب فاعلها إذا لم تقم عليه الحجة وفرق بين كون الذنب كفرا وبين تكفير فاعله).

وبالمناسبة أحب أن أوضح منهج وأصول المرجئة المعاصرة والانهزاميين الجدد والعصرانيين أبين أصولهم في باب التكفير وهي:

1) التحذير من التكفير عموما والتحذير المطلق منه دون تفصيل.

2) إطلاق التفريق بين القول والقائل والفعل والفاعل دائما وفي كل مسالة، سواء أكانت في باب الشرك الأكبر أو المسائل الظاهرة لمن قامت عليه الحجة، فتجده يقول؛ القول أو العمل كفر والنظام كافر لكن الفاعل أو القائل أو صاحب النظام فلا يكفر، مع انه اجتمعت الأسباب وانتفت الموانع، وتجده دائما بهذه الطريقة، ولذا فليس عنده أعيان يكفرهم إلا من جاء ذكرهم في الكتاب والسنة.

3) هجر علم وفقه باب التكفير والتحذير من تعلمه والتفقه فيه وعدم تدريسه وهجر كتبه، والتحذير من كتب أئمة الدعوة النجدية، واعتبار تعلم أصول التوحيد وتكرار كتاب التوحيد للشيخ محمد بن عبد الوهاب لا داعي له، وهجر دراسة نواقض الإسلام واعتبار دراستها فتنة وجراءة على التكفير.

4) عدم الاهتمام بمسائل الولاء والبراء والبغض والمعاداة، وعدم الاهتمام بمسالة الكفر بالطاغوت، وترديد؛ أننا غير متعبدين بذلك ولن يسألنا الله عنها، وليس في علم ذلك فائدة.

5) الإطلاق في مسائل العذر بالجهل والتوسع فيه حتى في جهال اليهود والنصارى.

6) الدعوة إلى التسامح وترديد ذلك.

7) التحذير من تكفير الطغاة ونبذ من كفّرهم وعاداهم على هذا الأصل.

8) جعل أشخاص معينيين من السياسيين هم المعيار والميزان فمن كفّرهم - مع أنهم أتوا بأسباب الكفر الصراح وانتفت الموانع - فهو حرورى وتكفيري وصاحب فتنة وليس من أهل السنة أو ليس سلفي بل تلفي، مع أن مسائل إجراء التكفير على المعين مسالة اجتهادية، فالأصل أن نقول - مثلا - من عبد غير الله فهو مشرك كافر ومن استهزأ بالقرآن فهو مرتد... وهكذا، هذا الأصل الذي لا يجوز الاختلاف فيه ومخالفه ضال ليس من أهل السنة، أما الأعيان فأمر آخر.

ملاحظة: وهنا أصول منتقاة نحب أن نفيد بها الاخوة، وهي:

1) أن الإسلام هو عبادة الله وحده لا شريك له والإيمان برسوله محمد صلى الله عليه وسلم واتباعه فيما جاء به، فما لم يأت العبد بذلك فليس بمسلم.

2) أن من تلبس بشرك أكبر فهو مشرك ما لم يكن مكرها.

3) عقوبة من ثبت عليه اسم الشرك لا تكون إلا بعد قيام الحجة.

4) وجوب التفريق بين قيام الحجة وفهم الحجة.

5) شرط قيام الحجة الذي يستحق به المشرك العقوبة: أ) بلوغ الرسالة. أو ب) التمكن منها.

6) شروط قيام الحجة في الشرائع: أ) التمكن من العلم. ب) والقدرة على العمل.

7) شروط تكفير أهل الأهواء والبدع: أ) إقامة الحجة. ب) إزالة الشبهة.

8) موانع تكفير أهل الأهواء والبدع: أ) عدم بلوغ النصوص الموجبة لمعرفة الحق. ب) أو بلغته لكن لم تثبت عنده. ج) أو ثبتت ولم يتمكن من فهمها. د) أو ثبتت ولكن عارضها معارض أوجب له تأويلها. هـ) أو عرضت له شبهة يعذره الله بها. و) أو كان مجتهدا في طلب الحق.

9) تقوم الحجة على المكلف بفهم دلالة الخطاب لا بمعرفة الحق والصواب.

10) وجوب التفريق بين المسائل الظاهرة والخفية.

11) كفر من جحد أمرا معلوما من الدين بالضرورة ما لم يكن حديث عهد بإسلام أو نشأ ببادية بعيدة أو عاش ونشأ في بلاد كفر.

12) لا يكفر من أنكر شيئا من المسائل الخفية إلا بعد ثبوت الشروط وانتفاء الموانع.

13) من اجتهد في طلب الحق في المسائل الخفية فلم يدركه كان مأجورا , ومن فرط مع تمكنه منه كان مأزورا.

14) لحوق الوعيد لأهل الفسق والمعاصي موقوف على انتفاء موانعه.

[جواب سؤال طرح على الشيخ علي الخضير ضمن أسئلة منتدى "السلفيون"]