الخميس، 7 فبراير 2013

أن رجلا تزوج امرأة فأحبها حبا شديدا وأبغضته بغضا شديداً


قال ابن قيم الجوزية في كتابه بدائع الفوائد 3 / 181
فائدة:
وقعت حادثة في أيام ابن جرير وهي أن رجلا تزوج امرأة فأحبها حبا شديدا وأبغضته بغضا شديدا فكانت تواجهه بالشتم والدعاء عليه فقال لها يوما: أنت طالق ثلاثا لا تخاطبيني بشيء إلا خاطبتك بمثله فقالت له في الحال: أنت طالق ثلاثا بتاتا، فأبلس الرجل ولم يدر ما يصنع فاستفتى جماعة من الفقهاء فكلهم قال: لا بد أن تطلق فإنه إن أجابها بمثل كلامها طلقت وان لم يجبها حنث وطلقت فإن بر طلقت وإن حنث طلقت. فأرشد به إلى ابن جرير فقال لها: "امض ولا تعاود الأيمان وأقم على زوجتك بعد أن تقول لها: أنت طالق ثلاثا إن أنا طلقتك فتكون قد خاطبتها بمثل خطابها لك فوفيت بيمينك ولم تطلق منك لما وصلت به الطلاق من الشرط" فذكر ذلك لابن عقيل فاستحسنه وقال: "وفيه وجه آخر لم يذكره ابن جرير وهو أنها قالت له: أنت طالق ثلاثا بفتح التاء وهو خطاب تذكير فإذا قال لها أنت بفتح التاء لم يقع به طلاق".
قلت: وفيه وجه آخر أحسن من الوجهين وهو جار على أصول المذهب وهو تخصيص اللفظ العام بالنية كما إذا حلف لا يتغدى ونيته غذاء يومه قصر عليه، وإذا حلف لا يكلمه ونيته تخصيص الكلام بما يكرهه لم يحنث إذا كلمه بما يحبه ونظائره كثيرة وعلى هذا فنياط الكلام صريح أو كالصريح في أنه إنما أراد لا تكلم بشتم أو سب أو دعاء أو ما كان من هذا الباب إلا كلمها بمثله ولم يرد أنها قالت له اشتر لي مقنعة أو ثوبا أن يقول لها اشترى لي ثوبا أو مقنعة، وإذا قالت له لا تشتر لي كذا فإني لا أحبه أن يقول لها مثله هذا مما يقطع أن الحالف لم يرده فإذا لم يخاطبها بمثله لم يحنث وهكذا يقطع بأن هذه الصورة المسؤول عنها لم يردها ولا كان بساط الكلام يقتضيها ولا خطرت بباله وإنما أراد ما كان من الكلام الذي هيج يمينه وبعثه على الحلف ومثل هذا يعتبر عندنا في الأيمان