الجمعة، 5 أكتوبر 2012

قصيدة الشاعر أحمد حسن عبد الفضيل "محمد رسول الله _صلى الله عليه وسلم_"



محمد رسول الله


تَوَالَتْ عَلَيْهَا فِي الْغَدَاةِ.. جِرَاحُهَا
فَأَفْضَى إِلَيْنَا بِالْهُمُومِ رَوَاحُهَا
عَلَى كُلِّ شِبْرٍ فِي ثَرَاهَا ضَحِيَّةٌ

عَرُوسُ المَنَايَا لا يَكُفُّ نُوَاحُهَا
وَمِنْ عَجَبٍ.. وَالقَصْفُ بِاللَّيْلِ هَاطِلٌ
تَرَاهَا عَلَى التِّلْفَازِ يَتْرَى مِزَاحُهَا
كَذَا أُمَّةُ المُخْتارِ.. آبَتْ عَفِيفَةً
تَسَاقَطَ عَنْهَا بَعْدَ سِتْرٍ وِشَاحُهَا
طَوَاهَا بَغِيُّ اللَّيْلِ وَالدَّرْبُ حَالِكٌ
مَتَى يَا رَسُولَ اللهِ يَدْنُو صَبَاحُهَا؟
فَأَنْتَ لِهَذِي الأَرْضِ حِينَ تَزَاحَمَتْ
عَلَيْهَا الْخَطَايَا ثُمَّ ضَاقَتْ بَرَاحُهَا
فَإِفْسَادُهَا مِنْ قَبْلِ حِلِّكَ غَايَةٌ
وَغَايَاتُهَا لَمَّا حَلَلْتَ صَلاحُهَا
وَأَنْتَ الَّذِي مِنْ ظَهْرِ "آدَمَ" قَدْ سَمَا
ضِيَاءً.. لَهُ الأَرْحَامُ يَهْفُو لَقَاحُهَا
وَمَا كُلُّ أُنْثَى مُنْذُ "آدَمَ" آثَرَتْ
عَلَيْكَ وَلِيدًا.. لَوْ أَبَانَ طِمَاحُهَا
وَلَكِنَّ حُكْمَ اللهِ فِيهِنَّ كَائِنٌ
حَبَا "بِنْتَ وَهْبٍ" مَا تَمَنَّتْ مِلاحُهَا
فَأَنجبَتِ النُّورَ الَّذِي مِنْ سُلالَةٍ
أَشَارَتْ لَهَا الأَنْسَابُ هَذِي صِحَاحُهَا
تَوَقَّفَتِ الأَيَّامُ.. تَرْجُو "مُحَمَّدًا"
مَدَى لَحْظَةٍ.. عَمَّ الزَّمَانَ فِسَاحُهَا
تَرَى مُعْجِزَاتٍ ثَابِتَاتٍ لأُمَّةٍ
وَتَهْدِي عُقُولاً.. يَوْمَ لاحَ فَلاحُهَا
فَأَفْيَالُ "إِبْرَهْةٍ" عَلَيهَا تَكَاثَرَتْ
أَبَابِيلُ طَيْرٍ "إِذْ رَمَيْتَ" سِلاحُهَا
وَإِيْوَانُ "كِسْرَى" قَدْ تَهَدَّمَ رَهْبَةً
وَأَغْفَتْ عُيُونُ النَّارِ جَفَّ قِدَاحُهَا
وَأَضْحَتْ لَدَى" سَاوَا " تَغِيضُ بُحَيْرَةٌ
وَفَاضَتْ مِيَاهُ الحقِّ حَانَ سَرَاحُهَا
وَلِيدًا سَرَتْ مِنْ فِيهِ أَوَّلُ زَفْرَةٍ
طُيُوبًا مِنَ الْفِرْدَوْسِ طَابَ نُفَاحُهَا
يَتِيمًا لَهُ كَانَتْ "حَلِيمَةُ" مُرْضِعًا
عَلَى جُدْبِ بِيدٍ.. ضَاعَ فِيهَا شِحَاحُهَا
سَقَاهَا بِأقْدَاحِ السَّكِينَةِ فَارْتَوَتْ
وَأَمْسَتْ "بَنُو سَعْدٍ" تُغَرِّدُ سَاحُهَا
وَشَقَّ لَهُ "جِبْرِيلُ" صَدْرًا مُطَهَّرًا
بِزَمْزَمَ إِذْ زَكَّا الْفُؤَادَ قَرَاحُهَا
فَشَبَّ أَمِينًا صَادِقًا عَدْلَ "مَكَّةٍ"
عَلَى حِينِ وَجْهِ الأَرْضِ ظُلْمٌ طِفَاحُهَا
وَفي عُزْلَةٍ بِالغَارِ "جِبْرِيلُ" جَاءَهُ
فَقَالَ لَهُ: إِقْرَأْ.. تَعَالَى صِيَاحُهَا
فَتَمَّ لَهُ مِيقَاتُهُ فِي شَرِيعَةٍ
يُكَافِحُ عَنْهَا.. مَا تَوَانَى كِفَاحُهَا
تَزَوَّجَتِ الدُّنْيَا الرِّجَالَ فَأَنْجَبَتْ
خَطَايَا لَقِيطَاتٍ.. فَكَيفَ سِفَاحُهَا؟!
وَلَكِنَّ رَبَّ الكَوْنِ لِلخَلْقِ صَانَهُ
فَمَا طَابَ يَوْمًا لِلنَّبِيِّ نِكَاحُهَا
