الأربعاء، 6 فبراير 2013

من بديع الشعر ولطيف تشبيهه



قال ابن عبد ربه في العقد الفريد


وقد يأتي من الشعر ما هو خارج عن طبقة الشعراء مُنفردٌ في غرائبه وبديع صنعته ولطيف تَشْبيهه كقول جعفر بن جِدار كاتب ابن طُولون‏:‏


(موضوع القصيدة التشوق إلى حبيبة له من أهالي مدينة (بم) التي ضربها الزلزال المروع يوم (26/ 12/ 2003هـ)

وطَفْلة رَخْصة المَدارِي لَيست تُحَلّى ولا تُسمى
إلا بسِلْك من اللآلى يُعْجِز من يُخرج المُعمَى
صُغرى وكُبرى إلى ثلاثِ مثل التّعاليل أو أتَمَّا
وكم ببَم وأرض بَمّ وكَم بِرَمّ وأرْض رَمّا
من طَفلة بَضَة لَعوب تلقاك بالحُسن مستتما
مُنهن رَيّا وكيف رَيّا ريا إذا لاقت المَشَما
لو شمها طائر بَدوٍّ لَخَرّ في التُرب أولَهَمّا
تَسحب ثوبين من خَلْوق قد أفنيا زعفران قُمّا
كأنما جلّيا عليها من طِيب ما باشرَا وشَما
فأَلفيا زعفران قُم فانغمسا فيه واستحمِّا
فهي نظير اسمها المُعلَّى يقوح لامِرْطها المُدَمَّا
هيهاتَ يا أختَ آل بَمِّ غَلطت في الاسم والمُسمَّى
لو كنت ممن لكنت مِمّا لكنّني قد كَبرتُ عَمّا
عاتبني الدهرُ في عِذاري بأحرُف فارعويت لمّا
قُوّس ما كان مستقيماً وأبيضّ ما كان مُدّلهمّا
وكيف تَصبو الدُّمى إلى مَنِ كان أخاً ثم صار عَمّا
بي عنكِ يا أختَ أهل بَمَ شُغْل بما قد دنا مُهِمّا
فلستُ من وجهك المُفدَّى ولستُ من قَدّك المُحمّى
أذهلني عنك خوفُ يوم يحيا له كل من ألمَّا
ما كسَبتْه يداي وَهْنا خيراً وشرًّاً أصبت ثَما
تُحشر فيه الجنان زَفًّا وتُحشر النَار فيه زَمّا
تقول هذي لَطالبيها هَيتَ وهذي لهم هَلُمّا
نَفسيَ أولى بأنْ أذُمّا مِن أمرها كل ما استُذمّا
يا نفسُ كم تُخدعين عَمّا بلُبس داج وأكل لمّا
في حُفرة ما يُحير حَرفاً قد دكّ من فوقها وطما
والمُزَنَيّ الذيَ إليه نَعشو إذا دَهرُنا ادلهما
أخفى فؤادي له عَزائي لكنْ زَفيري عليه نَمَا
كأنما خُوِّفا فخافا أو حذَرا كاساهما فصما
أقبل سَهْم من الرَّزايا فخَصَ أعلامنا وعَمَّا
دَكدك منّا ذُرَا جبال شامخة في السماء شما
وَحصَنا دون مَنْ عليها وزاد همًّا بنا وغما
قد قَرُب الموتُ يا بنَ أما فبادر المَوت يا بن أما
واعلم بأنَّ من عصاك جهلا مِن التُقى لم يُطعك هِمّا
هو الهُدى والرَّدى فإمَّا أتيت آتى الردى وإما
ها أنذا فَاعتبر بحالي في طَبق مُوصَد مُعَمَّى
قد أسكنتني الذُّنوب بيتاً يخاله الإلف مُستحما
أو ابحثي عن فُل بن فُل تَرَيْه تحت التراب رِمّا
لبئس عَبْد يروح بَغْياَ مع المَساوي تراه دَوْما
في غَمرة العَيش لا يُبالي أحمده الجارُ أمْ أَذَمَّا
كم بين هذا وبين عبد يغدو خميصَ الحشى هضمّا
يقطع آناءه صلاةً ودهره بالصلاح صوْمَا
إنّ بهذا الكلام نُصحاً إن لم يوافِ القلوب صُمّا
يا رب لِي ألفُ ذَنب إن تعفُ يا رب فاعفُ جَمّا
فأبْرِد بعفوٍ غليلَ قَلب كأنّ فيه رسيسَ حُمَى