الجمعة، 21 سبتمبر 2012

أعوانُ الظَلَمَة

يقول الله تعالى [ وَلاَ تَرْكَنُواْ إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُواْ فَتَمَسَّكُمُ النَّارُ وَمَا لَكُم مِّن دُونِ اللّهِ مِنْ أَوْلِيَاء ثُمَّ لاَ تُنصَرُونَ ]

يُروى عن الامام الإمام أحمد بن حنبل، حينما كان مسجوناً في محنة "خلق القرآن" سأله السجان عن الأحاديث التي وردت في أعوان الظلمة، فقال له: الأحاديث صحيحة، فقال له: هل أنا من أعوان الظلمة؟ فقال له: لا، لست من أعوان الظلمة، إنما أعوان الظلمة من يخيطوا لك ثوبك، من يطهو لك طعامك، من يساعدك في كذا، أما أنت فمن الظلمة أنفسهم!



وروي أيضا انه جاء خياطٌ إلى سفيان الثوري فقال: إني رجل أخيط ثياب السلطان (وكان السلطان ظالما)، هل أنا من أعوان الظلمة ؟ فقال سفيان: بل أنت من الظلمة أنفسهم، ولكن أعوان الظلمة من يبيع منك الإبرة والخيوط ..!!

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية  { وقد قال غير واحد من السلف، أعوان الظلمة من أعانهم ولو أنهم لاق لهم دواة أو برى لهم قلما ومنهم من كان يقول بل من يغسل ثيابهم من أعوانهم وأعوانهم هم من أزواجهم المذكورين فى الآية فان المعين على البر والتقوى من أهل ذلك والمعين على الاثم والعدوان من أهل ذلك قال تعالى "من يشفع شفاعة حسنة يكن له نصيب منها ومن يشفع شفاعة سيئة يكن له كفل منها" والشافع الذى يعين غيره فيصير معه شفعا بعد ان كان وترا ولهذا فسرت "الشفاعة الحسنة" باعانة المؤمنين على الجهاد و "الشفاعة السيئة" باعانة الكفار على قتال المؤمنين كما ذكر ذلك ابن جرير وابو سليمان }
تخيلوا حتى لوكنت تقدم القلم للظالم ليكتب به، فأنت من أعوان الظلمة!

الحديث هنا ليس عن الظَلَمَة، بل عن أعوان الظلمة، و الذين لا يقل اثمهم أو عذابهم عن الظلمة، لأنهم لولاهم لما تمكن الظلمة عبر التاريخ من فعل الفظائع. نحن نتذكر دائما الظلمة ، ولكننا ننسى أعوانهم، الجنود المجهولون لحروب الشر ضد الخير، فالأنسان مسؤل أمام الله عن كل ما يفعل، عن كل صغيرة وكبيرة، ولا يقال أن الظالم أمرني بفعل كذا ففعلته، كأن يقول أن الظالم أمرني بقتل فلان أو اغتصاب أمواله ففعلته عبدا مأمورا، لا يقال ذلك. لأن نفسك ومالك  ليست أهم من نفس ومال المظلوم. فأن هددك الظالم، فقل له افعل ما شئت فوالله لا أخطئ في حق انسان لأجلك ابدا. وهذه كلها حالات واضحة، ولكن هنالك حالات قد نبرر فيها نحن البسطاء اعانة الظالم بحجة ان تلك الاعانة ما كانت لتُقدم أو تُؤخر. تأمل معي في حديث الربا حيث يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لعن الله آكل الربا ومؤكله وشاهديه وكاتبه ". (رواه أحمد، وأبو داود، والترمذي وصححه، والنسائي، وابن ماجة).   إذا فكل من يساهم في الربا من قريب أو بعيد ملعون، فما بالك بمن يساهم في الظلم، والظلم أشد وأدهى وأمر.
لذلك فإن ابسط الأمور التي نفعلها للظالم ستكون في ميزان سيئاتنا، حتى ابتسامتنا في وجهه والسكوت على ظلمه. فلا تَخَفْ مِن قول الحق أبدا، فهما علا الظالم وتجبر فالله أعظم منه.