تُسَاوِمُهُ بِالْمُلْكِ وَالْمَالِ فِتْنَةً
وَنَفْسُ نَبِيٍّ لا يُنَالُ اجْتِرَاحُهَا
فَقَالَ لَهُ: يَا عَمُّ لَوْ أَنَّ فِي يَدِي
مَقَالِيدَهَا.. لَنْ تَسْتَبِينِي قِبَاحُهَا
فَسَارَتْ إِلَى دَرْبِ السَّمَاءِ مَوَاكِبٌ
وَمَا ضَرَّهَا دُنْيَا تَوَالَى نُبَاحُهَا
"مُحَمَّدُ" إِنْسَانُ الوُجُودِ كَمَالُهُ
مُنَى النَّفْسِ.. إِخْبَاتُ القُلُوبِ ارْتِيَاحُهَا
لَهُ مِنْ صِفَاتِ الْحَمْدِ كُلُّ يَتِيمَةٍ
عَلَى فُسْحَةِ الأَشْعَارِ ضَاقَ امْتِدَاحُهَا
يَدَاهُ فُيُوضَاتٌ مِنَ اللهِ.. وَجْهُهُ
مَدَارَاتُ شَمْسٍ فِي القُلُوبِ انْدِيَاحُهَا
تَهَادَى بِخَيْلِ اللهِ فِي الأَرْضِ فَاسْتَوَتْ
وَعَادَتْ تُلَبِّي بَعْدَ شِرْكٍ بِطَاحُهَا
فَمَا عَادَ قَتْلُ النَّفْسِ فِيهَا سَجِيَّةً
وَلا وَأْدُ أُنْثَى عَادَ فِيهَا مُبَاحُهَا
نَبِيٌّ لَهُ جُنْدُ السَّمَاءِ كَتَائِبٌ
بِخَيْلٍ لَدَىْ "جِبْرِيلِ" يَعْلُو ضُبَاحُهَا
مُؤَيَّدَةٌ بِالنَّصْرِ فِي كُلِّ غَزْوَةٍ
فَلا يَعْتَرِي خَيْلاً لَدَيْهِ جِمَاحُهَا
وَإِنْ أَدْبَرَتْ عَنْهُ الْمَلائِكُ صَانَهُ
مِنَ الصَّحْبِ شُورَى لا يُسَامُ اقْتِرَاحُهَا
هُوَ الْفَرْدُ جَيْشٌ فِي الشَّجَاعَةِ ثَابِتٌ
تَحِنُّ لَهُ "بَدْرٌ" وَتَهْفُو صِفَاحُهَا
إِذا هَبَّ يَغْزُو.. لا يَهُبُّ لِمَطْمَعٍ
فَكَمْ آيَةٍ فِي الْعَفْوِ مِنْهُ سَمَاحُهَا!
وَأَسَّسَ فِي حَرْبِ ضَرُوسٍ مَبَادِئًا
فَمَا عَادَ يَغْشَى السَّالِمِينَ طَلاحُهَا
إِذَا أَشْرَقَتْ فِي الْقَلْبِ شَمْسُ مُحَمَّدٍ
بُرُوقًا مِنَ الأَعْمَالِ شَعَّ لِيَاحُهَا
تَبَسَّمَتِ الأَيَّامُ بَعْدَ عُبُوسِهَا
وَرَقَّتْ دَوَاهِيْهَا.. وَلانَتْ رِيَاحُهَا
وَأَسْلَمَتِ الدُّنْيَا الْقِيَادَ لَنَا كَمَا
لأَصْحَابِ خَيْرِ الرُّسْلِ ذَلَّ جَنَاحُهَا
وَلَكِنَّنَا لَمْ نَبْرَحِ الْقَوْلَ كَعْبَةً
يَحُجُّ إِلَيْهَا كُلَّ يَوْمٍ فِصَاحُهَا
فَهَلْ قَالَ "زَيْدٌ" يَوْمَ "مُؤْتَةَ" دُرَّةً
أَمَ انَّ بَنَاتِ الشَّوْقِ قَالَتْ رِمَاحُهَا؟!
دِمَاءٌ عَلَى الصَّحْرَاءِ أَصْدَقُ لَهْجَةً
فَأَشْوَاقُهَا مَا قَدْ أَفاضَ "رَبَاحُهَا" [1]
تَعَالَى إِلَيْنَا يَا مُحَمَّدُ سَاعَةً
لِتُنْقِذَ دُنْيَانَا فَيَشْدُو مَرَاحُهَا
بِخُطَّةِ عَدْلٍ.. قَدْرَ رَشْفِكَ قَهْوَةً
بِلا مَجْلِسٍ لِلأَمْنِ لاحَ نَجَاحُهَا [2]
عَلَى فَجْرِهَا الْقُدْسِيِّ لَيْلُ مَصَائِبٍ
مَتَى عُدْتَ فِينَا عَادَ فِيهَا صَبَاحُهَا 
[1] رباحها: الصَّحابي الجليل سيِّدنا "بلال بن رباح" - رضي الله عنه.
[2] هذا البيت فيه إشارةٌ إلى قول الكاتب الإنجليزي الكبير "جورج برنارد شو" حينما قال عن النبيِّ - صلَّى الله عليه وسلَّم -: "ما أحوجَ العالمَ إلى محمَّد؛ ليحلَّ مشاكله وهو يحتسي فنجانَ قهوة"