الخميس، 20 سبتمبر 2012

الغادر مخذول والناكث مغلول


جاء في «قصص العرب»: (3/80) عن عمرو بن حفص مولى الأمين أنه قال: دخلت على محمد الأمين في جوف الليل، وكنت من خاصته، أصل إليه حيث لا يصل إليه أحد من مواليه وحشمه، فوجدته والشمع بين يديه وهو يفكر، فسلمت عليه، فلم يرد علي، فعلمت أنه في تدبير بعض أموره، فلم أزل واقفًا حتى مضى أكثر الليل، ثم رفع رأسه إليَّ فقال:

أحضر لي خزيمة بن خازم، فمضيت إليه فأحضرته، فلم يزل في مناظرته حتى انقضى الليل، فسمعت خزيمة وهو يقول:
أنشدك الله يا أمير المؤمنين، ألا تكون أول الخلفاء نكث عهده، ونقض ميثاقه، واستخف بيمينه، ورد رأي الخليفة قبله.
فقال: اسكت، لله أبوك، فعبد الله بن خازم كان أفضل منك رأيًا، وأكمل نظرًا حيث يجتمع فحلان في هجمة.
ثم جمع وجوه القواد، فكان يعرض عليهم واحدًا واحدًا ما اعتزمه، فيأبونه، وربما ساعده قوم، حتى بلغ إلى خزيمة بن خازم وشاوره في ذلك، فقال: يا أمير المؤمنين، لم ينصحك من كذبك، ولم يغشك من صدقك، لا تجرئ القواد على الخلع فيخلعوك، ولا تحملهم على نكث العهد فينكثوا عهدك وبيعتك، فإن الغادر مخذول، والناكث مغلول