الأحد، 28 أكتوبر 2012

عنيزة مدينة الأدب والتاريخ



اختلف اللغويين في اشتقاق اسم عنيزة ، فعنيزة بضم أوله وفتح ثانيه، وبعد الياء زاي، يجوز أن يكون تصغير أشياء ، منها العنزة ، وهو رمح قصير قدر نصف الرمح أو أكثر شيئا.   والعنزة وهو دويبة من السباع تكون بالبادية .   والعنز بغير هاء ، العنز من الأرض : وهو مافيه حزونة من أكمـة أو تل أو حجـارة  (1)


والعنز تعني القارة السوداء ، وعلي هذا تكون عنيزة تصغير العنز أي الأكمة الصخرية ، وعنيزة تسمي الفيحاء في العصور الحديثة ، وهي أشبه بالصفة إلي جانب الاسم الأصلي ، عنيزة والفيحاء معناها الواسعة  ، ومن ذلك قول زامل بن عبد الله بن سليم أمير عنيزة:

أنشر من ( الفيحا) لملقي لك قريب 
                                   عبد الله المذكور سهل في نباه
نوخ علي الحاكم ، وبالك تستريب  
                                   من حاكم كل القبـايل في سناه

وقول عباد الخشقي من شعرائها في القرن الثالث عشر:

ثور من ( الفيحا) علي هجعة الملا    
                                     والصبح وانت منكب مايكوده

وقول علي بن سليمان بن طريف في ذكر أمـير عنيزة عبد العزيز بن سليم :

بأمر (أبو خالد) مانبي فيه تبديل     عساه دايـم والسعد له مفايل
مقدم هل( الفيحا) بيوم الهلاهيل     شيخ حمي حد الحمي السلايل(2)

وقال أبو عبيد السكوني : اسستخرج عنيزة محمد بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس ، وهو أمير علي البصرة ، وقيل بل بـعث الحجاج رجلا يحفر المياه بين البصرة ومـكة ، فقال احـفر بين عنيزة والشجي ، وقال امرؤ القيس :

تراءت لنا يوما بسفح عنيزة       وقد حان منها رحلة وقلوص

وقال جرير:
أمسي خليطك قد أجـد فراقا        هاج الحـزين وهيج الأشواقا
هـل تبصران ظعائنا بعنيزة        أم هـل تقول لنا بهـن لحاقا
إن الفؤاد مـع الذين تحملوا       لـم ينظـروا بعنيزة الإشراقا(3)

وقال المهلهل بن ربيعة:
فدي لبني شقيقة يوم جـاؤوا       كأســد الغاب لجت في زئير
كأن رمـاحهم أشــطان بئر      بعيـد بين جاليـها  جــرور
غــداة كأننا وبني أبينــا        بجنــب عنيزة رحيـا مـدير 

وعنيزة هي المدينة الثانية في القصيم ، وكانت في وقت من الأوقات السالفة أكثر مدن القصيم سكانا ، وأقواها تجارة ، وأرقاها مدنية حتى سماها بعض السواح من غير أهـل نجد ( باريس نجد)، وذلك لما يتمتع به أهلها من لطف المعشر ، ولين الجانب للأصدقاء والغرباء المسالمين.
وعنيزة هي مدينة الأدب والتاريخ في القصيم ،وهي الأم التي أنجبت العديد من الشعراء والمؤرخين، ولازالت كذلك   . ومدينة عنيزة ذات خط عظيم من الأدب والشعربالنسبة إلي غيرها من بلدان القصيم ، فقد قدمت من المؤرخين والأدباء عددا أكبر مما قدمته أيّة مدينة أخري في القصيم ، وطبيعي أنّ ذلك يجعل تاريخها المكتوب  أكثر وضوحا من تاريخ غيرها. وهذا هو الواقع فإن لدينا من التاريخ المذكور عن أحداث مدينة عنيزة بأقلام أبنائها أكثر مما لدينا عن غيرها) كتاريخ الشيخ عبد بن محمد بن بسام المسمي" تحفة المشتاق في أخبار نجد والحجاز والعراق " وتاريخ مقبل الذكير " مطالع السعود في تاريخ نجد وآل سعود "  (4)
قال الشيخ محمد المانع : لقد أنشئت عنيزة سنة  630 هـ   تقريبا ، لأنه معلوم بما استفاض عند أهل القصيم ، بأن أول من سكن عنيزة هو زهري بن جراح الثوري ، وتحققنا بأن الموجودين الآن هم من ذريته ، إذ أغلبهم بينهم وبينه ثلاثة وعشرون أبا ، وفي اعتبار علمـاء النسب يجعـلون لكل أب ثلاثين سنة في الغالب(5)


 (1) ياقوت الحموي : معجم البلدان  ج 4 ص 183-184
(2) محمد بن ناصر العبودي: المعجم الجغرافي للبلاد العربية  السعودية ج4 ص   1641-1643
(3) ياقوت الحموي : مرجع سابق  ص 184
(4) محمد بن ناصر العبودي : مرجع سابق ص 1638-1639
(5) محمد بن عبد العزيز المانع : الإعلام فيمن ولي عنيزة من الأمراء والقضا الأعلام  ص 301