السبت، 25 أغسطس 2012

حَـفِيْـدَة ُ البُـرْدَةِ

حَـفِيْـدَة ُ البُـرْدَةِ
زكريا الفاخري

للجـدَّتيْن ِ سَـلامُ الشِّعْـرِ والقـَلم ِ
منْ لَحْن ِ كَعْبٍ وَمِنْ شَجْـو ٍ لِذِيْ سَلـَم ِ


وللأمير ِ – وريمُ القاع ِ– ترقـبُـهُ
هل غادرَ الوجْدَ، أمْ ما زالَ في حِمَم ِ ؟


إنْ كانَ يصْرَع ُ عِشقُ القلبِ صَاحِبَهُ
وَيَـمْلأ ُ الخـَاطِرَ المسْهُوْمَ بالسَّـقم ِ

فيَـستحِـيلُ رُفـَـاتـاً لا حـيـاة َ بـهِ
كأنـَّهُ المَيـِّتُ المُسْـجَـى مِـنَ العـَـدَم ِ

فإنَّ حُــبَّ رسُــول ِ الله أنـْقـَذنـا
بعْـدَ الجهالـةِ بـثَّ الرُّوْحَ في رمَـم ِ

وإنَّ حُـبَّ رسُــول ِ اللهِ صيـّرنـا
حـيْثُ المَـكانةِ من قــَاع ٍ إلى قِـمَـم ِ

سأغْرِفُ الشوقِ مِنْ قلبي على ورقي
إلى الرسُول ِ شفيـع ِ الخلق ِ كُلِّهـِم ِ

وأسْـحَبُ الماءَ من عيني لأجعَـلـهُ
حـبراً يُـترجمُ ما قـد جالَ في نـَسَمي

تحيـَّـة ُ اللهِ - يا مُخـتـارُ - أرْسِلـُهـا
قد خُـلـِّطتْ مُهجتي فيها بمسكِ دمي

تجري الحروفُ و أبياتُ الحنينِ كما
يجري اليتيمُ لحضن ٍ دافيءٍ رَحِـم ِ

سَـعَـتْ إليكَ خليـل اللهِ في وَلـَـهٍ
سَعْيَ الدمـُوع ِ على خـدٍّ وفي زَخـَم ِ

أوزَانـُها شَـجَــن ٌ.. بالقلبِ راسِـخـَة ٌ
بالشوق ِ نابضة ٌ ألْـحَـانـُها بفمي



****

توضـَّـأ القـلبُ مِن غيْمـاتِ طلعـتِهِ
وصلـَّتِ الرُّوحُ في مِحـرَابهِ العَلـَم ِ

لو أنَّ لـيْلا ً مِنَ الظـَّلماءِ خالطـَه ُ
- حَينَ التبسُّـم ِ- وجهُ الليـل ِ لمْ يـَدُم ِ

في يوْمَ مَولِدهِ.. كمْ هزَّ مِنْ شُـرُفٍ
في قصر كِسرى،وجمرٌ للمجوسِ طُمي

في يـومَ مولدهِ .. كم دُكَّ من هُـبَل ٍ
وكان طـفـلاً رضيْعاً غير مُنفطِـم ِ

مَـا ُذمَّ – قط ُّ- يَـتِـيـم ٌ بعْـد مولِدهِ
بل أصبحَ اليُـتمُ فألَ الخيـْرِ والنـِّعـَم ِ

سائِلْ "حليْمة َ" كم قد جَـدَّ من نِعَـم ٍ
لهَـا بُعَـيْـدَ لِـقـَاها سـيِّـدَ الأمـم ِ

إذا تـَكلـَّمَ خِلـْتَ الـروضَ مُزدهراً
شـَـلال شَـهْدٍ على ثغـْر ٍ ومُبْتـَسَم ِ

أهْـلُ البلاغـةِ ما دانـَوا فـصاحتهُ
وأعجَزَ الخلقَ من عُرْبٍ ومِنْ عَجَـم ِ

حَـبَاهُ ربِّـي مِنَ القـُرآنِ مُعـجـِزة ً
حُروْفـَهُ الـدُّرُّ في عِـقـْدٍ مِنَ الكـَلـِم ِ

ويلهَجُ النـَّاسُ – دوماً - في تِـلاوتِهِ
فِعْـلَ الـرِّمال ِ بـثـلج ٍ باردٍ شَبـِـم ِِ

أسرى بهِ الله للأقصى على قَـَبَس ٍ
طوى الفيـافِيَ طـَيَّ النـوم ِ للحُلـُم ِ

فوق البُرَاقِ إلى السَّبْع ِ العُلى صَعِدَا
مُعراجُهُ الحبُّ بيْنَ الأرضِ والنجُم

كمْ حَـنَّ جِـذعٌ لأقـدام ٍ لهُ وقـفتْ
ومنْطِقُ الحال ِ: ( كمْ شُرِّفـتُ بالقـَدَم ِ )

و أَنَّ أنـَّاتِ ثـكلى بعْـد فـُرقـَتِهِ
منْ أنطقَ الجذعَ بعدَ البُـكم ِ والصَّمَمِ؟

قد فجّرَ الماءَ منْ كفـَّيْهِ فانهـَمرتْ
سحائبُ الخيْرِ تروي عـاطِشَ الـدِّيـَم ِ

فَسَالَ لِلْصَحْبِ من عَذبِ الغيُومِ يداً
تسقِـي حـناناً لِعطشانِ الفؤادِ ظمي

وينفثُ الريقَ في عينِ المريضِ ومَنْ
يظفـَرْ بريق ٍ منَ المُختارِ في ألـَم ِ

يَـقـُمْ سليـماً كأنْ لم يـَلقَ نـازلة ً
يُشفى سريْـعاً بإذن ِ الـواحِدِ الحَكـَم ِ

وَجاءَ بالشرع ِ إنـصافاً لمَنْ عَدَلوا
لا فرق بينَ غنيِّ الـقوم ِ أو خَـدَم ِ

منْ لاذ َ بالشِّرْعـةِ الغـرَّاء مُحْـتَـَكِـمَاً
نالَ العَـدالة َ في عِـزٍّ ولم يُـضَم ِ

نسَجـتُ رمْشِيِّ بُـرْدَاتٍ ليـلبَـسَها
علـِّيْ أضـمُّ رسَـــولَ اللهِ في نـهَـم ِ

وصغتُُ ضِلْعِـيَّ أدراجـَـاً لمنـبـَره ِ
علـِّيْ ألامِـسُ نـبـعَ الطهـرِ والشيَـم ِ

ما كنتُ أزعُـمُ أنَّ الشِّعـرَ يُدركـُهُ
إلا كما تـُدركُ الصَّـماءُ مِنْ نـَغـَم ِ

أوْ يدْرِكُ البدرَ مَنْ قدْ كـُفَّ ناظِرُهُ
في ليلة ٍ مُلئـتْ بالغيْـم ِ والظـُلـَم ِ!

لا، لستُ أدركُ شيئا ً من جلالَتِهِ
و لو أتـيْتُ بأبـحار ٍ من القـَلـَم ِ

.
.
.

– بنغازي - ليبيا