الخميس، 25 أكتوبر 2012

الأصمعي وقصيدته (صوت صفير البلبل ):



عبد الملك بن قريب بن علي بن أصمع الباهلي، أبو سعيد الأصمعي (121 هـ- 216 هـ/ 740 - 831 م) راوية العرب، وأحد أئمة العلم باللغة والشعر والبلدان.


واسمعه الأصمعي نسبة إلى جده (أصمع) ومولده ووفاته في البصرة.



وكان الرشيد يسميه (شيطان الشعر). قال الأخفش: ما رأينا أحداً أعلم بالشعر من الأصمعي، وكان الأصمعي يقول:" أحفظ عشرة آلاف أرجوزة".


قصة قصيدته المشهورة (صوت صفير البلبل ):


يحكى بأن الأصمعي سمع بأن الشعراء قد ضُيق عليهم من قبل الخليفة العباسي( أبو جعفر المنصور) فهو يحفظ كل قصيدة يقولونها ويدعي بأنه سمعها من قبل فبعد أن ينتهي الشاعر من قول القصيدة يقوم الخليفة بسرد القصيدة إليه ويأمر غلامه بسرّدها وكان الغلام يحفظ القصيدة بعد مرتين من سماعها ) فيسرد القصيدة مرة ثالثة ، فيأمر الخليفة جاريته والتى كانت تحفظ القصيدة بعد سماعها ثلاث مرات ، فتسرّدها على الشاعر للمرة الرابعة ، فيُصاب الشاعر بإحباط شديد .

فأصاب ذلك الأمر الكثير من الشعراء بالخيبة والإحباط، حيث أنه كان يتوجب على الخليفة دفع مبلغ من المال لكل قصيدة لم يسمعها ويكون مقابل ما كتبت عليه ذهباً.

فسمع الأصمعي بذلك فقال إن "بالأمر مكر". فأعدّ قصيدة منوعة الكلمات وغريبة المعاني. فلبس لبس الأعراب وتنكر حيث أنه كان معروفاً لدى الخليفة، ودخل عليه قائلا:" لدي قصيدة أودّ أن ألقيها عليك ولا أعتقد أنك سمعتها من قبل". فقال له الخليفة:" هات ما عندك" فقال الأصمعي قصيدته الشهيرة (صوت صفير البلبل ) والتى عجز الخليفة العباسي عن حفظها من أول مرة ، وهى :


صـوت صــفير البلبل ..... هيج قلبي الثملي

الماء والزهر معا مـع..... زهرِلحظِ المٌقَلي
وأنت يا سيدَ لي.... وسيدي ومولى لي
فكـم فكـم تيمني ... غُزَيلٌ عقـيقَلي
قطَّفتَه من وجـنَةٍ ....من لثم ورد الخـجلي
فـقال لا لا لا لا لا ...... وقــد غدا مهرولي
والخود مالت طربا ..... من فعل هذا الرجلي
فولولت وولولت ....... ولي ولي يا ويللي
فقلت لا تولولي....... وبيني اللؤلؤ لـي
قالت له حين كـذا.... انهض وجد بالنقلي
وفتية سقونني........ قهوة كالعسللي
شممتها بآنفي ......أزكـى من القرنفلي
في وسط بستان.... حلي بالزهر والسرور لي
والعود دندن دنا لي .... والطبل طبطب طب لـي
طب طبطب طب طبطب ...... طب طبطب طبطب طب لي
والسقف سق سق سق .....لي والرقص قد طاب إلي
شـوى شـوى وشـاهش ........ على ورق سفرجلي
وغرد القمري يصــيح.........ز ملل فــي مللي
ولو تراني راكبا ............. علـى حمار اهزلي
يمشي على ثلاثة ..... كمــشية العرنجلي
والناس ترجم جملي .... في السوق بالقلقللي
والكل كعكع كعِكَع .........خلفي ومن حويللي
لكــن مشيت هاربا ....... من خشية العقنقلي
إلى لقاء مـلك ........ ........مـعظم مبجلي
يأمر لي بخلعة ........ حمراء كالدم دملي
اجر فيها ماشيا ............. مبغـددا للذيلي
انا الأديب الألمعي..... من حي أرض الموصلي
نظمت قطـعا زخرفت يعجز عنها الأدبلي
أقول في مطلعها صوت صفير البلبلي

................................

حينها اسقط في يد الأمير فقال يا غلام يا جارية. قالوا لم نسمع بها من قبل يا مولاي. فقال الخليفة: "احضر ما كتبتها عليه فنزنه ونعطيك وزنه ذهباً". قال الأصمعى :" ورثت عمود رخام من أبي وقد كتبتها عليه، لا يحمله إلا عشرة من الجند".

فأحضروه فوزن الصندوق كله. فقال الوزير يا أمير المؤمنين "ما أظنه إلا الأصمعي".

فقال الخليفة:" أمط لثامك يا أعرابي". فأزال الأعرابي لثامه فإذا به الأصمعي. فقال الخليفة:" أتفعل ذلك بأمير المؤمنين يا أصمعي؟"
قال:" يا أمير المؤمنين قد قطعت رزق الشعراء بفعلك هذا".
قال الخليفة:" أعد المال يا أصمعي".
قال :"لا أعيده". قال الخليفة:" أعده" قال الأصمعي:" بشرط".
قال الخليفة :" فما هو؟".
قال:" أن تعطي الشعراء على نقلهم ومقولهم".
فقال الخليفة" لك ما تريد أعدّ المال".