الخميس، 16 أغسطس 2012

التنبيه على عدم صحة حديث يوم عيد الفطر يوم الجوائز

الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد الأنبياء والمرسلين وبعد:
فلقد اشتهر عند الكلام على عيد الفطر المبارك بأنه يوم الجوائز وذلك استنادا إلى حديث لا يصح في ذلكـ، وهذا نصه:
"إذا كان يومُ الفطرِ وقفتِ الملائكةُ فى أفواه الطُّرقِ فنادوا يا معشرَ المسلمين اغْدُوا إلى ربٍّ كريمٍ يمنُّ بالخيرِ ويُثِيبُ عليه الجزيلَ لقد أُمْرتُم بقيامِ الليلِ فقُمتُم وأُمْرتُم بصيامِ النهارِ فصُمْتُم وأَطَعْتُم ربَّكم فاقبضوا جوائزَكم فإذا صلوا العيدَ نادى منادٍ من السماءِ أن ارجعوا إلى منازلِكم راشدين فقد غفرت لكم ذنوبكم كلها فهو يومُ الجائزةِ ويسمى ذلك اليومُ فى السماءِ يومَ الجوائزِ".
وهذا الحديث: أخرجه الطبرانى (1/226 ،رقم 617) ، وأبو نعيم فى معرفة الصحابة (1/311 ،رقم 996) وغيرهما.
وفي إسناده عمرو بن شمر عن جابر الجعفي، وهذا إسناد واه بمرة فعمرو كان كثير الموضوعات عن جابر الجعفي ، وليس يروي تلك الموضوعات الفاحشة عن جابر غيره.
والجعفي أيضا ضعيف.
وروي من وجه آخر، ولكن مدار الطريقين على سعيد بن أوس الأنصاري ولا يعرف.
وانظر للمزيد السلسة الضعيفة 5470 (11 / 507).
قلت: وله شاهد من حديث أنس مداره على عباد بن عبدالصمد عند العقيلي في الضعفاء ج: 3 ص: 138 في ترجمته وابن الجوزي في العلل المتناهية ج: 2 ص: 534
وهو جزء من حديث طويل وقال فيه:
" هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فأما عباد بن عبد الصمد فقال البخاري هو منكر الحديث وقال الرازي ضعيف الحديث جدا منكره وقال العقيلي ضعيف يروي عن انس عامتها مناكير وهو غال في التشيع"انتهى.
وأشار إلى عدم صحة الحديث الإمام مسلم في مقدمة صحيحه حيث قال: "حدثنى محمد بن عبدالله بن قهزاذ قال سمعت عبد الله بن عثمان بن جبلة يقول: قلت لعبد الله بن المبارك:
من هذا الرجل الذى رويت عنه حديث عبد الله بن عمرو "يوم الفطر يوم الجوائز"؟
قال: سليمان بن الحجاج. انظر ما وضعت فى يدك منه". انتهى.
وقد روي هذا الحديث موقوفا من طريق عمر بن مدرك: "وكان ابن عباس يقول : يوم الفطر يوم الجوائز"
وقال شيحنا الألباني: "وعمر بن مدرك كذاب ؛ كما قال ابن معين".
ختاما أقول:
علينا أن نجتهد في التحري لما ثبت من أحاديث الرسول صلى الله عليه، ويغنينا عن هذا الحديث الذي لا يصح مرفوعا ولا موقوفا ما ثبت من أجر عظيم للصائمين، ومن ذلك:
قول الرسول صلى الله عليه وسلم: "إن في الجنة بابا يقال له الريان يدخل منه الصائمون يوم القيامة لا يدخل منه أحد غيرهم يقال أين الصائمون فيقومون لا يدخل منه أحد غيرهم فإذا دخلوا أغلق فلم يدخل منه أحد".متفق عليه.
وقوله صلى الله عليه وسلم : " لِلصَّائِمِ فَرْحَتَانِ فَرْحَةٌ عِنْدَ فِطْرِهِ وَفَرْحَةٌ عِنْدَ لِقَاءِ رَبِّهِ".متفق عليه.
ولأجل الفرح شرع الغناء المباح للنساء يوم العيد كما في البخاري عن عائشة أن أبا بكر دخل عليها والنبي صلى الله عليه وسلم عندها يوم فطر ، أو أضحى وعندها قينتان تغنيان بما تقاذفت الأنصار يوم بعاث فقال أبو بكر: مزمار الشيطان مرتين؟
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " دعهما يا أبا بكر إن لكل قوم عيدا، وإن عيدنا هذا اليوم".
والله أسأل كما أفرحنا معشر الصائمين بالفطر في هذا الدنيا أن يمتعنا بالفرحة يوم لقائه سبحانه وتعالى، إنه سميع مجيب.

أ. د. عاصم بن عبدالله القريوتي