السبت، 17 نوفمبر 2012

بكاء الحبيب


قال ابن القيِّم :
" وكان بكاؤه تارة رحمة للميت ، وتارة خوفا على أمّته وشفقه عليها ، وتارة من خشية الله ، وتارة عند سماع القرآن ، وهو بكاء اشتياق ومحبة وإجلال مصاحب للخوف والخشية ، ولما مات ابنه إبراهيم دمعت عيناه وبكى رحمة له وقال : « تدمع العين ويحزن القلب ولا نقول إلا ما يرضي ربنا وإنا بك يا إبراهيم لمحزونون » ، وبكى لما شاهد إحدى بناته ونفسها تفيض ، وبكى لما قرأ عليه ابن مسعود سورة النساء ، وانتهى فيها إلى قوله تعالى : ﴿ فَكَيْفَ إِذَا جِئْنَا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ وَجِئْنَا بِكَ عَلَى هَؤُلَاءِ شَهِيدًا [ النساء : 41 ] ، وبكى لما مات عثمان بن مظعون ، وبكى لما كسفت الشمس وصلى صلاة الكسوف ، وجعل يبكي في صلاته وجعل ينفخ ويقول: « رب ألم تعدني ألا تعذبهم وأنا فيهم وهم يستغفرون ونحن نستغفرك » ، وبكى لما جلس على قبر إحدى بناته ، وكان يبكي أحيانا في صلاة الليل.


والبكاء أنواع :
أحدها : بكاء الرحمة والرقة.
والثاني : بكاء الخوف والخشية،.
والثالث : بكاء المحبة والشوق.
والرابع : بكاء الفرح والسرور.
والخامس : بكاء الجزع من ورود المؤلم وعدم احتماله.
والسادس : بكاء الحزن .
والسابع : بكاء الخور والضعف.
والثامن : بكاء النفاق ، وهو : أن تدمع العين ، والقلب قاس ، فيظهر صاحبه الخشوع ، وهو من أقسى الناس قلبا.
والتاسع : البكاء المستعار والمستأجر عليه كبكاء النائحة بالأجرة فإنها كما قال عمر بن الخطاب : تبيع عبرتها وتبكي شجو غيرها .
والعاشر: بكاء الموافقة ، وهو: أن يرى الرجل الناس يبكون لأمر ورد عليهم فيبكي معهم ، ولا يدري لأي شيء يبكون ، ولكن يراهم يبكون فيبكي
" .