الأربعاء، 19 ديسمبر 2012

أخطاء شائعة و مألوفة لا صلة لها بلغة الضّاد


بسم الله و الحمد لله و صّلاة و السّلام على رسول الله


جلب انتباهي كتاب فريد و ماتع يساعد على تقويم اللّسان و القلم العربيين من كلّ المحدثات التي لا علاقة لها باللّغة العرب من ألفاظ و استعمالاتها و تراكيبها... فأردت أن أختار في كلّ مرّة فريدة من فرائد هذا الكتاب الذي سمّاه صاحبه "تقويم اللّسانين"
يقول صاحبه تقيّ الدّين الهلالي* رحمه الله :

[
المراد باللسانين - اللسان والقلم، فإن العرب تقول: القلم أحد اللسانين. والمقصود هنا إصلاح الأخطاء التي تفاقم أمرها في هذا الزمان حتى أصبحت مألوفة عند أكثر الخاصة بَلْهَ العوام، فشوهت وجه اللسان العربي المبين، ورنقت صفو زلاله المعين، مما يسوء كل طالب علم، يحرص على حفظ لغة القرآن، وصيانتها من الإفساد والتشويه، والعبارات الجافية التي تشين جمالها، وتذهب ببهائها.

ولم يزل علماء اللغة معتنين بهذا الموضوع، باذلين جهدهم في تنظيف الإنشاء العربي من الألفاظ الدخيلة، والتعابير الثقيلة.

وقد ألف في ذلك الإمام أبو محمد القاسم بن علي الحريري كتاباً نفيساً سماه:(درة الغواص في أوهام الخواص) وهو مطبوع متداول. وألف الشهاب الخفاجي كتاب (شفاء العليل في العامي والمولَّد والدخيل). وألف الشيخ إبراهيم اليازجي الناقد البصير كتاباً سماه:(لغة الجرائد) وألف الأديب أسعد داغر في ذلك كتاباً سماه (تذكرة الكاتب).

وقد بدا لي أن أكتب مقالات في هذا الموضوع، أداء لواجب لغة الضاد، وصوناً لجمالها من الفساد، راجياً أن ينفع الله بما أكتبه تلامذتي في الشرق والمغرب وفي أوربا، وأنا على يقين أنهم يتلقون ما أكتبه بشوق وارتياح. وكذلك رفقائي الكُتَّاب المحافظون سيستحسنون ذلك. أما الكُتَّاب الذين يكرهون التحقيق ويرخون العنان لأقلامهم بدون تبصر ولا تمييز، بين غث وسمين، وكدر ومعين، فإنهم سيستثقلون هذا الانتقاد، وقد يعدونه تكلفاً وتنطعاً، وتقييداً للحرية – بزعمهم – فلهؤلاء أقول: إني لم أكتب لكم، فما عليكم إلا أن تمروا على ما أكتب مرور الكرام، وتدعوه لغيركم الذين يقدرونه حق قدره، وهذا أوان الشروع في المقصود، وبالله أستعين، فهو نعم الناصر ونعم المعين.
] ص 9-10 من كتاب تقويم اللّسانين


فترة:
شاع استعمال الفترة في هذا الزمان في وقت العمل فيقولون: فترة الصباح، وفترة الظهيرة، وفترة المساء، يريدون بذلك زمان العمل. قال البيضاوي في قوله تعالى ﴿ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ قَدْ جَاءَكُمْ رَسُولُنَا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلَى فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ ﴾ [سورة المائدة: 19 ] أي جاءكم على حين فتور من الإرسال وانقطاع من الوحي.اهـ

قال ابن منظور في لسان العربي: والفترة: ما بين كل نبيين. وفي الصحاح: ما بين كل رسولين من رسل الله عز وجل من الزمان الذي انقطعت فيه الرسالة. وفي الحديث: فترة مابين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام. اهـ

ومن ذلك تعلم أن الفترة ليست وقت العمل، بل هي ما بين عملين: فالوقت الذي لا يكون فيه عمل، هو الذي يجب أن يسمى فترة، وقد عكسه عامة الكتاب والمذيعين. ومن سوء الحظ أن أكثر الناس في هذا الزمان لا يتعلمون الإنشاء في مدارس اللغة العربية ولا في كتب اللغة العربية، وإنما يتلقونه من الإذاعات والصحف، فكل خطأ يشيع في هذين المصدرين، تنطلق به الألسنة والأقلام بدون تفكير ولا تمييز، وربما استعمله بعض كبار الأساتذة الذين يرجى منهم المحافظة على صحة الاستعمال، وجمال اللغة العربية، وتنقيتها من المولد والدخيل الذي لا حاجة إليه.

 انتهى [ تقويم اللّسانين ص 14 ]