الأحد، 9 ديسمبر 2012

حوارٌ بين عاِلم وتلميذِه

السلام عليكم ورحمة الله تعالى وبركاته


***

ـ سأل عالمٌ تلميذَه: منذ متى صحبتني؟

ـ فقال التلميذ: منذ ثلاثةٍ وثلاثين عاما.

فقال العالم للتلميذ: فماذا تعلمت في هذه الفترة؟

قال التلميذ: ثمانيّ مسائل.

قال العالم: إنا لله وإنا إليه راجعون، ذهب عمري معك ، ولم تتعلم إلا ثمانيّ مسائل!؟

قال التلميذ: يا أستاذ لم أتعلم غيرَها، ولا أحبُ أن أكذبَ.

فقال الأستاذ: هاتِ ما عندك لأسمع،

قال التلميذ:... 


ـ الأولى : أنّي نظرتُ إلى الخلقِ فرأيتُ كلَّ واحدٍ منهم يُحبُ مَحبُوبًا، فَإِذَا ذَهَبَ إِلَى القَبرِ فَارَقَهُ مَحبُوبُه، فَجَعَلْتُ الحَسَنَاتِ مَحْبُوبِي، فَإِذَا دَخَلتُ القَبرَ دَخلتْ مَعَي.

الثانية: أنّي نظرت إلى قول الله تعالى: (وَأَمَّا مَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ وَنَهَى النَّفْسَ عَنِ الْهَوى،فَإِنَّ الْجَنَّةَ هِيَ الْمَأْوى )[النازعات]، فَأَجْهَدْتُ نَفْسِي فِي دَفْعِ الهَوَى حَتَى اسْتَقَرْتْ عَلَى طَاعَةِ اللَّهِ. 

 الثالثة: أنّي نظرت إلى الخلق فرأيت كلَّ مَن معه شيء له قيمةُ حفظه حتى لا يضيع، فنظرت ـ إلى قوله تعالى :" مَا عِنْدَكُمْ يَنْفَدُ وَما عِنْدَ اللَّهِ باقٍ" [النحل]؛ فكلما وقع في يدي شيء ذو قيمةٍ وجّهته ليحفظه عنده

الرابعة : أني نظرت إلى الخلق فرأيت كلا يتباهى بماله أو حسبه أو نسبه ، ثم نظرت إلى قوله تعالى: " إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ " [الحجرات]؛ فلزمت التقوى حتى أكون عند الله كريما.


الخَامِسَةُ: أَنِّي نَظَرْتُ فِي الخَلْقِ وَهُمْ يَطْعَنُ بَعْضُهُمْ فِي بَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا، وَأَصْلُ هَذَا كُلِهَ : الحَسَدُ، ثُمَّ نَظَرْتُ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى : " نَحْنُ قَسَمْنا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا" [الزخرف]، فَتَرَكْتُ الحَسَدَ وَاجْتَنَبْتُ النَّاسَ وَعَلِمْتُ أَنَّ القِسْمَةَ مِنْ عِنْدِ اللهِ.


السادسة: أنّي نظرت في الخلق يُعادي بعضُهم بعضًا ، ويبغي بعضهم على بعضٍ، ويقاتل بعضُهم بعضًا، ونظرت إلى قوله تعالى : " إِنَّ الشَّيْطانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّافتركت عداوة الخلق وفرغت لعداوة الشيطان وحده.
  

السابعة: أني نظرت إلى الخلق فرأيت كل واحدٍ منهم يُكابد نفسه وبذلها في طلب الرزق، حتى أن يدخل فيما لا يحل له، ونظرت إلى قول الله ـ عز وجل ـ : " وَما مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ عَلَى اللَّهِ رِزْقُها " [هود].فعلمت أنّي واحدٌ من هذه الدواب، فاشتغلتُ بما لله علي وتركت مالي عنده

الثامنة: أنّي نظرت إلى الخلق فرأيت كل مخلوق منهم متوكل على مخلوق مثله. هذا على ماله ، وهذا على صنعته ، ونظرت إلى قوله تعالى: "وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ"[الطلاق، 3]. فتركت التوكل على الخلق واجتهدت في التوكل على الله.