الأربعاء، 2 يناير 2013

مطماطة مدينة تحت الأرض


قبيلة بربرية قديمة، لا نعرف عنها شيئا، لم تستطع أن تقاوم جحافل بني هلال، القبيلة الهلالية العامرية الصعصعية الهوازنية القيسية المضرية العدنانيه ألأسماعيلة.والتي يعود نسبها الى بني زغبة بن أبي ربيعة بن نهيك بن هلال بن عامربن صعصعه، فرّت الى الصحراء الواسعة والوعرة وابتنت لها مدينة تقيها شر الأعداء سمتها مطماطة، مدينة قل نظيرها وحمت من بناها.
لم تستطع هذه القبيلة التأقلم مع بني هلال فهاجر أهلها إلى هذه المنطقة الوعرة، وحفروا بيوتهم في باطنها حتى لا يراهم أحد، وحتى يتأقلموا مع المناخ، فباطن هذه الحفر كان دوما رطبا في الصيف، ودافئا في الشتاء، ومن المؤكد أنه كان رحيما بهم أكثر من الآخرين. مطماطة أذن كانت الملجأ الأمين لقبيلة هجّرت من أرضها فاختبات فعليا تحت الأرض لتتفادى من لم يكن يريد لها الخير.

أذا اردت التعرف اليها وسرت في أتجاهها، لا تواجهك إلا التلال الجرداء التي تشبه تضاريس وجه القمرلا أثر للحياة ثم نكتشف أن كل منزل مكون في حفر غائرة تحت الأرض، فيها لتفاجأ بقرية كاملة تعيش في باطن الصخور الرملية، باحة من باحة رئيسية تزينها الرسوم، وتتفرع منها حفر أخرى هي بقية غرف المنزل، ومن ثم نهبط على منحدر ضيق يقودنا إلى باب المنزل. مدينة مطماطة تبعد عن العاصمة تونس بنحو 450 كلم ، وتعود إداريا إلى محافظة قابس ( 400 كلم جنوب العاصمة تونس)
الغرف أو الكهوف يتم دهنها بالجير الأبيض ، وتتوسطها ساحة فسيحة وفناء واسع وغرف للنوم ولتخزين الحبوب والمأكولات ، غرف نحتت داخل الصخور ، ووصلت بينها ممرات ضيقة باردة .
 النزول إلى داخل الفناء الواسع الذي يتوسط الغرف ، ليس بالأمر الهيّن ، ويكون عن طريق سلالم تسحب عند الشعور بالخطر أو عبر أنفاق تغلق وقت الحاجة. مطماطة ، أو ” المدينة تحت الأرض “.
 سكانها في الأصل برابرة ، ويتكاثر البربر في هذه المناطق من الجنوب التونسي ، وأغلب القرى المحيطة بمدينة مطماطة هي قرى بربرية على غرار هداج و بني زلطن و تشين و الزراوة وغيرها .لها تاريخها وعاداهنا وتقاليدها ولغتها التي يحافظون عليها و يتقنوها وتواصلون بها.
لمطماطة ، تاريخا حافلا ، حيث استطون الإنسان هذه الربوع منذ فترات تاريخية قديمة ، واستقر الأمازيغ في سلسلة جبال مطماطة وهم السكان الأصليون لهذه المنطقة و أطلق عليهم العرب الفاتحون ” ” البربر البرانس “لأنهم اشتهروا بلبس البرنس و اختصوا في الزراعة وتربية الماشية.
شهرة مدينة مطماطة وجمال عمارتها و محافظة أهلها من البرابرة على عاداتهم و تقاليدهم و لغتهم الأمازيغية فيها على الرغم من تلاقحهم مع العرب و اختلاطهم بهم جعل من هذه المدينة العجيبة مقصد السينما العالمية فمنذ 1970 بدأت رحلة هذه المنطقة مع الأفلام العالمية و اختارها المخرجون العالميون لتصوير أحداث أفلامهم ، و البداية كانت مع ” حرب النجوم ” للمخرج الأميركي جورج لوكاس و فيلم “مريم العذراء ” للمخرج الإيطالي غيدو كيازا و فيلم ” العطش الأسود ” للمخرج الفرنسي جان جاك أنو .. و هذا ما أعطى هذه المدينة بعدا سياحيا و زاد في شهرتها التي بلغت كامل المعمورة ، و اليوم يزورها السياح للتعرف الى ما تختزن من تاريخ وما فيها وفي بنائها ما يجعلها فريدة وربما واحدة زمانها.