الأحد، 11 نوفمبر 2012

قصة مريم الصنَّاع


من كتاب البخلاء للجاحظ

زوجَّت ابنتها وهي بنت اثنتي عشرة سنة،
فحلتها الذهب والفضة وكستها المروية والوشىْ والقزَّ والخزةَ وعلَّقت المعصفَر، ودقت الطيب،
وعظمت أمرها في عين الختَن، ورفعت من قدرها عند الأحماء.
فقال لها زوجها أنى لك هذا يا مريم؟
قالت: هو من عند الله
قال: فدعى عنك الجُملة وهاتِ التفسير،
والله ما كنت ذا مال قديماً ولا ورثته حديثاً وما أنت بخائنةٍ في نفسك ولا في حال بعلك، إلا أن تكوني قد وقعت على كنـز. وكيف دار الأمر،
فقد أسقطتِ عني مؤنة وكفيتني هذه النائبة.


قالت: اعلم أني منذ يوم ولدتُها إلى أن زوَّجتُها كنتُ أرفع من دقيق كل عَجنة حَفنة
وكنَّا - كما قد علمتَ - نخبزُ في كل يوم مرَّة،
فإذا اجتمع من ذلك مكُّوكُ بعنُه.؟

قال زوجُها ثبَّت الله رأيك وأرشك،
ولقد أسعد الله من كنت له سكناً، وبارك لمن جُعلتِ لهُ إلفاً.
ولهذا وشبهه قال رسول الله صلى الله على وسلم: [من الذود إلى الذود إبل] .
وإني لأرجو أن يخرج ولدكِ على عرقك الصالح،
وعلى مذهبك المحمود. وما فرحي بهذا منك بأشد من فرحي بما يثبت بك في عقبى من هذه الطريقة المرضية.