الخميس، 7 فبراير 2013

غضيض الطّرف عن هفواتي

قال أبو عبد الله الإمام محمد بن إدريس الشافعي رحمه الله :
أحب من الإخوان كلّ مواتي = وكل غضيض الطرف عن عثراتي
يوافقني في كل أمر أريده = ويحفظني حيـاً وبعـد ممــاتي
فمن لي بهذا ؟ ليت أني أصبته = لقاسمته مالي من الحسنـات
تصفحت إخواني فكان أقلهم = - على كثرة الإخوان - أهل ثقاتي
كُلنا يُحب ذلك الموصوف
وكُلنا يُحب أن يُغضّ الطرف عن عثراته وهفواته
لأنه ما مِـنّـا إلا وله من العثرات ما لا يعلمه إلا الله ، وله من الهفوات ما لو نُشر لافتضح أمره
وإذا كُنا كذلك فلنعامل الناس كما نُحب أن نُعامل
قال عليه الصلاة والسلام : من أحب أن يزحزح عن النار ويُدخل الجنة فلتأته منيته وهو يؤمن بالله واليوم الآخر ، وليأتِ إلى الناس الذي يحب أن يؤتى إليه . رواه مسلم .

إن العُذر مطلوب للآخرين كما هو مُلتمس للنفس
فما إن يقع أحدنا في خطأ إلا ويبحث عن الأعذار ليعتذر عن خطأ وقع فيه أو ارتكبه !
فما بالنا لا نلتمس ذلك لإخواننا ؟
وما بالنا لا نطلب لعلمائنا ما نطلبه لأنفسنا ؟

فما إن تبدو لنا زلة مِن عالِم أو هفوة من داعية إلا ونُبادر على نشرها وتطييرها في الآفاق
وربما كانت مكذوبة عليه فنكون ممن يكذب الكذبة فتبلغ الآفاق !
أو ربما كان له عُذراً مقبولاً عند الله وعند الناس
أو ربما كان الخطأ في أعيننا على حد قول القائل :
نعيب زماننا والعيب فينا !

وربما لو وقفنا موقف ذلك العالم لقلنا بما قال بالحرف الواحد دون زيادة ولا نُقصان
لأن تقدير المصالح والمفاسد مرتبط بنظرة الشخص وبزمانه ومكانه .
وربما رأينا - بعد مدة – أن رأيه هو الصواب ، وأننا كُنا على خطأ !
وربما رجع عن رأيه في مسألة ما فكيف لنا الرجوع ؟!

إن العُذر والإعذار محبوب إلى الله وإلى الخلق

ولذا قال عليه الصلاة والسلام : ولا أحد أحب إليه العذر من الله ، ومن أجل ذلك بعث الله المرسلين مبشرين ومنذرين . رواه البخاري ومسلم .
وفي حديث ابن مسعود رضي الله عنه مرفوعاً : وليس أحد أحب إليه العذر من الله ، من أجل ذلك أنزل الكتاب وأرسل الرسل . رواه مسلم .


 عبد الرحمن بن عبد الله السحيم