الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

قول : لولا فلان لغرقت أو هلكت


الحمد الله والصلاة والسلام علي رسول الله وعلي آله وسلم أجمعين وبعد
قال الشيخ العثيمين رحمه الله تعالي في شرحه لحديث شفاعة النبي صلي الله عليه وسلم لعمه أبي طالب .
(وفي حديث أبي طالب من الفوائد :
1- أنه يجوز إسناد الشئ إلي قائله لقوله ( فأخرجته إلي ضحضاح ) مع أن الذي أخرجه الرب عز وجل .
2- أنه يجوز إسناد الشئ إلي سببه .بلفظ لولا لقوله : « لولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار » والشاهد قوله ( لولا أنا ).
وعلي هذا فيجوز أن أقول :
لو لا فلان لمت كأن يكون رجل سقط في النهر فجاء إنسان فاستنقذه من الغرق فيجوز أن يقول : لو لا فلان لغرقت أو هلكت أو ما أشبه ذلك ؛ لأن هذا الذي أنقذه سبب ظاهر معلوم وإضافة الشئ إلي سببه الظاهر المعلوم لا يمكن أن تأتي الشريعة بمنعه ؛ لأنه يوافق الفكر ويوافق العقل كما أخبر الله تعالي في القرآن – في آيات كثيرة – أن أهل الجنة يجزون بسبب أعمالهم ومأشبه ذلك فهذا لا بأس به .
أما إذا أضيف إلي سبب موهم – ليس معلوم – أو أضيف إلي سبب يعلم بطلانه فإن هذا لا يجوز .

مثال الأول : ما يحصل عند كثير من الناس من إضافة السبب المباشر إلي سببه الموهم كقول بعضهم : لو لا كذا لحصل كذا وهو سببا له مثل أن يلبس قلادة عن العين ويقول : لو لا هذه القلادة لأصابتني العين فهذا لا يجوز لأن هذا موهم .
مثال الثاني : أن يقول : لو لا فلان الميت لهلكت فهذا أيضا لا يجوز بل هذا شرك أكبر لأن السبب هنا يعلم بطلانه فالأقسام إذن ثلاثة :
القسم الأول : أن يضاف السبب إلي شئ معلوم
القسم الثاني : أن يضاف السبب إلي شئ موهم
القسم الثالث : أن يضاف السبب إلي شئ معدوم
فإن قال قائل : ماتقولون فيما رواه ابن أبي حاتم عن ابن عباس –ما – أنه قال : إن من التنديد قول الإنسان : لو لا البط في الدار لأتانا اللصوص ؟
فنقول : إن السلف الصالح –إذا صح الأثر – يشددون في سد ذرائع الشرك حتى لا يقع أحد في ذلك وحتى لا يتوهم واهم أن البط هي التي تطرد اللصوص بنفسها وإلا فإن ابن عباس ما لا يمكن أن ينكر السبب المعلوم .
والبط في البيت عادة إذا جاء إنسان أجنبي تصرخ وتصيح لتنبه أهل البيت ولهذا تري الكلاب – التي يجوز اقتناؤها – إذا جاء الرجل الأجنبي شرعت في نباحها حتى يستيقظ صاحبها .
فهذا لا يمكن أن ينكر لكن السلف – كما تقدم – يحرصون غاية الحرص ويشددون غاية التشديد في سد ذرائع الشرك .
ولدينا في هذا الباب عبارات فلننظر أيها أصح ؟
الأولي : لو لا أن الله أنقذني بفلان لهلكت هذه صحيحة وهي من أحسن العبارات
الثانية : لو لا أن فلان أنقذني لغرقت هذا صحيح – إذا كان أنقذه حقيقة – أما إذا كان ميتا فهذا لا يجوز
الثالثة : لولا الله ثم فلان لغرقت فهذه جائزة
الرابعة : لولا الله ففلان لغرقت فهذه بين بين
الخامسة :لو لا الله وفلان فهذه غير جائزة لأنك شركت الله تعالي مع فلان بحرف يقتضي التسوية وهذا لا يجوز والله أعلم .

انتهي من التعليق علي صحيح مسلم ص725