الأحد، 16 سبتمبر 2012

ترويحة على الطريق : ديك سهل بن هارون



أورد الجاحظ " زعيم البيان العربى " – كما يقول عنه الشيخ عبد السلام هارون – هذا الموقف الساخر فى كتابه
" الحيوان " فقال :
" قال دعبل الشاعر : أقمنا عند سهل بن هارون فلم نبرح حتى كدنا نموت من الجوع , فلما اضطررناه قال : يا غلام , ويلك غدنا ! قال : فأتينا بقصعة فيها مرق فيه لحم ديك عاس هرم ليس قبلها ولا بعدها لا تحز فيه السكين , ولا تؤثر فيه الاضراس , فاطلع فى القصعة وقلب بصره فيها ثم أخذ قطعة خبز يابس فقلب جميع ما فى القصعة ,
حتى فقد الرأس من الديك وحده, فبقى مطرقا ساعة ثم رفع رأسه الى الغلام فقال : أين الرأس ؟ فقال رميت به , قال ولم رميت به ؟ قال : لم أظنك تأكله ! قال : ولأى شىء ظننت أنى لا آكله ؟ فوالله انى لأمقت من يرمى برجليه فكيف من يرمى برأسه ؟! ثم قال : لو لم أكره ما صنعت الا للطّيرة والفأل لكرهته ! .. الرأس رئيس وفيه الحواس , ومنه يصدح الديك , ولولا صوته ما أريد , وفيه فرقه الذى يتبرك به , وعينه التى يضرب بها المثل , يقال : " شراب كعين الديك " ودماغه عجيب لوجع الكلية ولم أر عظما قط أهش تحت الاسنان من عظم رأسه , فهلا اذ ظننت أنى لا آكله , ظننت أن العيال يأكلونه ؟! وان كان بلغ من نبلك أنك لا تأكله , فان عندنا من يأكله , أو ما علمت أنه خير من طرف الجناح , ومن الساق والعنق ؟ انظر أين هو ؟ قال : والله ما أدرى أين رميت به ! قال : ولكنى أدرى , انك رميت به فى بطنك , والله حسيبك ! " .