الاثنين، 12 نوفمبر 2012

[ المحدثون بالأجرة ]




حديث : قال البراء بن عازب: اشترى أبو بكر من عازب رحلا، وقال: ابعث معي ابنك فحملته. وفي لفظ: فقال عازب: لا، حتى تحدثنا كيف فعلت ليلة سريت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال أبو بكر: أسرينا ليلتنا ... الحديث



[قال ابن الجوزي رحمه الله ]: قوله: لا، حتى تحدثنا. كان بعض المتأخرين من شيوخ المحدثين الذين لم يذوقوا طعم العلم، فلم يبارك لهم فيما سمعوه لسوء مقاصدهم يحتج بهذا في جواز أخذ الأجرة على التحديث, ولا يبعد من ناقل لا يفهم ما ينقل أن يكون مبلغ علمه الاحتجاج بمثل هذا، فأما من اطلع على سير القوم بفهم، فإنه يعلم أنه ما كان هذا بينهم على وجه الأجرة، فإن أبا بكر لم يكن ليبخل على عازب بالحديث، ولا هو ممن يبخل عليه بحمل الرحل، وإنما هو انبساط الصديق إلى صديقه، فإنه ربما قال له: لا أقضي حاجتك حتى تأكل معي. يحقق هذا أن عازبا من الأنصار، وهم قد آثروا المهاجرين بأموالهم، وأسكنوهم في ديارهم، طلبا لثواب الله عز وجل فكيف يبخل على أبي بكر بقضاء حاجة!
والمهم من الكلام في هذا أن نقول: قد علم أن حرص الطلبة للعلم قد فتر، لا بل قد بطل فينبغي للعلماء أن يحببوا إليهم العلم. فإذا رأى طالب الأثر أن الأستاذ يُباع، والغالب على الطلبة الفقرُ، ترك الطلبَ، فكان هذا سببا لموت السنة، ويدخل هؤلاء في معنى {الذين يصدون عن سبيل الله} . وقد رأينا من كان على قانون السلف في نشر العلم، فبورك له في حياته وبعد مماته، ورأينا من كان على السيرة التي ذممناها، فلم يبارك له على غزارة علمه، فنسأل الله عز وجل أن يرزقنا الإخلاص في الأقوال والأفعال، إنه قريب مجيب


المصدر: [كشف المشكل من حديث الصحيحين (1/ 16) ]