الأحد، 24 فبراير 2013

أكرِمْ بجيش رسول الله قائده


سواكب الدمعِ نهواها وتهوانا = ننسى البكاءَ ولكنْ ليسَ ينسانا

يدُ الهمومِ أناختْ فوق كاهلِنا = فما استقلَّت بها أهزاجُ شكوانا

ترمي الحياةُ بنا في حضن لُجتها = أنيسُنا الحزنُ مذ كنّا، ومذ كانا

والموتُ ينهشنا في كل ثانيةٍ = ما هانَ في قبضةِِ الإحصاءِ موتانا

لا نملكُ الوقتَ كيْ نَرويْ مآسيَنا = صرنا لأحزان كل الناسِ أزمانا

في كلّ يوم لنا ذكرى لنائبةٍ = ملّ الزمانُ، وما ملّتْ رزايانا

في كل ربعٍ لنا قتلى مجدّلةٌ = جوفُ الثرى لدِمانا صار صديانا

نغُضّ أعيننا كي لا نرى ألـمًا = يختالُ في دمِهمْ .. ينسابُ حيرانا

يسري ليسألنا بالهمسِ عن زمنٍ = كنّا بروضته للمجدِ أقرانا

كنا ملوكا بكل الأرض سلطتُنا = في الفخر تلبسنا التيجانُ تيجانا

كنا أسودا على الأكوانِ سطوتنا = كأنما الخوفُ في الهيجاء يخشانا

كنا بحارا ملأنا من جواهرنا = مسامع الدهر إيمانا وعِرفانا

كنا جبالا على هاماتها لهَبٌ = يهدي السُّراةَ زرافاتٍ ووحدانا

كنا سيوفا تزف الحتفَ، صارَ لها = عند الوقيعةِ هامُ الكفرِ أجفانا

كنا قصيدا بثغر الدهرِ ينشدهُ = وكان شهدُ العلا وزنا وألحانا

كنا وكُنا .. ولو شئتُ اختصارَ كَلا = مي قلتُ: كنا بحيثُ العز قد كانا

أُقلّب الطرفَ في التاريخِ أسألُهُ = هلْ يا تُرى عرف التاريخُ شروانا؟

وليتَ شعري أفي الأعصار ملحمةٌ = يخُطّها قلم التاريخِ جذلانا

كيوم بدرٍ .. وقد شادتْ بعرْصتهِ = ضياغمُ الحق للتوحيد بنيانا

يومٌ تُوشّي جبينَ الدهرِ غُرَّتُهُ = ويرتدي من حُلاهُ الكونُ عقيانا

وأينعَ الحقُّ في أرجاءِ دوحتهِ = فرعًا سَقتْه عَزالي الصبر، فينانا

قام الرسولُ ونور الوحيِ يُرشده = بالله معتصما، بالحق مزدانا

وقام فتيةُ صدقٍ قال قائِلُهم = (إن شئتَ خُضنا وَراكَ اليَمَّ ملآنا

الصبرُ يعرفنا، والجبنُ يجهلنا = والصِّيدُ تلقى المنايا حين تلقانا

إنْ نُقتلِ اليومَ نَقتلْ منهمُ زمرًا = لا يستوي اليوم قتلاهمْ وقتلانا

أرواحُنا قد دفعناها مهورَ جِنا = ـنِ الخُلدِ نبغي بها روحا وريحانا)

قاموا إلى الحربِ .. عينُ اللهِ تكلأهمْ = وقد تردّوا من الإيمانِ أكنانا

أكرِمْ بجيش رسول الله قائده = يدعو .. فتنقلِبُ الأفلاكُ آذانا

للهِ صوتٌ بأنحاء العَريشِ سَمَا = يقدّم الذلَّ للرحمن قُربانا

وصاحبُ الصِّدقِ من قرْبٍ يناشِدهُ = (بعضَ الدعاءِ .. فنصرُ الله قد حانا)

كانتْ سويعةَ صبرٍ، بعدها انهزمتْ = جحافلُ الكفرِ مُشاءً وركبانا

وسارَ أسْدُ الشرى في إثرهمْ، وبأيـ = ـديهمْ شرابُ الرّدى، قتلا وإثخانا

وحلَّ كلُّ خبيثٍ عينَ مصرَعهِ = ما حادَ عنهُ قليلا، لا ولا بانا

يومٌ تقاسَمَ أهلُ الشركِ حنظلَهُ = قد صار بين الهُدى والغيِّ فُرقانا

يومٌ مضى وانقضى، يا ليتَ أنَّ لنا = في دهرِنا مثلهُ يختال نشوانا !

يا أمتي: هل أرى يوما صوارِمَكمْ = تهمي المنايا بها سَحّا وتَهتانا؟

ويا تُرى هل أرى يوما عزائِمكمْ = قد طَمَّت الكفرَ بالتوحيد طوفانا؟

وهلْ أراكمْ تَؤُمّونَ المعاليَ فُرْ = ـسانًا مدى يومِكمْ .. في الليلِ رُهبانا؟

إني لأرجومن الرحمنِ عزتكُمْ = ولنْ يُخَيِّبَ مضطرّا ولهفانا

قد أوشك الفجرُ أن تبدوْ أشعّتُهُ = تَعُمُّ بالبشرِ أقواما وأوطانا